سياسة

مجلس حقوق الإنسان يرحب بدخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ ويدعو لضمان شروط إنجاحه

عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن ارتياحه لدخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ، اليوم الجمعة 22 غشت 2025، معتبرا ذلك خطوة مهمة في مسار تعزيز كرامة الإنسان وتكريس فلسفة إعادة التأهيل بدل الاقتصار على العقوبات السالبة للحرية.

وقالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس، إن “العقوبات البديلة ورش حقوقي في قلب نموذج دولة الحق والقانون”، مؤكدة أن هذه الآلية ستساهم في الوقاية من استفحال الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وما يترتب عنه من انتهاك للحقوق الأساسية، فضلا عن تعزيز فرص الإدماج وتأهيل المحكوم عليهم عبر تقديم خدمات مجتمعية تعود بالنفع على الجميع.

وأكد المجلس في بلاغ له، تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أنه يثمن التفاعل الإيجابي مع عدد مهم من توصياته التي قدمها في مذكرة حقوقية سنة 2022، غير أنه شدد على أن نجاح هذا الورش يبقى رهينا بمدى نجاعة الإعمال، رافعا شعار “من أجل عقوبات صديقة للحرية”.

وفي هذا السياق، دعت بوعياش إلى توفير الميزانيات الكافية والموارد الضرورية لتنزيل مقتضيات القانون الجديد، إلى جانب إطلاق حملات توعوية وتحسيسية واسعة، وتعزيز قدرات القضاة والقائمين على إنفاذ القانون لضمان التطبيق السليم وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وجدد المجلس دعوته إلى إشراك المجتمع المدني ووسائل الإعلام في التعريف بمضامين العقوبات البديلة وبناء رأي عام داعم لها، باعتبارها آلية حقوقية تضمن تحقيق العدالة دون إلحاق معاناة إضافية بالأشخاص المعنيين أو أسرهم.

تجدر الإشارة إلى أن مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول العقوبات البديلة تضمنت حوالي 50 توصية، دعت من خلالها إلى توسيع نطاق تطبيق هذه العقوبات، وتضييق لائحة الجرائم المستثناة منها.

كما شملت التوصيات مراعاة مبدأي التناسب وعدم التمييز، بما يشمل النساء والأحداث والأشخاص في وضعية إعاقة والمهاجرين والمسنين والأشخاص في وضعية إدمان، مع تعزيز صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات ومراعاة حقوق الضحايا.

ودخل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، اليوم 22 غشت 2025، حيز التنفيذ، بعد مرور سنة على نشره بالجريدة الرسمية، ليتيح للقضاء إمكانية استبدال بعض العقوبات السالبة للحرية بتدابير بديلة تراعي إعادة الإدماج وتقليص الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، من قبيل العمل للمنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير تأهيلية.

واستثنى القانون مجموعة من الجرائم من الحكم بالعقوبات البديلة، ويتعلق الأمر بالجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب، والاختلاس أو الغدر والرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية، وغسل الأموال، والجرائم العسكرية، والاتجار الدولي في المخدرات، والاتجار في المؤثرات العقلية، والاتجار في الأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.

وعقب ذلك، أصدرت رئاسة النيابة العامة، اليوم الجمعة، دليلا استرشاديا مخصصا لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة، يتضمن شرحا مفصلا لمفهوم العقوبات البديلة وأنواعها، وتوضيحا للجرائم المشمولة بها والمستثناة منها، وتوجيهات عملية بشأن كيفية ممارسة الصلاحيات الموكولة لقضاة النيابة العامة في مختلف مراحل اقتراح وتنفيذ وتتبع العقوبات البديلة.

المنفعة العامة

يمكن للمحكمة، وفق القانون، أن تستبدل العقوبة السالبة للحرية بالعمل لأجل المنفعة العامة إذا كان المحكوم عليه بالغا من العمر 15 سنة على الأقل، ويؤدى هذا العمل بشكل غير مؤدى عنه، لفائدة مؤسسات الدولة أو الجماعات أو الهيئات العمومية والخيرية أو الجمعيات ذات النفع العام، لمدة تتراوح بين 40 و3600 ساعة.

ويراعى في العمل، عند الاقتضاء، توافقه مع جنس وسن ومهنة أو حرفة المحكوم عليه، أو مع مؤهلاته وقدراته، كما يمكن أن يكون مكملا لنشاطه المهني أو الحرفي المعتاد، كما يلتزم المحكوم عليه بتنفيذ هذه العقوبة داخل أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم، ويمكن تمديدها للمدة مماثلة مرة واحدة، بحسب القانون.

وتتحمل الدولة مسؤولية تعويض الأضرار التي يتسبب فيها المحكوم عليه والتي لها علاقة مباشرة بتنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، ويحق لها الرجوع على المحكوم عليه للمطالبة بما تم أداؤه، بحسب ما ورد في القانون المنشور في الجريدة الرسمية منذ سنة.

المراقبة الإلكترونية

كما يمكن أيضا للمحكمة أن تحكم بالمراقبة الإلكترونية بديلا للعقوبة السالبة للحرية. ويتم الخضوع للمراقبة الإلكترونية من خلال تتبع حركة وتنقل المحكوم عليه بإحدى أو أكثر من وسائل المراقبة الإلكترونية المعتمدة.

ونص القانون على أن يحدد مكان ومدة المراقبة الإلكترونية من طرف المحكمة، ويراعى في ذلك خطورة الجريمة والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم عليه وسلامة الضحايا، مع عدم المساس بالحقوق الشخصية للأشخاص المتواجدين رفقته.

تدابير تأهيلية

ومنح القانون أيضا المحكمة إمكانية الحكم بالعقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية بديلا للعقوبات السالبة للحرية، وهي عقوبات تستهدف اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج.

وتتمثل هذه العقوبات، التي يمكن الحكم بواحدة أو أكثر منها، في مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا مهنيا معينا، وإقامته بمكان محدد والتزامه بعدم مغادرته، أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، أو من ارتيادها في أوقات معينة.

ومن ضمن هذه التدابير العقابية أيضا، فرض رقابة يُلزم بموجبها المحكوم عليه بالتقدم في مواعيد محددة، إما إلى المؤسسة السجنية، أو إلى مقر الشرطة أو الدرك الملكي، أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة، بالإضافة إلى التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بالأشخاص ضحايا الجريمة بأي وسيلة كانت، وخضوعه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان، وتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

الغرامة اليومية

يمكن للمحكمة، وفقا لقانون العقوبات البديلة، أن تحكم بعقوبة الغرامة اليومية بديلا للعقوبة الحبسية النافذة، بحيث تتمثل الغرامة اليومية في مبلغ مالي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها. كما يمكن الحكم بعقوبة الغرامة اليومية على الأحداث في حالة موافقة وليهم أو من يمثلهم.

ونص القانون على عدم إمكانية الحكم بعقوبة الغرامة اليومية إلا بعد الإدلاء بما يفيد وجود صلح أو تنازل صادر عن الضحية أو ذويه، أو قيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

وحدد المصدر ذاته مبلغ الغرامة اليومية بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، كما نص على أن تراعي المحكمة في تحديد الغرامة اليومية الإمكانيات المادية للمحكوم عليه أو ذويه، وتحملاته المالية، وخطورة الجريمة المرتكبة، والضرر المترتب عنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *