إسبانيا تحقق في “نشاط مريب بشمال إفريقيا” قبيل انقطاع الكهرباء وتستبعد المغرب من الاتهام

كشف المركز الوطني للتشفير (CCN) التابع للمخابرات الإسبانية (CNI)، عن “نشاط غير عادي كبير قادم من شمال إفريقيا” تم رصده قبل أيام قليلة من انقطاع التيار الكهربائي في البلاد، أمس الإثنين، معتبرًا أن ما “حدث استثنائي وغريب” لم يسبق أن عاشته إسبانيا من قبل.
وأورد موقع Infobae الإسباني نقلا عن مصادر بالمخابرات الإسبانية، أن هذا النشاط غير العادي “لم يكن مصدره المغرب”، مشيرا إلى أن المركز الوطني للتشفير بدأ بالفعل في تحقيقاته وتحرياته لفك غموض هذا الحدث التاريخي الذي أصاب إسبانيا، منبها إلى عدم التسرع في إصدار استنتاجات.
وبحسب المصدر ذاته، فإن المركز الوطني للتشفير التابع للمخابرات الإسبانية، يبحث ما إذا كان لهذا الحدث علاقة بـ”النشاط غير العادي الكبير القادم من شمال إفريقيا”، والذي تزامن مع وجود تهديدات إلكترونية عالية الخطورة تستهدف شبكتي الكهرباء في إسبانيا والبرتغال.
وتشير معطيات المخابرات الإسبانية، وفق وقع Infobae، إلى اختفاء 60% من الطاقة الكهربائية في البلاد (15 جيغاوات) في تمام الساعة 12:33 زوال أمس الإثنين، وذلك في غضون خمس ثوان فقط، وهو ما أدى إلى شلل شبه تام في البنية التحتية الطاقية بالمملكة.
المحكمة الوطنية تحقق
واليوم الثلاثاء، فتح قاضي التحقيق المركزي بالمحكمة الوطنية الإسبانية، إجراءات أولية للتحقيق في ما إذا كان انقطاع الكهرباء الذي أثر على كامل الأراضي الإسبانية، أمس الاثنين، قد يكون ناتجًا عن “إرهاب سيبراني ضد البنى التحتية الحيوية للدولة”.
ووفق ما أوردته المحكمة الوطنية في قرار قضائي، فقد أشار القاضي خوسيه لويس كالاما إلى أنه في حوالي الساعة 12:30 من يوم الاثنين “تم فقدان” 15 جيغاوات من الطاقة لمدة خمس ثوان.
وطالب القاضي كالاما مركز الشبكة الكهربائية الوطنية والمركز الوطني للأنترنت وشركة “ريد إليكتريكا” بإعداد تقارير حول الأسباب التي أدت إلى هذا الانقطاع الكبير في الإمدادات الكهربائية، مشددا على ضرورة تقديم هذه التقارير في أقل من 10 أيام.
كما كلف القاضي ذاته إدارة المعلومات العامة للشرطة الوطنية بالتحقيق في الحادثة وتقديم تقرير أولي في غضون عشرة أيام لتحديد ما إذا كان هناك عمل إجرامي وراء الانقطاع الكهربائي الواسع.
وأشار القاضي إلى أن البنى التحتية الحيوية “تعتبر هدفًا جذابًا للإرهاب، نظرًا للأضرار الكبيرة التي يمكن أن تُحدثها في السكان”، وذكّر بالهجوم السيبراني الذي وقع في عام 2016 ضد شركات الكهرباء الأوكرانية.
وتركز التحقيقات على تحديد ما إذا كانت الحادثة قد تشكل جريمة إرهاب بموجب المادة 573 من القانون الجنائي الإسباني، التي تشمل الهجمات السيبرانية التي تهدف إلى “تقويض النظام الدستوري” أو “زعزعة استقرار” مؤسسات الدولة.
احتمال هجوم سيبراني
تشير إحدى الفرضيات، بحسب ما أوردته وكالة “Servimedia” الإسبانية، إلى أن الأمر يتعلق بـ”هجوم حرمان من الخدمة (DDoS)، بالتزامن مع أوامر خبيثة وبروتوكولات اتصالات صناعية من نوع IE”.
ومع ذلك، تشير نفس المصادر إلى أنه من المبكر الجزم بأن سبب الانقطاع هو هجوم إلكتروني، إذ يجري البحث أيضا في احتمال “فشل متعدد الأسباب” بين إسبانيا وفرنسا، دون تقديم مزيد من التفاصيل. فيما تشير مصادر أخرى إلى أن “معرفة ما حدث بالضبط قد يستغرق شهورا”.
وأمس الإثنين، أعرب رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، عن أمله في استعادة التيار الكهربائي بالكام اليوم الثلاثاء، مشددا على أنه لا يزال يجهل الأسباب الحقيقية لهذا الانقطاع.
إقرأ أيضا: سانشيز يشكر المغرب وفرنسا ولا يستبعد أي فرضية بشأن الانقطاع “الغامض” للكهرباء
وتداولت وسائل إعلام إسبانية، تصريحا لسانشيز كان قد أدلى به مؤخرا، قال فيه إن “أعداء أوروبا لا يستخدمون فقط الصواريخ والدبابات لمهاجمتنا (…) بل يلجؤون أيضا إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر التضليل واستقطاب السكان، ويشنون هجمات إلكترونية مدعومة بالذكاء الاصطناع بهدف اختراق اتصالاتنا وخدماتنا العامة، وبالتالي نمط حياتنا”.
تصريح سانشيز قبل أيام، والانقطاع الكبير للكهرباء الذي تعرضت له إسبانيا أمس، دفع وسائل إعلام إسبانية إلى ربط ذلك بموقف مدريد من الحرب في غزة وأوكرانيا، وهو ما جعلها من أكثر الدول المستهدفة رقميا.
استبعاد “حادث أمني”
في نفس السياق، استبعد مدير خدمات التشغيل في شبكة الكهرباء، إدواردو بريتو، اليوم الثلاثاء، وجود “حادث أمني” تسبب في انهيار النظام الكهربائي في شبه الجزيرة الإيبيرية أمس الاثنين، مشيرا إلى أن النظام يعمل بشكل مستقر وطبيعي تماما هذا اليوم.
وقال بريتو في مؤتمر صحفي: “يمكننا أن نؤكد أنه لم يكن هناك أي نوع من التسلل إلى أنظمة التحكم في شبكة الكهرباء”، موضحًا أن هذه الاستنتاجات تم التوصل إليها بالتعاون مع هيئات مثل المركز الوطني للاستخبارات.
وأضاف أنه منذ صباح اليوم الثلاثاء، يعمل النظام بشكل طبيعي، لافتا إلى أن البلاد تمكنت من تجاوز ذروة الطلب التي بلغت أكثر من 28 ألف ميغاوات في الساعة 8:35 صباحا، معتبرا أن نظام الكهرباء جاهز لتجاوز الذروة المتوقعة التي ستصل إلى 31 ألف ميغاوات في الساعة 9:00 مساء.
وعن تفاصيل ما وقع، كشف المسؤول ذاته عن رصد تقلب في الإنتاج في جنوب غرب شبه الجزيرة، تم تجاوزه، ثم بعد ثانية ونصف، حدث اختفاء كبير للإنتاج من الطاقة المتجددة، تلاه انقطاع الاتصال مع فرنسا.
وأضاف بريتو: “لم يتمكن النظام من الصمود أمام هذه الاضطرابات الشديدة، مما أدى إلى دخول البلاد في وضعية الصفر (انقطاع كامل للطاقة)” وفق تعبيره.
وأشار إلى أن تحديد الأسباب بدقة “سيستغرق وقتا، في انتظار الحصول على بيانات ومعلومات هائلة من مراكز التوزيع”، مردفا أنه بمجرد تحديد الأسباب الأولية، ستتمكن إدارة شبكة الكهرباء في البلاد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب حدوث ذلك مجددا.
يشار إلى أن انقطاع الكهرباء في إسبانيا تسبب أيضا في اضطرابات على مستوى شبكة الاتصالات والإنترنت بالمغرب، مما ساهم في تعقيد عمليات الاتصال وإدارة بعض الخدمات التقنية المرتبطة بالمطارات.
سانشيز يشكر المغرب
وخرج رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، مساء أمس الاثنين، لعرض آخر التطورات بشأن الانقطاع الكهربائي الواسع الذي ضرب إسبانيا والبرتغال، مؤكدا أن أسباب الأزمة لا تزال غير واضحة، مشيرا إلى أن جميع الفرضيات مطروحة.
وخلال مؤتمر صحفي عقده في قصر “لا مونكلوا” بمدريد، أعرب سانشيز عن شكره للمغرب وفرنسا على دعمهما لإسبانيا عبر شبكات الربط الكهربائي، مما ساعد في استعادة جزء من الإمدادات خلال الأزمة، واصفا هذا التضامن بـ”اللفتة الإنسانية”.
وأوضح سانشيز أن “اهتزازات قوية” شهدتها شبكة الكهرباء الأوروبية أدت إلى انقطاع واسع للطاقة في شبه الجزيرة الإيبيرية، إضافة إلى بعض المناطق في جنوب فرنسا، مشيرا إلى أن التحقيقات لا تزال مستمرة لمعرفة الأسباب الدقيقة، بعد أكثر من ست ساعات من بداية الأزمة.
إقرأ أيضا: هكذا ساهم المغرب في تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء بإسبانيا
وأضاف أن الحكومة الإسبانية فعلت خطط الطوارئ، ورفعت مستوى الحماية المدنية إلى الدرجة الثالثة في مناطق أندلسيا، إكستريمادورا ومدريد، مما سمح بتدخل مباشر من الحكومة المركزية لإدارة الأزمة.
وبشأن الخدمات الأساسية، أكد سانشيز أن النظام الصحي واصل عمله بفضل المولدات الاحتياطية، بينما تأثرت حركة النقل الجوي بنسبة 20 بالمئة بسبب تقليص الرحلات لضمان السلامة، في حين توقفت الحركة السككية بالكامل لدواع أمنية.
وأشار إلى أن جهود استعادة الكهرباء مستمرة بوتيرة متسارعة، عبر إعادة تشغيل المحطات الهيدروليكية ومحطات الدورة المركبة، بما يساهم في تسريع العودة إلى الوضع الطبيعي.
اترك تعليقاً