خارج الحدود

بوتفليقة يعلن خطته الجديدة لإدارة البلاد .. ويكشف مهمته الأخيرة

كشف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، عن خطته الجديدة لإدارة البلاد خلال “الأزمة” التي تمر بها حاليا، معلنا عن طبيعة المهمة الأخيرة التي سيقوم بها، بعدما أعلن انسحابه من السباق الرئاسي، وتأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 18 أبريل القادم، وذلك في ظل أسابيع من المظاهرات غير المسبوقة الرافضة لترشحه لولاية خامسة.

وعين بوتفليقة، مساء اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة، نور الدين بدوي في منصب الوزير الأول وكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة، خلفا لأحمد أويحيى الذي قدم استقالته اليوم، دقائق قليلة بعد رضوخه لمطالب المتظاهرين وإعلانه الانسحاب من سباق الرئاسة، كما استقبل بوتفليقة رمطان لعمامرة، وعينه نائبا للوزير الأول ووزيرا للشؤون الخارجية.

“جمهورية جديدة”

وقال بوتفليقة في بيان رئاسي أصدره مساء اليوم الإثنين، تحت اسم “رسالة إلى الأمة، إنه “لا محل لعهدة خامسة، ولم ينو قط الإقدام على طلبها، نظرا لسنه وحالته الصحية، موضحا أن الغرض من تأجيل الانتخابات هو “الاستجابة للطلب الملِح الذي وجهتموه إلي، حرصا منكم على تفادي كل سوء فهم فيما يخص وجوب وحتمية التعاقب بين الأجيال الذي التزمت به”.

وأعلن يوتفليقة عزمه إجراء تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة في أقرب الآجال، وأضاف حسب ما جاء في البيان الرئاسي، أن هذه التعديلات ستكون “ردا مناسبا على المطالب التي جاءتني منكم، وبرهانا على تقبلي لزوم المحاسبة والتقويم الدقيق لممارسة المسؤولية على جميع الـمستويات، وفي كل القطاعات”.

وقال في هذا السياق: “حالتي الصحية و سِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا وهو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعًا”، إن هذه الجمهورية الجديدة وهذا النظام الجديد، سيوضعان بين أيدي الأجيال الجديدة من الجزائريات والجزائريين الذين سيكونون الفاعلين والـمستفيدين في الحياة العمومية وفي التنمية الـمستدامة في جزائر الغد”.

“مرحلة انتقالية”

بوتفليقة كشف جملة من الخطوات التي يعتزم القيام بها خلال المرحلة القادمة، وعلى رأسها تنظيم ندوة وطنية جامعة مستقلة، “ستكون بمثابة هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة، لتدارس وإعداد واعتماد كل أنواع الإصلاحات التي ستشكل أساس النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية”.

وأوضح الرئيس الجزائري، أن هذه الندوة الوطنية المستقلة هي التي ستتولى بكل سيادة، وتحدد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، كما ستتولى تنظيم أعمالها بحرية تامة بقيادة هيئة رئاسية تعددية، على رأسها شخصية وطنية مستقلة، تحظى بالقبول والخبرة، على أن تحرص هذه الندوة على الفراغ من عُهدتها قبل نهاية عام 2019، مؤكدا عدم ترشحه للانتخابات بأي حال من الأحوال.

وأضاف أن مشروع الدستور الذي ستعده الندوة الوطنية سيعرض على الاستفتاء الشعبي قبل أن يصبح ساري المفعول، موضحا بالقول: “هذا الذي أعتبر أنه مهمتي الأخيرة، التي أختم بها ذلكم المسار الذي قطعته بعون الله تعالى ومَدَدِهِ، وبتفويض من الشعب الجزائري، ستكون هذه النّدوة عادلة من حيث تمثيلُ المجتمعِ الجزائري ومختلف ما فيه من المشارب والمذاهب”.

الانتخابات المقبلة

وبخصوص موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال بوتفليقة في بيان الرئاسة، إنها ستنظم عقب الندوة الوطنية الجامعة المستقلة، تحت إشراف حصري من لجنة انتخابية وطنية مستقلة، ستُحدد عهدتها وتشكيلتها وطريقة سيرها بمقتضى نص تشريعي خاص، سيستوحى من أنجع وأجود التجارب والممارسات المعتمدة على المستوى الدَّوْلي، وفق تعبيره.

وتابع قوله: “لقد تقرر إنشاء لجنة انتخابية وطنية مستقلة استجابةً لمطلب واسع عبرتْ عنه مختلف التشكيلات السياسية الجزائرية، وكذا للتوصيات التي طالما أبدتها البعثاتِ الـملاحظة للانتخابات التابعة للمنظمات الدّولية والإقليمية التي دعتْها واستقبلتها الجزائر بمناسبة الـمواعيد الانتخابية الوطنية السابقة”.

وأشار إلى أنه “سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بدعم مكونات النّدوة الوطنية، وهذه الحكومة ستتولى الإشراف على مهام الإدارة العمومية ومصالح الأمن، وتقدم العون للجنة الانتخابية الوطنية المستقلة”، وذلك “بغرض الإسهام على النحو الأمثل في تنظيم الانتخاب الرئاسي في ظروف تكفل الحرية والنزاهة والشفافية لا تشوبها شائبة”.

ولفت إلى أنه الـمجلس الدستوري ستولى، بكل استقلالية، الإضطلاع بالمهام التي يخولها له الدستور والقانون، فيما يتعلَّق بالانتخاب الرئاسي، حسب بلاغ للبيان الرئاسي.

تسليم السلطة

وتعهد بوتفليقة تسليم مهام رئيس الجمهورية وصلاحيته للرئيس الذي سيختاره الشعب بكل حرية في الانتخابات القادمة، قائلا: “أتعهّدُ أمام الله عزَّ وجلَّ، وأمام الشعب الجزائري، بألاّ أدّخِر أيَّ جهدٍ في سبيل تعبئة مؤسسات الدّولة وهياكلها ومختلفِ مفاصلها وكذا الجماعات الـمحليّة، من أجل الإسهام في النجاح التام لخطة العمل هذه”.

وأضاف: “كما أتعهّدُ بأن أسهر على ضمان مواظبة كافة المؤسسات الدّستورية للجمهورية، بكل انضباط، على أداء المهام المنوطة بكل منها، وممارسة سُلطتها في خدمة الشعب الجزائري و الجمهورية لا غير. خِتامًا أتعهّدُ، إن أمدني الله تبارك وتعالى بالبقاء والعون أن أسلم مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية”.

وشدد على أنه “سيبعث تعبئة أكبر للسلطات العمومية، وكذا لمضاعفة فعالية عمل الدّولة في جميع المجالات، قرَّرتُ أن أُجري تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة، في أقرب الآجال. والتعديلات هذه ستكون ردًا مناسبا على الـمطالب التي جاءتني منكم وكذا برهانا على تقبلي لزوم المحاسبة و التقويم الدقيق لـممارسة الـمسؤولية على جميع الـمستويات، وفي كل القطاعات”.

عدم الترشح

وأوضح بوتفليقة أن عدم إجراء انتخاب رئاسي يوم 18 أبريل المقبل، الغرض منه هو “الاستجابة للطلب الـمُلِح الذي وجهتموه إلي، حرصا منكم على تفادي كل سوء فهم فيما يخص وجوب و حتمية التعاقب بين الأجيال الذي اِلْتزمت به، ويتعلقُ الأمر كذلك بتغليب الغاية النبيلة الـمتوخاة من الأحكام القانونية التي تكمُن في سلامة ضبط الحياة الـمؤسساتية، والتناغم بين التفاعلات الاجتماعية – السياسية”.

وشدد على ضرورة “التقيد باستحقاقات مرسومة سلفا”، معتبرا أن “تأجيل الانتخابات الرئاسية المنشود يأتي إذن لتهدئة التخوفات المعبَّر عنها، قصد فسح المجال أمام إشاعة الطمأنينة والسكينة والأمن العام، ولنتفرغ جميعا للنهوض بأعمال ذات أهمية تاريخية ستمكّننا من التحضير لدخول الجزائر في عهد جديد، وفي أقصر الآجال”.

واعتبر الرئيس أن الجزائر “تمُرُّ بمرحلة حساسة من تاريخها. ففي الثامن من شهر مارس الجاري، و في جُمعةِ ثالثة بعد سابقتيها، شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة. ولقد تابَعـْتُ كل ما جرى، و كما سبق لي وأن أفضيت به إليكم في الثالث من هذا الشهر، إنني أتفهمُ ما حرك تِلكَ الجُموعِ الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب هذا للتعبيرِ عن رأيهم، ذلكم الأسلوب الذي لا يفوتني، مرَّة أخرى، أن أنوه بطابعه السلـمي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *