مجتمع، منوعات

اتهامات لعمدة البيضاء بخرق القانون التنظيمي لحماية “السلايتية” من العزل

تعيش جماعة الدار البيضاء مجددا على وقع جدل قانوني حاد، بعد اتهامات وجهها عدد من أعضاء المجلس لرئيسته نبيلة الرميلي بارتكاب خرق واضح لأحكام المادة 67 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، من خلال عدم تلاوة ورقة الحضور خلال الدورات العادية والاستثنائية، وعدم الإعلان عن أسماء الأعضاء المتغيبين كما ينص عليه القانون.

وحسب ما كشفه عدد من المستشارين الجماعيين، فإن عمدة الدار البيضاء لم تلتزم بمسطرة الإعلان عن المتغيبين عن دورات المجلس، سواء في الدورات العادية أو الاستثنائية، وهو ما يعد مخالفة صريحة للمادة 67، التي تعتبر حضور الأعضاء إجباريا، وتلزم رئيسة المجلس بقراءة سجل الحضور عند افتتاح كل دورة، والإعلان عن أسماء المتغيبين أمام الجميع.

وأكد هؤلاء المنتخبون أن هذا الإجراء البسيط في ظاهره، يحمل أهمية قانونية كبرى، لأنه يترتب عليه إمكانية عزل الأعضاء المتغيبين بدون مبرر، بعد ثلاث دورات متتالية أو خمس متقطعة، كما تنص عليه المادة نفسها.

وتنص المادة 67 من القانون التنظيمي رقم 113.14 بوضوح على أن: “كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة لم يلب الاستدعاء لحضور ثلاث دورات متتالية أو خمس دورات بصفة متقطعة دون مبرر يقبله المجلس، يعتبر مقالا بحكم القانون، ويجتمع المجلس لمعاينة هذه الإقالة.”

كما تلزم نفس المادة رئيس المجلس بـ: مسك سجل الحضور عند افتتاح كل دورة، والإعلان عن أسماء الأعضاء المتغيبين، مع توجيه نسخة من سجل الحضور إلى عامل العمالة أو الإقليم داخل أجل خمسة أيام من انتهاء الدورة، وإخبار العامل بالإقالات القانونية التي تنتج عن تغيّب الأعضاء المتكرر.

وشدد فاعلون سياسيون على أن ما يجري داخل مجلس جماعة الدار البيضاء – حسب مصادر متطابقة – يخالف هذه المقتضيات التنظيمية، إذ لا يتم الإعلان عن أسماء المتغيبين بشكل رسمي، ولا يتم إرسال لوائح الحضور للعامل في الآجال المحددة، وهو ما يفقد القانون قوته الردعية ويكرس سياسة “اللامساءلة”.

عدد من المستشارين وصفوا هذا التجاهل بأنه “حماية واضحة لما يسمونهم بالسلايتية”، في إشارة إلى بعض المنتخبين الذين يغيبون بشكل مستمر عن اجتماعات المجلس دون مبرر، ومع ذلك يواصلون الاستفادة من امتيازاتهم كمستشارين، رغم أن القانون يعتبرهم مقالين تلقائيا.

ويرى مراقبون أن هذا الوضع يضر بمصداقية المجلس الجماعي للعاصمة الاقتصادية، ويطرح تساؤلات حول مدى احترام الرميلي للقوانين التنظيمية التي تحكم تدبير الشأن المحلي، خاصة أن تطبيق المادة 67 يعد واجبا قانونيا وليس اختياريا.

في ظل هذه المعطيات، ترتفع الأصوات المطالبة بـتدخل والي جهة الدار البيضاء سطات محمد امهيدية لتفعيل مقتضيات المادة 67، ومعاينة حالات الغياب المتكررة، حرصا على احترام القانون ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وقال سعيد الصبيطي، فاعل سياسي بمدينة الدار البيضاء، إن “رئيسة المجلس، نبيلة الرميلي، ترتكب خرقا قانونيا واضحا يتمثل في عدم تلاوة لائحة أسماء الأعضاء المتغيبين عن الدورات العادية أو الاستثنائية، رغم أن هذا الإجراء منصوص عليه بوضوح في القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية”.

وأوضح الصبيطي، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن هذا الخرق لا يمكن اعتباره شكليا، بل هو إخلال بمبدأ الشفافية والمسؤولية الذي يجب أن يميز أشغال المجالس المنتخبة.

وأضاف أن “الرئيسة ملزمة قانونا بتسجيل الحضور وتحديد ما إذا كان الغياب مبررا أم لا، حتى يتسنى للمجلس اتخاذ الموقف المناسب وفق المساطر المنصوص عليها في القوانين التنظيمية”.

وأشار المتحدث إلى أن “الطريقة التي تدار بها بعض الجلسات داخل جماعة الدار البيضاء تثير العديد من علامات الاستفهام، إذ يتم أحيانا القفز مباشرة إلى مناقشة النقط المدرجة في جدول الأعمال دون المرور بالإجراءات الشكلية الضرورية، وعلى رأسها تلاوة ورقة الحضور”.

وتابع الصبيطي قائلا إن “تلاوة ورقة الحضور ليست مجرد إجراء إداري روتيني، بل لها أبعاد قانونية وديمقراطية مهمة، من أبرزها الحد من ظاهرة التوقيعات المشبوهة التي باتت تنخر العمل الجماعي وتشكل تهديدا للنزاهة داخل المجالس المنتخبة”.

وأضاف أن “هناك بعض الأعضاء الذين يسجل حضورهم رغم غيابهم الفعلي، وهو ما يضرب في العمق مصداقية مؤسسة المجلس ويمنح غطاء قانونيا وهميا لبعض المنتخبين المتغيبين الدائمين، ما يحرم المواطنين من تمثيلية حقيقية وفعالة”.

وختم الفاعل السياسي تصريحه بالتأكيد على أن “الالتزام بالإجراءات القانونية ليس خيارا، بل هو ضرورة لضمان الشفافية والمساءلة وحماية المال العام، وعلى العمدة ومن معها أن يتحملوا مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في هذا الشأن، لأن التغاضي عن مثل هذه الممارسات يضعف ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *