سياسة

مجلس جماعة كلميم يحذر من “بلوكاج تنموي” ويندد بـ”ترهيب الأعضاء”

وجه مجلس جماعة كلميم انتقادات لاذعة لما وصفه بـ”التعثر غير المبرر” الذي يطبع مختلف البرامج والمشاريع التنموية بالمدينة، مشيرا إلى غياب إرادة حقيقية من قبل بعض الشركاء لتنزيل الاتفاقيات المبرمة، محذرا من أن مصير الجيل الجديد من المشاريع بات “حبيس الأوراق”، وهو ما يتناقض جذريا مع التوجه الملكي الذي ما فتئ يؤكد على ضرورة ترسيخ ثقافة النتائج وتغيير العقليات.

البيان الصادر  عن مكونات مجلس الجماعة عقب الجلسة الأولى للدورة العادية لشهر أكتوبر 2025، انتقد بشدة واقع التنمية في كلميم، المدينة التي يفترض أن تلعب دورا محوريا باعتبارها عاصمة الجهة ومركزا إداريا وتنمويا. ورغم توقيع عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية بين الجماعة وشركائها المؤسساتيين، فإن المجلس رصد غيابا شبه تام للتنسيق بين الفاعلين، مع شلل واضح في تفعيل لجان القيادة والتتبع، التي أوكلت لها مهمة تجاوز الإكراهات وتسريع وتيرة الإنجاز.

وفي ذات السياق، توقف البيان الذي حمل توقيع جماعة كلميم عند واحدة من أكبر الإشكالات البنيوية التي تواجه المجلس: تجميد عمل اللجان. فلم يتم، حسب البيان، عقد أي اجتماع للجنة من هذه اللجان منذ توقيع الاتفاقيات، وهو ما طرح تساؤلات حقيقية حول مصداقية تلك الآليات وجدوى التنصيص عليها في الأصل. كما اعتبر مجلس جماعة كلميم هذا الوضع مؤشرا صريحا على غياب الحكامة الفعلية التي تقتضيها مرحلة التحول التنموي التي يشهدها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس.

ولم يتردد المجلس في وصف تعاطي بعض القطاعات مع ملفات حيوية بأنه “تلكؤ مريب”. وخص البيان بالذكر ملفات لها طابع استراتيجي وحيوي بالنسبة للمدينة وساكنتها، مثل مشروع تأهيل المدينة العتيقة، والمجزرة العصرية، وكلية الطب والصيدلة، والمركز الاستشفائي الجامعي، وغيرها من المشاريع التي يرى المجلس أنها تشكل رافعة حقيقية للتنمية، لكنها تعاني من بطء غير مبرر في التنفيذ.

من أبرز النقاط التي فجّرها البيان أيضا، ما اعتبره “تراجعا مريبا وغير مفهوم” عن مشروع إحداث جامعة بمنطقة الرك الأصفر. المشروع، الذي يعود الاتفاق حوله إلى سنة 2009، سبق أن صادق عليه المجلس في دورات رسمية وخصص له وعاء عقاريا بمساحة 30 هكتارا، بل وتم التنصيص عليه في تصميم التهيئة لمدينة كلميم سنة 2018. إلا أن مؤشرات التراجع عن المشروع، وفق ما جاء في البيان، تعكس نوعا من الاعتداء على مبدأ استمرارية المرفق العام، و”تغييبا ممنهجا” للجماعة في بلورة التصورات الأولية والنهائية للمشاريع الترابية.

كما أشار البيان إلى ما اعتبره سلوكا يسيء إلى الديمقراطية التمثيلية، من خلال تغييب أعضاء المجلس الجماعي عن حضور الأنشطة الرسمية ذات الصلة بالشأن المحلي، رغم أن وضعهم القانوني كممثلين للساكنة يفرض إشراكهم في مختلف مراحل التصور والتنفيذ. وفي هذا السياق، عبّر المجلس عن رفضه القاطع لتحميل الجماعة مسؤولية الإخلال بالتزامات تقع في الأصل على عاتق قطاعات أخرى، لا سيما في ما يخص إعادة الطرق إلى حالتها الأصلية بعد أشغال الربط أو الإصلاحات.

وفي رد على اتهامات متكررة بأن الجماعة لا تساهم في تمويل المشاريع الكبرى، أوضح البيان أن مساهمة المجلس الجماعي تتمثل أساسا في توفير الأوعية العقارية اللازمة، وهي أراض تقدر قيمتها السوقية بأضعاف مضاعفة مقارنة بتكلفة الأشغال أو الدراسات. وبالتالي، فإن اختزال دور الجماعة في المعادلة التنموية لمجرد دعم مالي مباشر “هو تبسيط مخل ومحاولة لتقزيم دور مؤسسة منتخبة تمثل الساكنة”، على حد تعبير البيان.

واستنكر المجلس ما وصفه بـ”أساليب الترهيب والضغط” التي تمارس في حق عدد من أعضائه بسبب مواقفهم المنتقدة لبعض الاختلالات. كما استنكر ما أسماه بـ”الممارسات اللامسؤولة” مثل سحب الشاحنات الصهريجية من الجماعة، في توقيت حساس يتطلب تعزيز الخدمات الأساسية وليس التلاعب بها.

كما وجّه مجلس جماعة كلميم رسائل قوية إلى مختلف الأطراف المعنية، داعيا إلى تسريع التوقيع والتأشير على الاتفاقيات العالقة، وتفعيل لجان القيادة والتتبع، مع الوفاء بجميع الالتزامات التعاقدية، مؤكدا أن المجلس سيواصل العمل بروح المسؤولية، رغم الصعوبات، واضعا نصب عينيه التوجيهات الملكية التي شددت على ضرورة محاربة كل ما يضيّع الوقت والجهد والموارد العمومية، في إشارة إلى خطاب الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية الأخيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *