اقتصاد

الحكومة تراجع توقعاتها لمحصول الحبوب وتكشف خطة تعزيز صمود القطاع الفلاحي

أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية عن تحيين توقعات نسبة نمو القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، والتي أظهرت تراجعًا في نسبة نمو هذا القطاع مقارنةً بالتوقعات المدرجة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2024.

ويأتي ذلك، وفق ما أوضحت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، بناءً على معطيات المحصول الوطني من الحبوب المُعلن عنها في نهاية شهر أبريل الماضي، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل جاهدة على تحديث هذه التوقعات لتواكب تطورات الظرفية وتوفر معطيات جديدة حول وضعية الاقتصاد الوطني، وذلك بصفة مستمرة ومباشرة بعد اعتماد قانون المالية.

وبرسم مشروع قانون المالية لسنة 2024، اعتمدت التوقعات الأولية للحكومة على فرضية محصول حبوب يبلغ 75 مليون قنطار، وهو ما يمثل المحصول المسجل خلال موسم فلاحي متوسط، ويتم اعتماد هذه الفرضية خلال إعداد المشروع المالي.

وأكدت المسؤولة الحكومية أنه يتم وضع هذه التوقعات في ظل غياب اليقين حول نتائج الموسم الفلاحي الموالي، وقبل ظهور البوادر الأولى لتطور الظرفية الفلاحية من حيث انتظام التساقطات وتوزيعها المجالي، بالإضافة إلى حجم المساحات المزروعة، وهي عوامل أساسية في تحديد المحصول المتوقع من الحبوب.

وتعتبر سياسة التنويع الاقتصادي، وفق ما أوضحت وزيرة المالية ضمن جوابها على سؤال كتابي برلماني حول “الاقتصاد الوطني بين التوقعات والوضعية الحالية”، إحدى الخيارات الاستراتيجية التي انخرطت فيها بلادنا، وساهمت في الرفع من مردودية الاقتصاد الوطني وتطوير قدرات إنتاجية جديدة، مما مكن من تعزيز صموده أمام الصدمات، خاصة بعد توالي سنوات الجفاف.

في المقابل، كشفت وزيرة الاقتصاد والمالية أن المجهودات التي بذلتها الحكومة قد مكنت من تعزيز صمود القطاع الفلاحي في مواجهة المخاطر المناخية، مشيرة إلى أن ذلك يتضح من خلال انخفاض معامل التغير لنمو الفلاحة بنسبة %53.9 بين الفترتين 1990-1999 و2000-2023.

وقد تحقق هذا الإنجاز، تضيف نادية فتاح، بفضل الإجراءات الاستراتيجية المعتمدة في القطاع الفلاحي، والتي مكنت أساسًا من تعزيز العرض الإنتاجي من خلال تكييف التدخل العمومي في هذا القطاع، وذلك بدعم وتوجيه التحفيزات والاستثمارات العمومية نحو سلاسل ذات إنتاجية وقيمة مضافة عالية وأكثر مناعة في مواجهة التغيرات المناخية، خاصة الأشجار المثمرة وتربية المواشي.

وشملت هذه الإجراءات أيضًا تحسين تدبير الموارد المائية في القطاع الفلاحي بزيادة المساحة المخصصة للري الموضعي إلى نحو 822,000 هكتار في سنة 2023 مقابل 160,000 هكتار في سنة 2007.

وبالإضافة إلى تعزيز صمود القطاع الفلاحي، أكدت المسؤولة الحكومية أن معدل نمو الاقتصاد الوطني ككل لم يعد يتأثر بنفس الحدة بتقلبات محصول الحبوب مقارنة بالعقود السابقة، بفضل التطور الملحوظ لباقي القطاعات، بفضل الخطة الطموحة للتحول الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة، سواء على المستوى القطاعي أو المجالي، مما بوأ المملكة المغربية مكانة هامة كمنصة تنافسية للإنتاج على المستوى القاري والإقليمي.

ويتجلى تنويع روافد نمو الاقتصاد الوطني في أداء القطاعات غير الفلاحية، التي عرفت تطورًا إيجابيًا خلال النصف الأول من سنة 2024، مما مكن من تعويض تراجع أداء القطاع الفلاحي، كما يتضح من المعطيات المتوفرة حول الظرفية الاقتصادية لسنة 2024.

وفيما يتعلق بالقطاع الثانوي، سجلت مختلف المؤشرات تحسنًا ملحوظًا، حيث شهدت القيمة المضافة للصناعات الاستخراجية انتعاشًا بنسبة 17.7% برسم الربع الأول من سنة 2024، ارتباطًا بتحسن إنتاج الفوسفاط بنسبة 32% خلال نفس الفترة.

كما عرف إنتاج مشتقات الفوسفاط نموًا بلغ 32.2%. وسجل إنتاج الطاقة الكهربائية نسبة نمو بلغت 2.4% عند نهاية ماي 2024. وتم تسجيل نفس المنحى الإيجابي على مستوى قطاع البناء، حيث ارتفعت مبيعات الإسمنت بنحو 11% خلال النصف الأول من سنة 2024.

أما فيما يخص الصناعات التحويلية، فقد ارتفعت قيمتها المضافة بنسبة 2.1% خلال الربع الأول من سنة 2024، ويعزى هذا الارتفاع إلى الأداء الجيد لصناعة المواد الكيميائية (10.7%)، وأجهزة النقل (6.7%)، والمواد الغذائية والمشروبات (2.1%)، والمواد الصيدلية (8.2%)، والمنتجات المعلوماتية (29%).

وحسب معطيات الحكومة، يُتوقع أن تستمر دينامية القطاع الثانوي نظرًا لارتفاع معدل استخدام الطاقات الإنتاجية عند نهاية ماي 2024 بنحو 5.6 نقاط مئوية ليبلغ 78.4%، بفضل الارتفاع المسجل على مستوى الصناعات الميكانيكية والتعدينية بـ 17.2 نقطة، والصناعات الكهربائية والإلكترونية بـ 9 نقاط، والصناعات الكيميائية والشبه كيميائية بـ 4.8 نقاط.

وبالنسبة لقطاع الخدمات، يظهر تطور مؤشراته استمرار دينامية أغلب الأنشطة مع تحقيق أرقام قياسية بالنسبة لبعضها.

وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية أنه على صعيد القطاع السياحي، سجل عدد السياح الوافدين خلال النصف الأول من سنة 2024 ارتفاعًا بنسبة 13.9% ليبلغ 7.4 مليون. ورافق هذا التحسن ارتفاع في عدد ليالي المبيت في الفنادق المصنفة بنسبة 8.3% عند نهاية ماي 2024. وفي نفس السياق، سجل النقل الجوي أيضًا أداءً قياسيًا، حيث ارتفع عدد المسافرين خلال الخمسة أشهر الأولى لهذه السنة بنسبة 18.5% ليصل إلى 12.4 مليون مسافر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *