الدخول السياسي الجديد.. خمس ملفات استراتيجية على طاولة الحكومة

تنتظر الحكومة، مع بداية الدخول السياسي الجديد الذي يتزامن مع نهاية السنة الثالثة من ولايتها الانتدابية، مجموعة من القضايا والملفات الاستراتيجية ذات الطابعين الاقتصادي والاجتماعي.
ويأتي في مقدمة هذه الملفات مواجهة الإجهاد المائي الذي يؤثر على النشاط الفلاحي، خاصة بعد توالي سنوات الجفاف. وقد شكل الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش المجيد خارطة طريق لمواجهة تزايد الاحتياجات والتحديات المرتبطة بالماء.
وعليه، تتطلب المرحلة المقبلة تحيينًا مستمرًا لآليات السياسة الوطنية للماء. كما أن الحكومة مطالبة بتسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية، واستكمال برنامج بناء السدود، وإنجاز محطات تحلية مياه البحر وفق الجدول الزمني المحدد.
في هذا الصدد، أكد عتيق السعيد، أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على ضرورة وضع تصورات جديدة تتماشى مع الوضع المناخي الحالي، مع تحديد أهداف استراتيجية تراعي الاختلافات الجغرافية والمناخية، وتعتمد في الأساس على ضمان العدالة المائية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، وفي إطار استكمال وتدعيم أسس الدولة الاجتماعية، سيكون إصلاح نظام التقاعد أحد الأولويات الحكومية.
ففي ظل التحديات التي تواجه صناديق التقاعد، ستكون الحكومة مطالبة بإيجاد حلول تضمن استدامة هذه الصناديق، مع الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة التي ستستفيد من نظام التقاعد. وقد بدأت بالفعل في إجراء مشاورات مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
ويرى عتيق السعيد أن إصلاح نظام التقاعد “يتطلب توافقًا حول تصور متكامل، يتضمن مشروعًا شاملًا ومفصلًا لكل المبادئ والرؤى”، مشيرًا إلى أن هذا النهج “سيعزز الحوار الاجتماعي، بما يساهم في تحسين الوضعية الاجتماعية للمستفيدين من جهة، ويضمن استدامة مالية من جهة أخرى”.
من جانب آخر، تعتزم الحكومة تمرير مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، حيث تقرر إعادة إدراجه ضمن أولويات الجولة الجديدة للحوار الاجتماعي وعرضه على البرلمان خلال السنة الحالية.
ومن التحديات الاجتماعية الأخرى، الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي هذا الإطار، أوضحت المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة حول إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025 أن الحكومة ستواصل دعم السلع والخدمات الأساسية، خاصة غاز البوتان والسكر المكرر والدقيق الوطني للقمح اللين، بتخصيص 16,5 مليار درهم لصندوق المقاصة.
كما ستواصل الحكومة تطبيق التدابير الضريبية والجمركية ذات البعد الاجتماعي، والهادفة إلى إعفاء المواد الاستهلاكية واسعة الاستعمال، إضافة إلى دعم الأعلاف والأسمدة للحفاظ على الرأسمال النباتي والحيواني.
اقتصاديًا، يعتبر تعزيز دينامية الاستثمار وخلق فرص العمل من بين التحديات التي تواجه الحكومة خلال الدخول السياسي الحالي، مع السعي لتحقيق التوازن الاستراتيجي بين البعدين الاجتماعي والاقتصادي.
كما ستكثف الحكومة، وفقًا للمذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية المقبل، جهودها لتحقيق التوازن بين تعزيز هوامش الميزانية وضمان استدامة المالية العامة، مع المضي قدمًا في مواجهة التحديات الظرفية الراهنة وتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، التي من شأنها خلق فرص العمل وتعزيز التنمية الشاملة.
وفي نظر عتيق السعيد، فإن المرحلة الحالية من التدبير الحكومي، “التي تواجه رهانات كبرى وتحديات اقتصادية، اجتماعية ومناخية، تتطلب اعتماد أكثر الأساليب فعالية لتنفيذ الأولويات”.
وأضاف أن استكمال المشاريع والأوراش التنموية – الاجتماعية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس من شأنه “أن يؤسس لمنظور جديد وشامل يعزز مقومات الدولة الاجتماعية، ويحسن نمط حياة المواطن”.
وكان رئيس الحكومة، قد شدد في أول مجلس حكومي بعد العطلة، على ضرورة تكثيف الجهود لتفعيل السياسات العمومية الملتزم بها، وزيادة وتيرة العمل، والتحلي بالجدية والفعالية في تنفيذ المشاريع المبرمجة.
اترك تعليقاً