سياسة

مجلس حقوق الإنسان الدولي يحذر من خطورة تجنيد الأطفال بتندوف.. وخبير: الجزائر مسؤولة

حقوق الإنسان للأمم المتحدة

كشفت تقارير صادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خلال دورته 65 المنعقدة بجنيف سويسرا من 18 يونيو إلى 12 يوليوز، النقاب عن واقع “مروع” لتجنيد الأطفال في مختلف أنحاء العالم، حيث يتم استغلالهم كأدوات حرب وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الأمان والتعليم.

وتشير هذه التقارير، وفقا لصحيفة صحيفة “جوفيم بان”، إلى أرقام صادمة تُظهر تفاقم هذه الظاهرة، خاصة في بعض الدول مثل كولومبيا في أمريكا اللاتينية، ومخيمات تندوف في الجزائر، حيث يتحول الأطفال إلى ضحايا للصراعات المسلحة ونزاعات القوة.

وقدمت الصحيفة معطيات مقلقة حول الأطفال المجندين في منطقة تندوف، جنوب الجزائر، حيث يتعرضون لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ويُجبرون على حمل السلاح والانضمام إلى عصابات منظمة منذ سن مبكرة، مما يُهدد مستقبلهم ويُفقدهم طفولتهم.

وتُسلط هذه التقارير الضوء على الظروف اللاإنسانية التي يعيشها الأطفال في مخيمات تندوف، واصفة إياها بـ “مراكز احتجاز غير قانونية”. كما تُدين الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان التي يتعرضون لها، بما في ذلك حرمانهم من الجنسية، واستغلالهم عسكريًا، وتجنيدهم.

ووثق التقرير الارتفاع المقلق لهذه الممارسة في أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك كولومبيا في أمريكا اللاتينية، وجنوب جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومخيمات تندوف في جنوب الجزائر، وجنوب السودان في إفريقيا، وسوريا وأفغانستان في آسيا، حيث يتم استغلال الدول المجاورة لتدريب القاصرين على استخدام الأسلحة.

محمد سالم عبد الفتاح، باحث في شؤون الصحراء، أوضح أن ظاهرة تجنيد الأطفال بتندوف تكتنف العديد من المخاطر، التي لا تقتصر على الجانب الاجتماعي والنفسي للأطفال، الذين يتم عزلهم عن أسرهم ليتم بذلك ضرب اللبنة الأساس للمجتمع وهي الأسرة، إلا أنها تشمل إقحامهم في معسكرات التهريب وتعرضهم لعقوبات عسكرية ناهيك عن خوضهم تداريب شاقة واستغلالهم في أعمال السخرة.

وأضاف المحلل السياسي، أن هؤلاء الأطفال يتم تلقينهم خطاب الكراهية مع حثهم على العنف ما يجعل منهم لقمة سائغة في يد الخطاب الانفصالي والعصابات المنظمة والجماعات المتطرفة.

وشدد سالم، على أن هذه الممارسات تورط الجزائر كونها الدولة المعنية بما يحصل، وبتطبيق كافة الالتزامات الموقعة من قبل قبلها وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل، خاصة وأن الانتهاكات تمارس داخل التراب الجزائري بسبب تنكر الأخيرة للحقوق الأساسية لقاطني مخيمات تندوف، بذريعة تفويض غير قانوني لسلطاتها لصالح جبهة البوليساريو الانفصالية فيما يخص تدبير تلك المفاوضات.

واعتبر رئيس المركز الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن تغييب ولايتها القضائية، يكرس العديد من الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك تجنيد الأطفال ونقلهم وعرضهم للتبني داخل العديد من دول الاتحاد الأوروبي.

وأشار سالم إلى أن تجنيد الأطفال داخل تندوف يدخل في إطار العلاقة الوطيدة بين المشروع الانفصالي والجماعات المتطرفة المنتشرة داخل بلدان الساحل، بحيث أن عملية تجنيد الأطفال تسهل من طرف تلك الجماعات كون أنها متواجدة داخل المخيمات، ناهيك عن تقاطع أجنداتها مع الجبهة الانفصالية فيما يتعلق برعاية مجموعة من الأنشطة غير القانونية.

وفي مقدمة هذه الأنشطة، يقول المتحدث: تهريب المساعدات الإنسانية، والسلاح والمحروقات، إلى جانب رعاية أنشطة أخرى من قبيل الاتجار في البشر والمخدرات وغيرها من الأنشطة غير القانونية.

وسجل المختص في شؤون الصحراء، أن الجماعات المسلحة المنتشرة في بلدان الساحل تستهدف هؤلاء الأطفال، بحكم افتقارهم للمهارات الأساسية التي تمكنهم من ولوج سوق الشغل والمبادرات الخاصة، مع اقتصار تكوينهم على المهارات القتالية والعنف والسلاح، ما يسهل استقطابهم من قبل هذه الجماعات ما يعرضهم لولوج جبهات قتال وتوتر لا علاقة لهم بها.

وبالعودة إلى التقارير الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في دورته 65، شدد دانيال هاينر، الدبلوماسي السويسري، على الحاجة الملحة لأوروبا لمواجهة تجنيد الأطفال، بالنظر إلى خبرتها في الحروب الماضية، محذراً من الخطر الذي يشكله جنود الأطفال على الأمن، وطالب باتخاذ خطوات للقضاء على هذه الآفة.

كما ناشد الخبراء بالإجماع المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء هذه الممارسات المدمرة وتعزيز السلام والأمن للأجيال القادمة، وشددوا على المسؤولية الجماعية لحماية الفئات الأكثر ضعفاً وضمان عدم إجبار المزيد من الأطفال على تحمل عبء النزاعات المسلحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *