وجهة نظر

كأس العالم 2030.. الحلم الذي انتظرناه طويلا والمحطة التي يجب الاستعداد لها من الآن

صحيح أن استضافة كأس العالم يتطلب تأهيل الملاعب وتوسعة وتجديد المطارات بالمدن المستضيفة، وصحيح أنها تتطلب تقوية البنيات التحتية الطرقية وتكثيف شبكاتها داخل المدن، وتطوير البنية التحتية الفندقية والتجارية وتقوية وتحديث العرض الصحي وتطوير وتحديث شبكات الاتصال…، وصحيح أنها تشكل فرصة فريدة لتعزيز آليات النمو الاقتصادي الوطني خلال السنوات القادمة، وتشكل فرصة لتعزيز الاستثمار للشركات المحلية والأجنبية في قطاع السياحة والرياضة والترفيه، وفرصة ثمينة لخلق المزيد من فرص العمل، وتعزيز الجذب السياحي للبلاد والترويج لقيم السلام والوحدة والتنمية المستدامة…

لكن، هل هذا يكفي لإنجاح العرس الكروي الذي سيحتضنه المغرب سنة 2030 ؟

ماذا نقول عن المواطن ؟ عن أنفسنا كمواطنين ؟
هل سنساهم في إنجاح هذا العرس الرياضي الكبير ؟
هل سنكون في مستوى هذا الحدث الكبير ؟
كيف سنستقبل الضيوف ؟
كيف سيكون سلوكنا في الشوارع والأسواق والملاعب ؟
هل سندخل إلى الملاعب بنظام وانتظام ؟
هل سنغادرها بعد المباريات بهدوء ونظام ؟
هل سنحافظ على نظافة الملاعب والمدن والشوارع ؟
هل سنحافظ على التجهيزات والممتلكات العمومية ؟
هل سنحترم قوانين السير ؟

هل سنساهم في محاربة السلوكات السيئة والظواهر المشينة التي تلطخ سمعة المغرب ؟ ظاهرة التسول، المضايقات في الشوارع ، المغالاة في الاسعار والغش والنصب والاحتيال ؟

هل سنساهم في جهود وحملات التوعية لمعالجة بعض المشاكل ؟ مشكل التسممات الغذائية التي يتعرض لها العديد من المواطنين والسياح ؟

هل سيلتزم أرباب ومستخدمي المطاعم ومحلات الوجبات السريعة بقواعد النظافة وشروط الصحة والسلامة الغذائية ؟

صحيح أن لدينا ما يكفي من القوانين لمعالجة هذه المشاكل، لكن هل لدينا ما يكفي من المراقبين و المفتشين والساهرين على تطبيق واحترام القوانين ؟

هل لدينا ما يكفي من الإرادة والحزم والصرامة لتطبيق القوانين ؟

هل سنعطي صورة جميلة عن بلدنا ؟ أكيد نعم،

وأكيد أن 99,9% من المغاربة سيكونون في مستوى الحدث إن شاء الله، وأكيد أنهم سيساهمون بحماس وإخلاص في إنجاح هذا العرس الرياضي الكبير وفي إعطاء صورة جميلة عن المغرب وعن الشعب المغربي. لكن، لا أخفيكم، أنه من حين لآخر، تنتابني شكوك مقلقة حيال بعض المواطنين، الذين لا يشكلون إلا نسبة قليلة، ربما أقل من 0,1% ، ولكن رغم ذلك، قد يفسدون أجواء الفرحة، بسبب قلة الوعي ونقص التربية وغياب الحس الوطني، وربما أيضا حتى بفعل التأثيرات الخارجية المحتملة من بعض الأنظمة الحاقدة التي تكن العداء للمغرب.

أتمنى أن ينتبه الجميع للأسئلة التي طرحتها وأن نجد جميعا أجوبة مقنعة وحلولا واقعية وفعالة في المدة الزمنية التي تفصلنا عن الحدث الكبير الذي ينتظره بشغف كبير كل المغاربة.

أمامنا ما يكفي من الوقت لإصلاح الأعطاب وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة، فالبشر لا يتسمون بالكمال وليس هناك أحد خال من العيوب والنقائص، لكن ليس الكل قادرا على الاعتراف بها والعمل على تجاوزها وتحسينها، لهذا يمكن اعتبار إصلاح الذات أهم الأمور التي يجب أن يتوجه إليها المرء ويركز عليها، فصلاح الذات من سبل النجاح ومفتاح السعادة، وخوض غمار الإصلاح الذاتي ليس أمرا مستحيلا بل يمكن لأي واحد القيام به. والرغبة في الإصلاح الذاتي موجودة فطريا في كل إنسان، فإصلاح الذات مطلب بشري مشترك بين جميع الأجناس والأعراق، لكونه قضية جوهرية في حياة الإنسان الذي يسعى لتحسين جانبه السلوكي وتجويد أخلاقه وقيمه، ولا يقتصر إصلاح الذات على الفرد فقط، لأنه يعد أيضا لبنة أساسية من لبنات صلاح المجتمع وتقدم البلد، فلا يتصور بحال أن ينهض مجتمع ما ويحقق الازدهار والرقي بدون ما أن يكون أفراده على مستوى عال من الصلاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *