اقتصاد، مجتمع

التسويق الهرمي.. شبكات تستدرج ضحاياها بطعم الربح السريع وتبيعهم الوهم

يشهد العالم، وضمنه المغرب، انتشاراً واسعاً لظاهرة التسويق الهرمي التي تستهدف جيوب المواطنين وتستغل طموحاتهم لتحقيق مكاسب سريعة وسهلة، وهي الظاهرة، التي تتخذ صوراً مختلفة ومتعددة، باتت تشكل تهديداً حقيقياً للاقتصاد الوطني ولأمن المواطنين.

يتضمن التسويق الهرمي مجموعة من الممارسات الاحتيالية التي تعد بضخ أموال طائلة للمشاركين مقابل تجنيد أعداد كبيرة من الأشخاص للانضمام إلى الشبكة، حيث يتم إغراء الضحايا بوعود أرباح خيالية وفرص ذهبية، مما يدفعهم إلى استثمار أموالهم دون دراسة جدوى أو تحري عن مدى مصداقية هذه العروض.

هذا، ووقع العديد من المغاربة ضحية هذه الممارسات الاحتيالية، وخسروا مدخراتهم وأموالهم التي كانوا يأملون في تحسين أوضاعهم بها.

عملية نصب واحتيال

فاطمة الزهراء، واحدة من هؤلاء الضحايا الذين وجدوا أنفسهم في دوامة من الأحلام الوردية والوعود الكاذبة التي انتهت بها إلى فقدان أموالها وجهودها على مدار سنة كاملة.

وفي حديثها لـ “العمق”، تروي فاطمة قصتها التي بدأت بشركة احتيالية تعتمد على تقنية التسويق الهرمي، مدعيةً أنها السبيل نحو تحقيق الأرباح السريعة.

“لقد تعاملت مع هذه الشركة لمدة سنة واحدة”، تقول فاطمة الزهراء، مضيفةً بصوت يملؤه الأسى: “كانت البداية تبدو واعدة، دفعنا الأموال مقابل شراء سلع معينة، وكانوا يظهرون لنا يوميًا الأرباح التي حققناها، لكن الحقيقة كانت بعيدة كل البعد عن ذلك، إذ لا يمكن سحب هذه الأموال إلا إذا قمنا بإدخال أشخاص جدد في النظام، وهو الأمر الذي أدى إلى خسارة المزيد من الناس لأموالهم”.

أرباح مزيفة

وأوضحت المتحدثة “لقد اتخذنا العديد من الإجراءات القانونية، وقمنا بتوكيل محامٍ للنظر في قضيتنا، لكن دون جدوى”، تقول بنبرة تعكس الأمل الممزوج بالمرارة.

وحسب المتحدثة، فإن صاحب الشركة تم إلقاء القبض عليه إلا أنه أطلق سراحه بعد فترة قصيرة، مع وعود جديدة بأنه سيعمل على دفع الأموال المتبقية، لكن حتى الآن، لم يتم دفع أي تعويضات تذكر.

وتقول فاطمة الزهراء بحسرة، لقد كنا وقودًا لهذه الآلة التي تطحن الفقراء، فالأشخاص في قمة الهرم هم من يحققون الأرباح الطائلة، بينما نحن، في القاعدة، نخسر أموالنا وأحلامنا”.

أسلوب احتيالي

في هذا السياق أكد المحلل الاقتصادي الطيب أعيس تفشي ظاهرة التسويق الهرمي، موضحا أنها إحدى الأساليب الاحتيالية التي تستهدف شريحة كبيرة من الناس.

وحسب المتحدث فإن هذا النوع من الاحتيال لا يقتصر على شخص واحد بل يمتد ليشمل فئة واسعة من الضحايا، مما يجعله أكثر خطورة وانتشارًا.

وأشار أعيس إلى أن هذه الشركات تأتي عادة من الخارج، مدعيةً أنها تسعى لتسويق سلعة أو خدمة معينة، إلا أن الهدف الحقيقي وراء هذه العروض ليس تسويق المنتجات، بل الاحتيال على أكبر عدد ممكن من الأشخاص، مضيفا أن هذه الشركات تعتمد على أسلوب ذكي ومخادع لجذب الضحايا.

وشرح المحلل الاقتصادي كيف تقوم هذه الشركات بطلب من الضحية الأولى شراء سلعة أو خدمة معينة بمبلغ محدد، مع تقديم وعود بأرباح تصل إلى 100%، كما تُغري الضحية بمضاعفة أرباحها في حال تمكنت من استقطاب أشخاص آخرين للانضمام إلى هذا المشروع.

وتدفع هذه الوعود المغرية حسب المتحدث الضحية إلى استقطاب المزيد من الأشخاص، حيث يقوم كل شخص جديد بدفع مبلغ معين حسب ما هو مطلوب، مما يحقق أرباحًا لكل من شارك في البداية.

عمليات غير قانونية

ومع تحقيق هذه الشركات لمبالغ مالية ضخمة، تقوم بمغادرة البلاد دون دفع المستحقات للأشخاص المنخرطين في المشروع، مما يترك الضحايا في مواجهة صعبة.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذه العمليات تُعد من الناحية القانونية عمليات نصب واحتيال، خاصة وأن هذه الشركات تعمل على عدم ترك أي أثر وراءها، وغالبًا ما تغادر البلاد قبل أن تُكتشف أنشطتها غير المشروعة.

وفي ختام تصريحه، دعا الطيب أعيس إلى توخي الحذر وعدم الانجرار وراء هذه العروض المغرية، مشددًا على أهمية التحقق من مصداقية الشركات قبل التعامل معها، لتجنب الوقوع في فخاخ الاحتيال الهرمي.

قانون يجرم

جدير بالذكر أن المادة الـ58 من القانون رقم 31.08 تنص على منع أي شكل من أشكال البيع الهرمي أو الممارسات التي تشبهه، والتي تتضمن تقديم وعود كاذبة للمستهلكين بغرض بيع منتجات أو خدمات، سواء كانت مجانية أو بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، أو ربط عملية البيع بشروط إضافية مثل شراء سندات أو تذاكر أو دفع اشتراكات.

كما منع القانون صراحة أي عمل يقصد منه حث المستهلك على جمع اشتراكات أو الانضمام إلى قوائم، وذلك بغرض تحقيق أرباح مالية تعتمد على زيادة عدد المشتركين بطريقة هندسية.

وحددت المادة 183 العقوبات المترتبة على مخالفة أحكام المادة 58، وهي الحبس لمدة تتراوح بين شهر وسنة وغرامة مالية تتراوح بين 20 و40 ألف درهم. كما تجيز هذه المادة للمحكمة الحكم برد المبالغ التي دفعها الزبائن المتضررون من هذه المخالفة، وذلك لضمان ردع المخالفين وحماية حقوق المستهلكين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد
    منذ 4 أسابيع

    اصحاب التسويق الشبكي الهرمي كلهم نصابة و مجرمين...