
شنت السلطات المحلية في عدد من المدن الكبرى والصغرى مؤخرًا حملات واسعة لتحرير الملك العمومي، حيث تسهم هذه الحملات في تعزيز مداخيل الجماعات المحلية عبر تحصيل الرسوم المستحقة.
كما تعتبر هذه الحملات خطوة هامة في تصحيح الأوضاع من خلال القطع مع التراخي والمحسوبية، مما يعزز الالتزام القانوني ويزيد من قدرة الجماعات على تحسين خدماتها وتطوير مشاريعها.
وأفادت مصادر مسؤولة لجريدة “العمق” بأن هذه الحملات بدأت تؤتي ثمارها في عدة مناطق، حيث بادر العديد من التجار إلى استخراج التراخيص اللازمة وتسوية أوضاعهم القانونية من خلال دفع المستحقات المطلوبة لصالح الجماعات، مما يؤكد فعالية الإجراءات القانونية المتخذة في هذا الصدد.
ويعتبر الاستغلال المؤقت ترخيصًا يُمنح لشخص معنوي أو طبيعي لاستغلال ملك عام تابع للجماعة بهدف ممارسة نشاط تجاري، صناعي، أو مهني، وذلك بناءً على قرار إداري صادر عن الجماعة، مقابل دفع رسوم استغلال سنوية أو ربع سنوية. تُحدد قيمة هذه الرسوم بناءً على مساحة الملك العام المستغل ونوع النشاط الممارس، وفقًا لما ينص عليه القرار الجبائي للجماعة.
في هذا الإطار، أشار الخبير في الشأن التنموي الترابي، رشيد أغزاف، إلى أن احتلال الملك العمومي مؤقتًا يُعد من بين العمليات التدبيرية التي تستفيد منها الجماعات الترابية، ويتم ذلك بواسطة ترخيص يمنحه رئيس مجلس الجماعة. موضحًا أن طبيعة هذا الترخيص تتميز بكونه مؤقتًا وقابلًا للإلغاء في أي وقت إذا تطلبت المصلحة العامة ذلك.
وهو ما يطرح، بحسب أغزاف، إشكالية دعم وتشجيع الاستثمار المحلي خاصة عندما يكون الترخيص الممنوح للأفراد في شكل قرار إداري، حيث قد يتسبب المستفيد في إلغاء الترخيص بعدم التزامه ببنود القرار أو لعدم أدائه واجبات استغلال الملك العام الجماعي.
وأضاف أغزاف في تصريح لجريدة “العمق”، أن “إشراك الأملاك العامة أو الخاصة الجماعية له دور كبير في تنمية الموارد المالية للجماعات الترابية، وبالتالي يساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية لهذه الجماعات”.
وسجل أن السلطة المحلية تعمد إلى تحرير الملك العمومي في حالة عدم أداء المستفيد من قرار شغل الملك العمومي لواجبات الاستغلال، وهي الحالات الأكثر شيوعًا، حيث يكون من حق رئيس المجلس وضع حد للترخيص بعد توجيه إنذار للمعني بالأمر لأداء ما بذمته ومرور الأجل الممنوح له دون جدوى.
ويترتب عن حالة عدم أداء المستفيد من الرخصة للواجبات المفروضة عليه مجموعة من الإشكالات، حيث أن أول إشكال هو الضرر الذي يلحق بميزانية الجماعة التي يتم حرمانها من هذه المبالغ المالية، وما يترتب عنه من أثر بالغ على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة.
المحاباة والولاء الحزبي
في السياق ذاته، أوضح الخبير في التنمية الترابية أن “نظراً لكون الميزانيات السنوية للجماعات يتم تحديدها في بداية كل سنة، فإن عدم أداء واجبات استغلال الملك العمومي مؤقتًا من شأنه أن يخلق اختلالًا في التوازن بين المداخيل والنفقات، مما يؤدي إلى زيادة في مؤشر الباقي استخلاصه الذي تراقبه المجالس الجهوية للحسابات في تقاريرها حول مالية الجماعات”.
وبحسب أغزاف، فإن هذا الأمر يطرح مشكلة تراخي المصالح الجماعية المكلفة باستخلاص مقابل استغلال الملك العمومي، خاصة بالنسبة لأشخاص معينين، وقد يكون ذلك راجعًا إلى المحاباة والمجاملة أو اعتبارات عائلية أو ولاء حزبي للشخص المعني للحزب الذي ينتمي إليه رئيس مجلس الجماعة، مما قد يخلق اختلالًا في تدبير مداخيل الجماعة وميزانيتها.
نظرة ضيقة
في هذا الإطار، قال جواد لعسري، أستاذ مختص في المالية العامة والتشريع الضريبي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن “هذا الموضوع يتضمن جانبين أساسيين: أولاً، هل تم استغلال الملك العمومي بناءً على ترخيص مسبق أم بشكل غير قانوني؟ إذا كان احتلاله خارج إطار القانون، فإن تأثيره على الجبايات المحلية سيكون سلبياً. أما الشق الثاني فهو الأثر السلبي على ميزانية الدولة”.
وأشار العسري ضمن تصريح لجريدة “العمق” إلى أن الأشخاص الذين يتاجرون خارج القانون غير مسجلين ضريبيًا، مما يؤدي إلى عدم أداء الضرائب مثل رسم احتلال الملك العمومي، الرسم المهني، الضريبة على الدخل، والضريبة على القيمة المضافة. بالإضافة إلى ذلك، يشكلون منافسة غير عادلة مع المقاولات المنظمة التي تلتزم بالواجبات الضريبية، مما يلحق الضرر بتلك المقاولات.
واعتبر الخبير في التشريع الضريبي أن وزارة الداخلية والسلطات المحلية تتعامل مع هذا الموضوع بنظرة ضيقة، حيث غالبًا ما تركز فقط على تحصيل رسم الاحتلال دون النظر إلى الجبايات الأخرى التي لا يتم أداؤها، مؤكدا أن الحل لا يجب أن يكون من خلال الجماعات المحلية أو الدولة بمفردها، بل يتطلب معالجة شاملة ومتناسقة من كافة الجهات المعنية لضمان حل متكامل.
تعليقات الزوار
قلنا لكم سابقا لا حاجة لنا بالمنتخبين.. انهم لا يفكرون الا في النهب ومصالحهم ومصالح ابناءهم...جربناها مند الاستقلال..لذا على الدولة ان تسلم التسيير شأن المدن والقرى للسلطات .. لا غير ..
تحية عالية لطاقم موقع العمق المغربي ، أرجو نشر تعلقي الذي بعثته أمس إلى موقعكم ، فإن كل ما تقدمت به في تعليقي حقيقة لا غبار عليها ، أنا هو سانديك العمارة P المذكورة التي يعاني سكانها من هذه الشركة منذ 2017 إلى اليوم. و أفضل إن كان ممكنا نشر مقالي خارج التعليق: يعني مقال معزول مع إمكانية تعديله أو التصرف فيه. تحياتي لموقع العمق المناضل .
لابأس أن يتم ترخيص استغلال الملك العمومي لأصحاب المحلات التجارية مقابل مداخيل مادية للجماعات الترابية ، لكن وللأسف يتم غض الطرف عن تجاوزات المستفيدين من هذه التراخيص ، و أذكر على سبيل المثال لا الحصر فوضى هذا الإستغلال بمدينة بوزنيقة و خصوصاً شركات بيع مواد البناء ،و أكبرها في الخروقات و في الفوضى العارمة شركة بيع مواد البناء بالبساتين 2 حيث قامت باحتلال الملك المشترك لسكان العمارة P ، إحداث ثقوب بجميع الدعامات الأساسية الأمامية للعمارة بواسطة آلة الهيلتي لبناء سقيفة حديدية عشوائية مساحتها أكثر مما هو في الرخصة ، فتح باب ثاني بجوار الباب الرئيسي للعمارة للصعود إلى السدة (ميزانين) التي تحولت إلى شقة سكنية ، وضع كاميرات مراقبة بكل جنبات المحل التجاري و بالشارع العام دون ترخيص و ضدا على سكان العمارة ، وضع صنبور الماء أمام مدخل العمارة لغسل الشاحناتها (7شاحنات) ، و الأعظم في هذه الخروقات هو احتلال الساحة المجاورة للمحل التجاري شرقا مساحتها تناهز 1000متر مربع لتكديس حديد البناء بأنواعه و الياجور بأنواعه و الرمال بانواعها... وغيرها من التجاوزات ، زد على ذلك تحويل الحي السكني (البساتين 2) إلى حي صناعي أو كاريان بالشارع داخل المدينة حيث يتم استقدام الشاحنات العملاقة ( 7 إلى 8 ارموكات) كل يوم لإحضار مواد البناء بأصنافها و تفريغها بالطابق السفلي للعمارة ( بالملك المشترك و تحت السقيفة الحديدية) بواسطة آلتين رافعتين ثم إعادة شحنها بالشاحنات 7 المتوسطة دون أن نتطرق إلى عدم احترام أوقات العمل و الكلام النابي و الأوساخ والغبار و الأوحال و غيرها. والغريب في كل هذا توصل السلطات و المسؤولين معينين و منتخبين بعشرات الشكايات في الموضوع دون وضع حد لهذه الفوضى. السؤال المطروح بإلحاح هو : من يحمي صاحب هذه الشركة الذي يعيث فسادا في هذه المدينة ؟