مجتمع

أدخنة متصاعدة وأزبال متراكمة.. مطرح نفايات يحبس الأنفاس بزاكورة

أدخنة تتصاعد، روائح تزكم الأنوف، وسكان ينامون فوق الأسطح بحثا عن هواء أقل تلوثا.. هذه ليست مشاهد من فيلم سينمائي، بل هو الواقع اليومي لساكنة حي الأمل بمدينة زاكورة، حيث يقبع المطرح العمومي للنفايات على مرمى حجر من المنازل، مخلفا وراءه الأمراض والمعاناة وأكواما من الوعود المؤجلة حتى إشعار ٱخر.

ورغم صرخات الاستغاثة المتكررة، والشكايات التي طرقت أبواب السلطات المحلية والإقليمية، ما يزال المطرح على حاله، بل بات يشكّل مصدر تهديدٍ حقيقي للصحة العامة والبيئة، في مدينة تستقبل نفايات تسع جماعات أخرى، دون أن تحظى بحقها في بيئة نظيفة تحفظ كرامة العيش وسلامة الإنسان.

في هذا السياق، قال إسماعيل الديناري، رئيس جمعية تجزئة الأمل العمران بزاكورة، إن “الجمعية سلكت منذ سنة 2024 عدة طرق قانونية وإدارية من أجل التخلص من هذا المشكل، أو على الأقل التخفيف من تداعياته على ساكنة حي الأمل بشكل خاص، وباقي أحياء مدينة زاكورة عموما”.

وأشار الديناري في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن “الجمعية وجهت شكايات رسميةإلى السلطات المحلية والإقليمية والمجلس الجماعي لزاكورة، كما شاركت في لقاءات ضمت قائد المقاطعة الثانية، رئيس المجلس الجماعي، وأعضاء اللجنة البيئية التابعة للمجلس، إلى جانب ممثلين عن مجموعة جماعات الواحة، حيث تم تقديم عدد من التوصيات من بينها وضع سياج للمطرح، تعيين حارسين له، والاعتماد على الطمر بدل إحراق النفايات”.

وأبرز المتحدث أن “الجمعية قدمت عرائض موقعة من طرف المتضررين، كان آخرها في يوليوز 2025، إلا أن الجهات المعنية لم تفِ بوعودها”، مشددا على أن “الساكنة لا تزال تعاني يوميا من الروائح الكريهة، الدخان الخانق، وصعوبة في التنفس، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، خاصة لدى الأطفال وكبار السن”.

وطالب الديناري في التصريح ذاته، بـ“التدخل العاجل لوقف الحرائق التي تشعل بفعل فاعل، واتخاذ إجراءات صارمة في حق المتسببين، وتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها الكاملة في هذا الملف، في وقت أصبح فيه إبعاد المطرح عن المناطق السكنية ضرورة ملحة وعاجلة”.

من جانبه، عبّر الفاعل الحقوقي محمد لمين الأبيض عن استغرابه الشديد من تعاطي السلطات العمومية مع هذا الملف، مؤكدا أن “بلدية زاكورة سبق أن كلفت أعوانا موسميين عهدت إليهم مهمة حراسة المطرح، قبل أن يتم تحويلهم لسقي الأشجار، في مفارقة تدمي القلب وتثير الغضب، وكأن حماية الإنسان أصبحت أقل شأنا من الاعتناء بالنبات”، وفق تعبيره.

وأبرز لمين الأبيض في تصريح لـ“العمق”، أنه “استنادا إلى شهادات من عين المكان، فإن النيران تشعل باستمرار داخل المطرح، غالبا من طرف أشخاص في وضعيات غير طبيعية، مستغلين غياب المراقبة أو التدخل من الجهات المسؤولة”، مشددا على أن “الوضع يزداد خطورة في فصل الصيف حيث تصل درجات الحرارة إلى مستويات قياسية”.

وانتقد المتحدث ما وصفه بـ“تجاهل القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات، والذي ينص صراحة في مادته السابعة على ضرورة إحداث مطارح مراقبة بعيدا عن المناطق السكنية، مع التزام الدولة والجماعات الترابية باتخاذ جميع التدابير لحماية البيئة والصحة العمومية”، معتبرا أن هذا القانون “يستحضر فقط في الحملات الرسمية، بينما تترك الساكنة تصارع دخانا ساما وروائح خانقة تحاصرهم ليلا ونهارا”، وفق  قوله.

وأضاف الفاعل الحقوقي ذاته، أن “الأمر لا يقتصر على بلدية زاكورة، بل إن المطرح بات يستقبل نفايات تسع جماعات أخرى ضمن مجموعة جماعات الواحة، ما يفاقم التلوث وتراكم الأزبال المنزلية، ويرفع من احتمال وقوع كارثة بيئية وصحية وشيكة”.

وتابع المصدر ذاته بأن “شهادات محلية تؤكد أن بعض الرعاة يلجؤون إلى المطرح المذكور، وذلك من أجل البحث عن بقايا خضر ومأكولات لتغذية ماشيتهم، في غياب تام لأي رقابة صحية أو توعية بيئية، وهو ما يهدد حتى سلامة السلسلة الغذائية لساكنة المنطقة”.

وختم لمين الأبيض تصريحه بالقول، إن “الساكنة لم تلتزم الصمت، ووجهت شكايات رسمية وعريضة موقعة من طرف عدد من المتضررين إلى رئيس المجلس الجماعي وعامل الإقليم، إلا أن الرد الرسمي ظل حبيس الوعود دون تنفيذ ملموس، ما يزيد من تفاقم الوضع ومعاناة المواطنين”.

وتطالب الجمعيات والفعاليات المحلية بتدخل عاجل لرفع الضرر البيئي والصحي الناتج عن هذا المطرح، واتخاذ إجراءات عملية لحماية ساكنة زاكورة من تداعيات التلوث المتزايد، محذّرة من أن التقاعس والتأجيل قد يقود إلى كارثة بيئية لا تحمد عقباها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *