أما بعد

أما بعد.. الذكرى الفضية لعيد العرش.. الملك يفتح صفحة جديدة للمصالحة

تكللت الذكرى الخامسة والعشرين لتولي الملك محمد السادس للعرش، بالعفو عن صحافيين ومدونين لطالما صنفتهم التقارير الحقوقية في خانة “معتقلي الرأي” بالرغم من اختلاف التهم الموجهة لهم، وتزينت المناسبة بمظاهر الفرحة والارتياح التي صاحبت هذا العفو الملكي خصوصا عن الثلاثي توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي، وغطى الحدث على مختلف الأخبار والأنشطة المواكبة للعيد الوطني، وسط إجماع شعبي ومهني على التنويه بالالتفاتة الملكية السامية ومبادرته الطيبة والتي يمكن اعتبارها تدشينا لمرحلة جديدة من أجل مغرب أفضل سياسيا وحقوقيا.

العفو الملكي عن صحافيين ونشطاء حقوقيين وطي صفحة اعتقالهم، عادت بأذهاننا إلى أول خطاب للملك محمد السادس بعد توليه العرش عام 1999 حين قال “وإننا نحمد الله على أن سياستنا الداخلية بارزة المعالم واضحة السمات وأن المطلوب هو ترسيخها ودعمها. لذا فنحن متشبثون بها أعظم ما يكون التشبث بنظام الملكية الدستورية والتعددية الحزبية والليبرالية الاقتصادية وسياسة الجهوية واللامركزية وإقامة دولة الحق والقانون وصيانة حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية وصون الأمن وترسيخ الاستقرار للجميع”.

وهو ما يعني أن الملك محمد السادس يضع ثلاثية “إقامة دولة الحق والقانون” و”صيانة حقوق الإنسان” و”الحريات الفردية والجماعية” على رأس أولويات ممارسته للحكم، وهو ما تم التعبير عنه بعد ذلك بحزمة مبادرات وإجراءات من الإنصاف والمصالحة مرورا بالإصلاحات الدستورية إلى غاية ترؤس مجلس حقوق الإنسان، ثم تكللا وتتوج بالعفو الملكي المذكور والذي نتمنى استكماله بالعفو عن نشطاء حراك الريف.

إن اختيار الملك محمد السادس لذكرى ربع قرن من أجل طي ملفات الصحافيين والمدونين والحقوقيين المعتقلين، باختلاف انتماءاتهم وإيديولوجياتهم وخطوطهم التحريرية بل وحتى تاريخ قضياهم دون التفريق بين معتقل حديث أو منذ سنوات، أو بين محكوم عليه بمدة طويلة أو قصيرة، تأكيد على أن المغرب متجه نحو مرحلة جديدة عنوانها المصالحة الحقوقية والانفراج السياسي، بما يلائم مكانته في المنتظم الدولي الذي بوأه رئاسة مجلس حقوق الإنسان، وبما يحقق روحا جماعية قادرة على احتواء الاختلاف والدفع بمسار التنمية وترسيخ دولة الحق والقانون، خصوصا إذا ما تم وضع هذا العفو في سياق الحملة المتواصلة على ناهبي المال العام والمسؤولين المتهمين بالفساد وعصابات المخدرات والمال الحرام، وكذا وضعه في سياق التعديلات القانونية الكبرى المفتوحة اليوم (مدونة الأسرة، القانون الجنائي، المسطرة المدنية، المسطرة الجنائية… الخ)، وهي القوانين التي تضم ركائز وأسس حفظ حقوق الإنسان.

ثم إن مبادرة الملك محمد السادس التي كانت مفاجئة للرأي العام بالقدر الذي كانت به أملا وحلما ومنتظرة،  فإنها رسالة مباشرة لمختلف المسؤولين العموميين بمختلف مستوياتهم، مفادها أن المغرب يمر إلى سرعة جديدة في ترسيخ ثلاثية الخطاب الأول للعرش عام 1999 (“إقامة دولة الحق والقانون” و”صيانة حقوق الإنسان” و”الحريات الفردية والجماعية”)، وهو ما يستوجب الانخراط التام فيها والتخلي عن كل مظاهر أخطاء الماضي وما من شأنه عرقلة هذا المسار أو الإساءة إلى المغرب، وتركه متذيلا في أسفل ترتيب التصنيفات والتقارير الدولية الحقوقية بالرغم من كون الواقع أفضل بكثير من مضامين هذه التقارير، لكن بعض الأخطاء غير المحسوبة العواقب تتيح الفرصة للمتحاملين على المغرب وبعضها الآخر يؤثر على “المؤشرات” المعتمدة في هذه التصنيفات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مغربي مع وقف التنفيذ
    منذ شهرين

    الصفحةالجديدة لن تفتح الا باطلاق سراح جميع المعتقلين الريفيين الذين حوكموا ظلما وعدوانا بعشرات السنين فقط لانهم ثاروا ضد الظلم والتهميش والحكرة ، اللهم الا اذا كنتم لا تعدوهم من المغاربة فابدؤوا آنذاك صفحتكم كما شئتم وبما شئتم