بعد إحصاء 32 مليون رأس.. الغموض وغياب مرجع يشوشان على أرقام القطيع الوطني

شوش الغموض وغياب مرجع يمكن الاستناد إليه على الأرقام التي أعلنتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بشأن إحصاء القطيع الوطني من الأغنام والماعز والأبقار والإبل اليوم الثلاثاء 26 غشت 2025، حيث أحصت 32.8 مليون رأس.
وكشفت الوزارة عن نتائج إحصاء القطيع الوطني، معلنة تسجيل ارتفاع في أعداد رؤوس الماشية، حيث تم إحصاء 23 مليون و832 ألف رأس، ضمنها 23 مليون و158 ألف رأس من الأغنام، و7 ملايين و474 ألف رأس من الماعز، ومليوني رأس من الأبقار، و106 آلاف رأس من الإبل.
“غياب مرجع”
لكن رغم إعلان هذه الأرقام ظل الغموض يسيطر على حجم القطيع الوطني، في ظل غياب مرجع يمكن الاستناد إليه لإبراز المنحى الذي اتخذته أعداد المواشي بالمغرب، وهو ما نبه له نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي التابعة للاتحاد المغربي للشغل ادريس عدة.
وقال عدة في تصريح لجريدة “العمق” إن وزارة الفلاحة تطلق هذه الأرقام دون ذكر مرجعها في التقييم، وما إذا كان الأمر يتعلق بنتائج إحصاء 2016 أو 2024، علما أن نتائج هذين الاحصائين لا تزال تفاصيلها طي الكتمان إلى حدود الساعة، رغم وجود تصريح لوزير الفلاحة تحدث فيه عقب إحصاء 2024 عن تراجع القطيع بنسبة 38 في المائة مقارنة بإحصاء 2016.
واعتبر أن إطلاق عملية إحصاء جديد بعد الإحصاء الذي أُنجز في دجنبر من سنة 2024 “يعزز الشكوك حول نتائج إحصاء السنة الماضية، ويرجح فرضية اعتماده في كثير من الأحيان على تصريحات الفلاحين دون معاينة دقيقة ميدانية”.
واسترسل “الأمر الذي مكّن الفلاحين الكبار من تقليص أرقام قطعانهم خوفا من الضرائب، فيما كانت تصريحات الفلاحين الصغار مشوبة بالحذر مخافة أن يؤدي التصريح بالعدد الحقيقي لرؤوس الأغنام إلى رفع مؤشرهم الاجتماعي وحرمانهم من الدعم المالي المباشر”.
وكان وزير الفلاحة أحمد البواري قد اعترف في فبراير الماضي بالتراجع الحاد في أعداد القطيع الوطني بنسبة 38% مقارنة مع الإحصاء الوطني للفلاحة لسنة 2016، وذلك بسبب توالي سنوات الجفاف للعام السابع على التوالي، وهي النتائج التي تم الاستناد إليها لتعليق شعيرة النحر في عيد الأضحى الماضي.
هذا الإحصاء لحجم القطيع الوطني، يقول ادريس عدة، “أجرته وزارة الداخلية بتنسيق مع وزارتي الفلاحة والمالية، وتكفلت، على ما يبدو، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات من خلال البلاغ بالإعلان عن نتائجه العامة فقط”.
السلالات الأصلية
وبخصوص الطريقة التي جرى بها الإعلان عن هذه الأرقام، يقول المتحدث، “فهي لا تمكن الرأي العام والفاعلين من الحصول على المعلومات الكافية، وهو ما يفرض عقد ندوة صحافية لتقديم تقرير شامل للرأي العام حول معضلة تستأثر بانشغاله طيلة السنوات الثلاث الأخيرة وتهم قدرته الشرائية”.
في سياق متصل، نبه عدة إلى إغفال البلاغ لأوضاع السلالات الحيوانية الأصلية، إذ لا توجد خريطة دقيقة تبرز حجمها وتوزيعها، كما لم تتم الإشارة إلى أي برنامج استعجالي لحمايتها، حماية للتنوع البيولوجي ولأن هذه السلالات الأصلية هي الأكثر قدرة على التكيف مع التغيرات التي يشهدها المناخ المغربي، بحسب تعبيره.
وتابع عدة “علمنا من وثائق رسمية أن إحصاء 2016 كشف أن أكثر من 50 في المائة من الماشية آنذاك كانت تتواجد في مزارع الفلاحين الصغار، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى استهداف هذه الفئة، خصوصا من فقدوا قطعانهم تماما، ببرامج الوزارة، وما نصيبها من مبلغ 11 مليار درهم الذي تخصصه الحكومة لدعم مربي الماشية”.
وشدد المسؤول النقابي على أن هذا المعطى يستدعي مراجعة معايير الدعم في اتجاه أكثر ارتباطا بالواقع، وجعلها “أكثر عدالة حتى لا تستحوذ عليه فئة الملاك الكبار والسماسرة”. كما لم يوضح البلاغ موعد انطلاق عملية ترقيم القطيع، و”هي العملية التي ستحدد الحجم الحقيقي للقطيع والمستفيدين من الدعم، وتمكن من تتبع صحته وحمايته”، بحسب تعبيره.
من جهة أخرى، سجل نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي التابعة للاتحاد المغربي للشغل، “غياب أي تقدير لمجهود موظفي وأطر وزارة الفلاحة خلال هذا الإحصاء، الذي مر في ظروف عصيبة ودون تعويض حتى الآن”.
وخصصت الحكومة حوالي 11 مليار درهم كدعم مالي مباشر لفائدة مربي الماشية قصد اقتناء الأعلاف والحفاظ على الإناث الموجهة للتوالد وكذلك لتخفيف مديونية المربيين وتنظيم حملات التلقيح والتأطير التقني لمربي الماشية، وتحسب قيمة الدعم لكل مستفيد على أساس رؤوس الماشية.
جدير بالذكر أن الملك محمد السادس أصدر توجيهاته خلال ترؤسه مجلسا وزاريا في ماي الماضي، قصد الحرص على أن تكون عملية إعادة تكوين القطيع الوطني للمشاة ناجحة على جميع المستويات، بكل مهنية ووفقا لمعايير موضوعية، وأن يوكل تأطير عملية تدبير الدعم إلى لجان تشرف عليها السلطات المحلية.
اترك تعليقاً