طلبة الجنوب الشرقي وأزمة السكن.. معاناة مريرة تتجدد مع كل موسم جامعي

ككل سنة، ومع بداية الموسم الجامعي، تتجدد نفس الحكاية المريرة لطلبة الجنوب الشرقي، حكاية تُروى جيلا بعد جيل، تختزلها معاناة أسر بسيطة يتبدد فرحها بنجاح أبنائها في امتحان البكالوريا أمام سؤال واحد يطغى على كل شيء: أين سيسكن الطالب؟
فرحة تصير قلقا
ما إن يطوي التلميذ صفحة الثانوية حتى يجد نفسه على أبواب جامعات بعيدة، في مدن لا ترحم جيوب العائلات. أكادير، حيث جامعة ابن زهر، باتت الوجهة شبه الوحيدة لآلاف الطلبة، لكنها أيضا صارت مسرحا لمعاناة لا تنتهي، أسعار كراء ملتهبة، وغرف مكتظة، وغياب حلول مؤسساتية توفر الحد الأدنى من الإستقرار.
المدن الجامعية التي كان يفترض أن تكون الحاضن الطبيعي للطلبة، ما تزال غائبة أو محدودة القدرة الإستيعابية، الوعود تتكرر، والتصريحات تتناسل، لكن واقع الطالب لم يتغير: هشاشة إجتماعية وضغط نفسي يضاعف منسوب الهدر الجامعي ويجعل الحق في التعليم الجامعي مهددا.
لا يمكن الحديث عن تعليم عادل وديمقراطي دون ضمان الحق في السكن اللائق للطلبة، فالطالب الذي يقضي أياما في البحث عن غرفة، أو يعمل ليلا لتغطية مصاريف الكراء، لن يكون قادرا على التفرغ للتحصيل العلمي، السكن الجامعي ليس ترفا، بل شرط أساسي يضمن تكافؤ الفرص ويكرس العدالة الإجتماعية.
في هذا السياق، قال عبد العزيز بويملالن، رئيس المؤسسة المغربية للتميز بإقليم تنغير، إن معاناة طلبة الجنوب الشرقي، خاصة إقليم تنغير وورزازات، وزاكورة، تتفاقم مباشرة بعد الحصول على شهادة البكالوريا، حيث يضطرون للإنتقال إلى مدن كبرى كأكادير ومراكش، بعيدا عن أسرهم ووسط تحديات قاسية.
سنة استثنائية
وأضاف المتحدث أن أول مشكل يواجه الطلبة بعد الإلتحاق بالجامعة هو مشكل الكراء، في ظل غياب التوجيه والإرشاد خاصة في الأيام الأولى داخل المدينة، وأوضح أن هذه السنة استثنائية، بحيث تفاقمت أزمة الكراء خصوصا في البيوت التي يتم استئجارها من طرف الطلبة والطالبات المنحدرين من أماكن بعيدة، مما زاد من عمق معاناتهم.
وأشار بويملالن إلى أن عددا من مالكي الشقق استغلوا هذه الظرفية لرفع الأسعار إلى مستويات قياسية، إذ وصل ثمن بيت صغير لا يتسع سوى لشخصين أو ثلاثة أشخاص إلى ما يزيد عن 2000 درهم بمراكش، خصوصا في منطقة الداوديات وقرب السملالية، فيما يشهد نفس الوضع أحياء مدينة أكادير كالسلام والداخلة والقدس والفرح.
وشدد رئيس المؤسسة المغربية للتميز على أن هذه الأخيرة تولي أهمية كبرى لمجال التربية والتكوين، وتحاول قدر الإمكان تسهيل مسار الطلبة عبر مبادرات عملية، من بينها وضع ملفات تسجيل الطلبة بالجامعات في مراكش وأكادير. وأضاف أن بعد التسجيل القبلي يتم التنسيق بين الطلبة عبر مجموعات “واتساب” للتعاون فيما بينهم، خصوصا في ما يتعلق بإيجاد الكراء.
وأكد بويملالن، بنبرة مؤسفة، أن هذه المرحلة تعتبر من أصعب المراحل بالنسبة للطلبة، خاصة في صفوف الفتيات اللواتي يجدن أنفسهن أمام إكراهات مضاعفة.
وختم المصدر ذاته حديثه قائلا: “أتمنى أولا أن يتم دعم هذه المبادرات التي يقوم بها المجتمع المدني في خدمة شباب مناطق الجنوب الشرقي من أجل إيجاد حلول وتسهيل الصعوبات التي تواجه الطلبة، في انتظار إحداث جامعة مستقلة بجهة درعة تافيلالت، حتى لا يضطر طلبة الجهة إلى التنقل نحو مدن بعيدة، الأمر الذي يؤثر على نفسيتهم وعلى جودة تعليمهم”.
اترك تعليقاً