وجهة نظر

لا وجود لشعب الله المختار

يقول مثل فرنسي “إن الأغبياء فقط هم من لا يتطورون” أو يتغيرون إلى الأحسن، وهذا يذكرني بأشخاص يتعجبون إذا ما لاحظوا عليك تحولا في أفكارك وخياراتك، وهل مثلا يريدون أن تبقى ذلك الشخص الذي كنت عليه منذ 10 سنوات؟ سأشرح أكثر.

أتذكر أني منذ مدة،  كنت لا أضع حجاب، بعدها وضعته وكان أسودا قاتما، وكنت أحرم على نفسي ما أحل الله،  واكتشفت بعدها أنه من الغباء أن لانفهم ماهو التدين، فالله لا يريدنا أن نعيش تعساء،  ولكنه يريد أن يرى أثر نعمته علينا،  والزهد ليس معناه الإنزواء واعتزال الحياة، وإنما  أن تزهد وتصوم عن المحرمات والفواحش وأكل أموال الناس بالباطل….

ومن بين تلك المواقف أيضا، نظرتي إلى الحريات الفردية،  والإفطار العلني،  وهنا أستحضر موقف العالم المقاصدي الذي أعزه كثيرا وأحترم شجاعته وحسه المتطور، الفقيه الريسوني،  عندما دعى إلى إلغاء تجريم الإفطار العلني، فهذا أيضا موقف جعلني أراجع أفكاري ونظرتي للأشياء، فلماذا أفرض على شخص الصوم؟، وبماذا سيضرني إفطاره؟  هل سيزعزع عقيدتي مثلا؟  طبعا لا وإلا ماكنا سنجد مسلمين في بلاد المهجر أو بلاد “المسيحيين والعلمانيين “،   واستحضرت قول الله عز وجل ” فمن شاء فل يؤمن  ومن شاء فليكفر “.

وخفت أن نكون السبب في جعل حواجز بين فئات المجتمع،  وأسباب تفرقة،  فنحن من يضع قوانين ثم ننتهكها، لأنها تكون صعبة التحمل،  كتحريم الزواج على الأم المطلقة أو الأرملة بدعوى أنها يجب أن تكرس حياتها لأبنائها، ونضيق عليها الحلال وقد ندفعها للحرام ثم نعيب عليها ذلك وننبذها، وننسى أننا السبب،  والأمثلة كثيرة في هذا الصدد.

سأختم مقالي هذا بالاعتراف أني لست تلك المرأة التي كنت عليها منذ 4 سنوات فقط، فنظرتي لليساريبن على سبيل المثال لا الحسرتغيرت،  فهم ليسوا بالضرورة أشخاص ينادون بالحريات لأنهم يريدون أن تشيع الفاحشة وإنما لأنهم يؤمنون بأنه من شاء فليصم ومن شاء فليفطر،  ولأنهم يعلمون أن الحب حق مكفول، وحق التدين من عدمه أيضا مكفول،  وجعلت اختلافي معهم فقط في نقطة واحدة هو الستر فإذا “ابتليتم فاستتروا”، وعلمت أني ما أعتبره أنا ابتلاء يعتبرونه حقا ، وأنا أقول إن الله يهدي من يشاء، وليس معناها أني ضمنت رضاه والجنة، فلهم قناعتهم ولي قناعتي، وأقصى مايمكن أن أفعله،  مناقشتهم بالتي هي أحسن،  وأحسن مايمكن أن نتفق عليه، أننا جميعا نصيب ونخطئ، فهذه سنة الله في خلقه،  و التعايش واحترام خيارات بعضنا، شيء مهم، والتركيز على المبادئ، كحب الوطن، وإدانة التطرف،  ومحاربة أوجه التعسف واستغلال النفوذ من طرف النخب السياسية ضروري من أجل التقدم.

لقد رأينا كم كان جميلا عندما اتخذنا موقفا واحدا تجاه خدام الدولة،  وكم كان راقيا أن تجد يساريا ومحافظا في صف واحد وكلمة واحدة وهي  إدانة تجاوزاتهم …. و لأجل كل هذا عليهم كيسارين أن لا يفرضوا إفطارهم و اعترافهم بالمثلية…… علينا، وعلي بدوري أن لا أفتي بأني من يملك الحقيقة المطلقة، وأن المحافظ هو شعب الله المختار الذي ضمن عدم ارتكاب المعاصي، وحجز مقعدا في الجنة، وإنما”لكم دينكم ولي دين”.