ساكنة المدينة القديمة بالدار البيضاء ترفض “تسييس” ملفها وتتشبث بخيار إعادة التأهيل

عبرت الساكنة المتضررة من قرارات الهدم الكلي بالمدينة القديمة بالدار البيضاء عن رفضها القاطع لما وصفتها بمحاولات بعض الأطراف السياسية استغلال قضيتهم الاجتماعية وتحويلها إلى ورقة انتخابية.
وأكدت الساكنة المتضررة خلال الجمع العام الثاني عشر لتنسيقية ضحايا قرارات الهدم الكلي، الذي انعقد بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن مطالبها واضحة ومحددة، وتتمثل أساسا في إعادة تأهيل البنايات والمنازل المهددة بالسقوط، بدل اللجوء إلى قرارات الهدم التي خلّفت مآسي إنسانية واجتماعية ثقيلة.
وشدد المتدخلون على أن ملفهم ليس مجالا للمزايدات السياسية، بل قضية اجتماعية وإنسانية بالدرجة الأولى، ترتبط بحقهم في السكن الكريم والعيش الآمن داخل أحياء تاريخية تحمل رمزية حضارية وثقافية عميقة للمدينة.
وخلال مداخلاتهم، أوضح مواطنون أن ما يثير استياءهم هو محاولات بعض المنتخبين، إلى جانب أحزاب سياسية بعينها، الركوب على معاناتهم في سياق الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، عبر وعود فضفاضة أو محاولات “شيطنة” حركتهم المطلبية.
وأكد الحاضرون أن هذه المحاولات لن تنجح في صرف أنظارهم عن هدفهم الأساسي المتمثل في ضمان حلول عملية ومستدامة، تحافظ على هوية المدينة العتيقة وتراعي مصالح ساكنتها.
كما أبرزت التنسيقية أن ملف الهدم لا يمكن عزله عن السياق العام الذي تعيشه مدينة الدار البيضاء، حيث تشكل الأحياء التاريخية جزءا من الذاكرة الجماعية للساكنة، وأي قرار يهم هذه المنطقة لا بد أن يبنى على رؤية شمولية تراعي الأبعاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، لا أن يستعمل كأداة لتصفية حسابات انتخابية أو سياسية ضيقة.
وطالب المتضررون السلطات المحلية والجهات الوصية بفتح حوار جاد ومسؤول معهم، يفضي إلى حلول عملية تقوم على إعادة تأهيل البنايات المتضررة، عوض الاكتفاء بخيار الهدم الذي يفاقم الأزمة ويزيد من معاناة الأسر التي تجد نفسها في مواجهة التشرد والتهجير القسري.
وقال يونس ريتب، منسق تنسيقية ضحايا قرارات الهدم بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، إن سكان المدينة العتيقة ما زالوا متشبثين بمطلب إعادة تأهيل المنطقة باعتباره الحل الأمثل والأنسب لتنفيذ المشروع التنموي الذي طال انتظاره.
وأكد ريتب، خلال مداخلته في أشغال الجمع العام الثاني عشر للتنسيقية، أن هذا الملف ذو طابع اجتماعي وحقوقي بالدرجة الأولى، ولا ينبغي تحويله إلى ورقة انتخابية أو استغلاله لخدمة أجندات سياسية ضيقة.
وأوضح أيضا أن التنسيقية واجهت في أكثر من مناسبة محاولات للركوب على الملف وتحويله إلى حملة انتخابية سابقة لأوانها، غير أن هذه المحاولات باءت بالفشل بعد أن تم التصدي لها بحزم، حتى وصل الأمر إلى طرد بعض الأشخاص الذين حاولوا استغلال معاناة الساكنة لحسابات شخصية.
وشدد المتحدث على أن هذا الموقف يبعث برسالة واضحة إلى الرأي العام مفادها أن الملف المطلبي للسكان المتضررين من قرارات الهدم لا يقبل التشويه أو المزايدات السياسية، وأن الهدف الأساسي للتنسيقية هو الدفاع عن حق الساكنة في العيش الكريم وضمان حلول بديلة تحافظ على طابع المدينة العتيق وعلى الاستقرار الاجتماعي للأسر.
كما نفى ريتب بشكل قاطع ما يتم الترويج له من أخبار حول وجود انقسامات داخلية أو خلافات بين مكونات التنسيقية، معتبرا أن مثل هذه الإشاعات مجرد محاولات للتشويش على نضالات الساكنة وإضعاف جبهتهم الموحدة.
وأضاف أن هناك أطرافا سياسية تسعى بكل الطرق إلى تسييس الملف خدمة لمصالحها الانتخابية، لكن ذلك، على حد تعبيره، “أمر مرفوض بتاتا”، لأن القضية أكبر من أي حسابات انتخابية وتحتاج إلى معالجة مسؤولة من قبل السلطات المحلية والمؤسسات المعنية.
وخلص منسق التنسيقية إلى التأكيد على أن الساكنة تطالب فقط بالإنصاف وإعادة تأهيل المنطقة وفق مقاربة اجتماعية وإنسانية، تراعي حقوق الأسر المتضررة وتحفظ للمجال التاريخي قيمته التراثية والثقافية، داعيا في الوقت ذاته كل الجهات المسؤولة إلى التعامل مع هذا الملف بجدية، بعيدا عن كل أشكال المزايدات والاصطفافات السياسية.
اترك تعليقاً