مجتمع

“إعفاء” المحامين وموظفي العدل والجماعة من رسوم “الصابو” يفجر جدلا واسعا بالبيضاء

أثار قرار غير معلن صادر عن جماعة الدار البيضاء، يقضي باستثناء المحامين وموظفي وزارة العدل وعدد من الموظفين الجماعيين من أداء واجبات موقف السيارات الخاضع لنظام “الصابو”، جدلا واسعا في الأوساط المهنية والقانونية، بعدما جرى تنفيذه في الخفاء بتنسيق مع شركة “كازا بيئة”.

وبحسب معطيات متطابقة، فإن هذه القرارات لم تمر عبر القنوات الرسمية للمجلس الجماعي أو عبر مقررات معلنة للرأي العام، بل جرى تنزيلها بشكل غير رسمي، ما اعتبره متتبعون خرقا لمبدأ المساواة أمام القانون، ومساسا بحق المواطنين في الاستفادة المتكافئة من المرافق العمومية.

قرار الإعفاء أثار غضب عدد من السائقين والمرتفقين، الذين تساءلوا عن الأساس القانوني الذي يتيح إعفاء فئات محددة من أداء الرسوم مقابل ترك سياراتهم في الشارع، في وقت يلتزم فيه باقي المواطنين بالأداء تحت طائلة الحجز أو الغرامة.

ويرى حقوقيون أن مثل هذه القرارات من شأنها أن تفتح الباب أمام “الزبونية” و”المحاباة” في تدبير الشأن المحلي، مطالبين بضرورة الكشف عن الجهة التي أعطت التعليمات، وتوضيح الإطار القانوني الذي تستند إليه.

انتقادات وجهت كذلك لشركة “كازا بيئة”، التي تدبر مرفق “الصابو”، بعدما اتهمت بالمساهمة في تطبيق قرارات تخالف مبدأ الشفافية، خاصة وأن العقد المبرم بينها وبين الجماعة لا ينص على أي إعفاءات لفئات مهنية أو اجتماعية دون غيرها.

ووفقا لمصادر جريدة “العمق المغربي”، فقد سبق لجماعة الدار البيضاء، عن طريق شركة “كازا بيئة”، أن وقّعت اتفاقية شراكة مع هيئة المحامين بالعاصمة الاقتصادية، تتعلق بإلغاء “الصابو” والاستفادة من مواقف السيارات، غير أن الاتفاقية لم تفعل بسبب عدم استكمال عدد المنخرطين.

وأكد مولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة الدار البيضاء المكلف بقطاع النظافة، أن نظام “الصابو” يظل إجراء تنظيميا يهم جميع ساكنة العاصمة الاقتصادية دون استثناء، باعتباره جزءا من سياسة تدبير مواقف السيارات بالمدينة.

وأوضح أن أي استثناء أو إعفاء من هذا النظام يجب أن يمر عبر قنوات رسمية وقرارات معلنة بشكل واضح، حفاظا على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين مختلف الفئات.

وأشار أفيلال، في تصريح لجريدة العمق المغربي، إلى أنه لا علم له بوجود قرارات غير معلنة تهم استثناء بعض الفئات من أداء واجبات “الصابو”، موضحا أن مثل هذه الخطوات، إن صحت، من شأنها أن تثير جدلا واسعا وتمس بمصداقية التدبير الجماعي.

وشدد على أن الجماعة مطالبة بتوضيح سياستها في هذا الشأن للرأي العام، حتى لا يبقى الباب مفتوحا أمام التأويلات أو اتهامات المحاباة.

وفي سياق متصل، لفت نائب العمدة إلى أن شركة “كازا بيئة”، المفوض لها تدبير جزء من هذا القطاع، سبق أن دخلت في اتفاقيات مع هيئة المحامين بالدار البيضاء، وذلك في خضم الجدل الكبير الذي أثاره تطبيق نظام “الصابو” منذ انطلاقه.

وأوضح أن تلك الاتفاقيات كانت مبنية على صيغة تفاهم تقضي بأداء واجبات شهرية بشكل جماعي ومنظم، بما يتيح نوعا من التسهيل في المعاملات دون أن يُعتبر إعفاءً كاملاً أو خرقاً للقانون.

وأضاف أفيلال أن مثل هذه المبادرات تعكس في جوهرها محاولة للتوفيق بين متطلبات السير العادي للنظام وبين خصوصية بعض المهن التي تقتضي طبيعة عملها تواجدا دائما ومتنقلا في محيط المحاكم أو المؤسسات العمومية.

وشدد في المقابل على أن هذا التوافق لا ينبغي أن يُفهم على أنه منح امتياز أو أفضلية، بل مجرد آلية تنظيمية لتسهيل الأداء وضمان احترام القانون.

وختم المسؤول الجماعي تصريحه بالتأكيد على أن الملف يحتاج إلى المزيد من الوضوح والشفافية، سواء من جانب المجلس الجماعي أو من طرف الشركات المفوض لها.

كما دعا إلى فتح نقاش عمومي مسؤول يضع في صلب اهتمامه العدالة المجالية والمساواة في الاستفادة من الخدمات الجماعية، بعيداً عن أي شبهة تمييز أو استثناءات غير معلنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *