سياسة

زغنون يقر بـ”بطء” إصلاح المؤسسات العمومية ويعتبر ارتفاع مديونيتها “منطقيا”

قال عبد اللطيف زغنون، المدير العام للوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، إن الإصلاح الجاري لقطاع المؤسسات العمومية يعد مسارا مستمرا وطويل الأمد، مؤكدا أن بعض الأوراش الإصلاحية التي باشرتها الوكالة قد تتطلب وقتا أطول من المدة المحددة قانونا، والمقدرة بخمس سنوات تنتهي في يوليوز 2026.

جاء ذلك خلال رده على مداخلات النواب، اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025، في اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، حيث أوضح أن هذا القطاع، رغم تنوعه الكبير من حيث الشكل القانوني والحجم وطبيعة المهام والأنشطة، فقد ساهم بشكل محوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، مشيدا بالمنجزات التي حققتها المؤسسات والمقاولات العمومية منذ الاستقلال في مجالات الطرق السيارة والموانئ والمطارات وصناديق الاستثمار، إلى جانب توفير خدمات عمومية للمواطنين والفاعلين الاقتصاديين.

وفي سياق حديثه عن تأخر تنزيل الإصلاح، أوضح زغنون أن الإصلاح يتطلب انخراطا فعليا لجميع الفاعلين، بما في ذلك المؤسسات المعنية والوزارات الوصية، مع مراعاة الأبعاد القانونية والمالية والاجتماعية، ومصالح الشركاء الاجتماعيين والالتزامات تجاه الممولين وهيئات التمويل، مشيرا إلى أن المجلس الإداري للوكالة صادق على مجموعة من الأدوات لتمكين الوكالة من أداء مهامها، ضمنها القانون التنظيمي، وقانون الموارد البشرية، وخريطة طريق واضحة.

وعن سبب بطء الإصلاح، قال زغنون إن بعض الأوراش تستوجب إعادة هيكلة قطاعية عميقة، وتحويل المؤسسات إلى شركات مساهمة، وهو ما يتطلب صياغة نصوص قانونية بالتشاور مع الوزارات والمؤسسات المعنية، بالإضافة إلى مراجعة النماذج الاقتصادية لعدد من المؤسسات، موضحا أن هذه العمليات تستغرق وقتا بفعل الاجتماعات التقنية المتواصلة، مستشهدا بحالة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن الذي جرى عقد 20 اجتماعً بخصوصه، ووصل مشروع قانونه إلى الأمانة العامة للحكومة، حيث يرتقب أن يعرض على مجلس الحكومة قريبا.

وفي السياق ذاته، كشف زغنون أن هناك مؤسسات عمومية وضعيتها المالية لا تسمح بتحويلها مباشرة إلى شركات مساهمة، مثل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، الذي يحتاج أولا إلى إعادة هيكلة قبل التحويل، وهو ما يفسر بطء بعض الأوراش مقارنة بالجدولة المحددة.

وبخصوص المديونية، قال زغنون إن المؤسسات العمومية التي تتحمل المشاريع الكبرى بطبيعتها تتوفر على مديونية مرتفعة، مشيرا إلى أن هذه الوضعية “طبيعية”، بالنظر إلى الدور الذي لعبته هذه المؤسسات في إنجاز الأوراش الوطنية الكبرى، من سكك وموانئ وطرق سيارة، معتبرا أن النموذج التنموي لعدد من المؤسسات بلغ حده، مما يستوجب الانتقال إلى مرحلة جديدة تعتمد توجهات استراتيجية تضمن الاستدامة.

وضرب مثالا بشركة الطرق السيارة، التي بلغت مديونيتها 40 مليار درهم، وتحتاج حاليا لإنجاز مشروعين بكلفة 14 مليار درهم، حيث اقترحت الوكالة تفعيل نظام جديد يتم بموجبه تسنيدها للحصول على 5 مليارات درهم تضخ في أصول الشركة لتعزيز أموالها الذاتية، دون ضمانات من الدولة. نفس النموذج طُبّق مع المكتب الوطني للمطارات (باستثمار يتطلب 28 مليار درهم) والمكتب الوطني للسكك الحديدية (بحاجة إلى 53 مليار درهم).

وأكد زغنون أن تمويل المؤسسات يجب أن يواكب بطرق مبتكرة تتماشى مع خصوصية كل مؤسسة، وأن الدولة ستركز على القطاعات الحيوية، فيما سيتحمل القطاع الخاص دوره تدريجيا، في أفق أن يساهم بثلثي الاستثمار بحلول 2034، بدلا من الثلث الحالي.

وفيما يخص الحكامة، قال المتحدث إن الورش يهدف إلى تجديد أجهزة التدبير داخل المؤسسات العمومية، وربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال مجالس إدارية فعالة، تصادق على مخططات العمل وتمولها، ثم تربطها أهداف سنوية قابلة للتقييم، مؤكدا أنه تم تعيين متصرفين مستقلين بـ12 مؤسسة عمومية مقابل مؤسستين فقط في السابق، كما تم إنشاء 30 لجنة متخصصة، ورقمنة 257 جهاز حكامة، مع السعي لتعميم هذا النموذج بحلول 2025.

وفي معرض حديثه عن ورش إحداث الأقطاب، كشف زغنون أن القطب العمومي الإعلامي انطلق منذ 2006، ويهدف إلى دمج مؤسسات مثل دوزيم وميدي 1 تيفي تحت مظلة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بعد استكمال إعادة هيكلة دوزيم، مشيرا إلى أنه من المنتظر الانتهاء من هذه العملية خلال الشهرين القادمين.

وبخصوص الأرباح، فقد أوضح زغنون أن الوكالة بصدد بلورة سياسة توزيع مرنة، تراعي وضعية كل مؤسسة؛ حيث يُسمح للمؤسسات ذات المشاريع الكبرى بالاحتفاظ بأرباحها، بينما تُلزم المؤسسات ذات الوضعية المالية المريحة بتحويل أرباحها إلى خزينة الدولة، بهدف تمكينها من الاعتماد على أموالها الذاتية مستقبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *