وجهة نظر

لماذا اليوسفي.. السيناريو المحتمل بعد 7 أكتوبر

لماذا وقع الاختيار على عبد الرحمن اليوسفي.. و السيناريو المحتمل بعد انتخابات 07 أكتوبر !

عند إحساس الراحل الحسن الثاني بدنو أجله استدعى عبد الرحمان اليوسفي لتحمل المسؤولية الحكومية من أجل تسهيل الانتقال السلس إلى خلفه محمد السادس، و هذا الاختيار لم يكن اعتباطيا، بل كان مدروسا جيدا و مخططا له بإحكام للاعتبارات التالية:

1- آنذاك كان الإتحاد الاشتراكي هو الحزب المطلوب جماهيريا، و تجاهله كان سيخلق متاعب جمة للملك الجديد.

2- لماذا اليوسفي دون باقي أطر الحزب؟ بكل بساطة فالحسن الثاني و مستشاروه و في مقدمتهم البصري يعلمون أن أغلب أطر الاتحاد الاشتراكي –غير اليوسفي- لهم نقط ضعفهم، و لهم ملفاتهم المعدة و المركونة بكواليس الداخلية، سيشهرها النظام في وجههم عند الحاجة، عدا كما قلنا اليوسفي، فذمته نقية، أدى واجبه الوطني و الحزبي و انسحب بهدوء.

3- اليوسفي كان عليه شبه إجماع داخل الحزب بعد وفاة ذ.عبد الرحيم بوعبيد، بمعنى أنه الأقرب إلى ضبط باقي أطر الحزب التي ستكون لها طموحات ما.

4- الحسن الثاني لم يكن يعير اهتماما لباقي الاحزاب السياسية لأنه هو من صنعها، و لم تكن لها حاضنة شعبية، فأفولها رهين بغضب النظام عليها، أما العدالة و التنمية فكان حديث العهد بالتكوين و لم تقو شوكته بعد.

السيناريو المعد

الأمر شبه الأكيد أن سيناريو عدم التجديد لليوسفي كان معدا قبل رحيل الحسن الثاني، لأن النظام لا يقبل أن يحكم مع الأشخاص و الهيئات، و لكن بريد أن يحكم بها (استعمالها كأداة)، فالسنوات الخمس الأولى تكون عادة فترة استكشاف للوزير الأول و إذا تمكن من تحمل المسؤولية لفترة ثانية يكون قد خبر دهاليز و مطبات الحكم، و بالتالي بدء الممارسة الفعلية لمهامه، و هذا ما لم و لن يقبله النظام، فتخلى عن اليوسفي و حزبه رغم احتلاله المرتبة الأولى في الانتخابات و عين ادريس جطو وزيرا أولا (تكنوقراط)، و هكذا تجاوزهما النظام حتى لا يصبحان شريكين حقيقيين في الحكم.

ماذا بعد انتخابات 7 أكتوبر؟

الموالون لحزب العدالة و التنمية جد متفائلين لعودة الحزب لتحمل المسؤولية الحكومية و من ثم التجديد لأمينه العام عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة لولاية ثانية، و هذا من سابع المستحيلات و أسطر على ذلك. فاستراتيجية النظام في عدم إشراك أحد في الحكم لا تزال قائمة -اللهم إلا إذا حدثت رجة قوية تغير هذه الاستراتيجية- و المؤشرات على ذلك بدأت منذ انتخابات 04 شتنبر عندما رأى النظام أن شعبية حزب العدالة و التنمية لم تهتز، فبدأ بإخراج أسلحته في مواجهة الحزب، و هو ما تمثل في :

1- عدم تمكينه من تسيير بعض الجهات رغم استحقاقه لها (جهة الدار البيضاء الكبرى نموذجا).

2- التضييق على ممثليه في المدن الكبرى (الرباط نموذجا).

3- المواجهة المباشرة للداخلية لحزب العدالة و التنمية.

4- إصدار بلاغين ضده: بلاغ ما أصبح يعرف بخدام الدولة و بلاغ غرق أحد أطر الحزب.

5- التضييق على مهرجانات الحزب التي يؤطرها وزراؤه أو بعض أطره.

6- النفخ في قربة حزب الأصالة و المعاصرة، منها: تمكينه من تحمل مسؤولية رئاسة جهات لا يستحقها، و مرافقة أمينه العام للملك إلى الصين بدون أي صفة تخول له ذلك من أجل جلب مشاريع للجهة… فيظهر أن البام أحد أسلحة النظام لإضعاف شوكة العدالة و التنمية و مواجهته.

7- التضييق على شركاء العدالة و التنمية المحتملين بعد انتخابات 7 أكتوبر، مثال ذلك أن حزب الاستقلال منذ أن أعلن تمرده تم عزل بعض مستشاريه و تمت محاكمة نجلي أمينه العام، و مؤخرا تمرد بعض المحسوبين على النظام من أطر الحزب على الأمين العام (بادو، و احجيرة، و غلاب…)، بل حتى أعضاء بلا هوادة سيكونون مع النظام…

وهكذا، فلن يفوز حزب العدالة و التنمية بالرتبة الأولى، و إذا وصل فسيصل منهكا، و لن يعول على أي حزب فالأحزاب الإدارية مغلوب على أمرها، و الاستقلال لن يدخل الانتخابات و هو في كامل جهوزيته، و عند تشكيل الحكومة في حال فوز العدالة و التنمية سيكون حزب الاستقلال منقسما على نفسه (بلا هوادة في صف النظام و الكيحل و البقالي مع الانضمام للعدالة و التنمية).

أما إذا تمكن حزب العدالة و التنمية من تجاوز كل هذه المطبات فالورقة الحاسمة التي سيستعملها النظام ضد الحزب- و هي دستورية لا جدال فيها- اختيار رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالمرتبة الأولى و ليس بالضرورة أن يكون الأمين العام للحزب، و لن يكون بالتأكيد عبد الإله بن كيران و لا حتى من أطر الصف الأول. و ما خرجات ابن كيران الحادة الأخيرة إلا دليل ساطع على أن النظام لن يقبل به كشريك في الحكم لأنه يحس (النظام) أن استراتيجيته ستتغير في الولاية الثانية، و يكون أكثر تحملا للمسؤولية و مزاولة لمهامه الدستورية و استعادة اختصاصاته التي تخلى عنها للملك.

إذا فلا داعي للتفاؤل بعودة ابن كيران للحكم، و من قال غير ذلك فانتخابات 07 أكتوبر ليست عنا ببعيد.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “العمق المغربي”