اقتصاد

المغرب والصين.. تحالف استراتيجي بملايير الدولارات وملف الصحراء في قلب التقارب

محمد السادس في الصين

كشف تقرير للمجلة الفرنسية “جون أفريك” أن المغرب والصين نقلا علاقاتهما إلى مستوى جديد غير مسبوق، عبر إرساء حوار استراتيجي يهدف إلى ترسيخ تحالف اقتصادي وسياسي عميق، حيث تضخ بكين استثمارات بمليارات الدولارات في المملكة، بينما تسعى الرباط إلى حشد دعم بكين في ملف الصحراء.

وأوضح المصدر أن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أبرم مع نظيره الصيني، وانغ يي، في بكين يومي 19 و20 شتنبر، اتفاقا يؤسس لحوار استراتيجي بين وزارتي خارجية البلدين. وأضاف أن الطرفين اتفقا كذلك على مراجعة الاتفاق الثنائي للاستثمار لعام 1995، وأظهرا تقاربا في وجهات النظر حول مبادئ السيادة الوطنية والسلامة الترابية ورفض الانفصال.

وأشار التقرير إلى أن هذا التطور الدبلوماسي يأتي بعد عشرة أشهر فقط من زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الدار البيضاء في نوفمبر 2024، حيث كان في استقباله ولي العهد الأمير مولاي الحسن، معتبرا أن ذلك الاستقبال لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي، بل رسالة واضحة بأن الصين أصبحت في قلب الخيارات الاستراتيجية للمغرب.

وأكدت “جون أفريك” أن المليارات هي التي تعزز هذا التحالف، حيث قفزت الصين من المرتبة الثالثة عشرة إلى المرتبة الثالثة كأكبر مستثمر في المغرب، بحجم تبادلات تجارية سنوية تقارب 10 مليارات دولار.

وأضافت المجلة أن الإعلانات الأخيرة عن المشاريع المشتركة تعكس حجم الشراكة المتنامي، ومنها إنشاء مصنع للألمنيوم الأخضر بقيمة 3 مليارات دولار، وتحالف بين مجموعة “سي إن جي آر” الصينية وشركة المدى لإنتاج مواد بطاريات الليثيوم أيون بملياري دولار، بالإضافة إلى المشروع الضخم لشركة “غوشن هاي-تك” في القنيطرة لبناء أكبر مصنع أفريقي للبطاريات الكهربائية باستثمار يبلغ 5.6 مليار دولار.

وذكر المقال أن العلاقات بين البلدين تستند إلى تاريخ من الدعم المتبادل، حيث كان المغرب ثاني دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية عام 1958، كما دافع عن قبولها عضوا في الأمم المتحدة، وهو موقف لم تنسه بكين، وفقا لما أورده المصدر.

وأفاد التقرير بأن قضية الصحراء تبقى في قلب هذه المعركة الدبلوماسية بالنسبة للمغرب، ورغم أن البيان الرسمي المشترك لم يشر إليها صراحة، فقد أكد وجود “تقارب في وجهات النظر والمبادئ والقيم” بشأن القضايا الإقليمية والدولية.

وأوضح خبراء استشهد بهم التقرير أن الصين، التي تحافظ على حياد استراتيجي في هذا الملف، بدأت لغتها الدبلوماسية تتطور في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت تتحدث عن حلول “واقعية” و”معقولة”، وهي مصطلحات تقترب من خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب، مشيرا إلى أن الصين لم تصوت قط ضد المغرب في مجلس الأمن، بل صوتت لصالح القرار 2602 في عام 2021.

وتابع المصدر أن الصين ترى في المغرب بوابة مستقرة سياسيا واقتصاديا نحو أفريقيا وأوروبا، ومنصة استراتيجية لمبادرة “طرق الحرير الجديدة”. من جانبها، تسعى الرباط إلى تنويع حلفائها في عالم متعدد الأقطاب، خاصة في ظل التقلبات التي شهدتها علاقاتها مع شركاء تقليديين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *