سياسة

بنعبد الله: لا نكهة سياسية للحكومة .. والأوضاع تدفع لمغادرة الوطن

اعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، أن حكومة العثماني الحالية “لا نكهة سياسية لها، ولا تصريح سياسي أعلنته بخصوص توجهاتها الجديدة، ولا مبادرات من قِبلها لتجاوز صورتها الباهتة، أو لتوضيح الغموض الذي يَلُفُّ عملها”.

وأضاف بنعبد الله، أثناء تقديمه تقرير المكتب السياسي أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية لحزبه، اليوم السبت، أنه “لا شيء تغير إيجابا، كما ننادي بذلك، مما يؤدي إلى مزيد من الاحتقان، وإلى مزيد من الغضب، ومزيد من الإفرازات المجتمعية الحانقة، وإلى مزيد من الرغبة في مغادرة الوطن، أو على الأقل الاستقالة من قضاياه”.

وأشار زعيم حزب الكتاب إلى أن “جميع المؤشرات تُنبئُ بكون الخلافات والتشنجات بين مكونات الحكومة مُــرَشَّحَةٌ لمزيد من التفاقم كلما اقتربنا من موعد الانتخابات المقبلة”، وفق تعبيره.

وقال: “كنا نأمل أن تُكَذِّبَنَا الوقائع، لكن ها نحن نتابع للأسف كيف أن الأغلبية تُمْعِنُ في إخلاف موعدها مع مُباشرة الإصلاحات الكبرى والأساسية، وكيف أن السمة الأساسية لهذه الأغلبية هي عدم الانسجام المتجلي في استمرار الصراع بين مكوناتها”.

وتابع: “كيف أن بعض هذه المكونات مُتمادٍ في ادعاء بطولات مؤجلة إلى ما بعد 2021، وكيف أن البعض الآخر يستمر بشكل باهت، وبلا التزام، ضمن أغلبية لطالما عارض تماما أي تواجد إلى جانب الحزب الذي يرأسها، ثم كيف أن البعضَ الآخر من هذه الأغلبية فَقَدَ الكثيرَ من حماسته إلى التغيير واستسلم إلى الواقع كما هو”.

لكن الأكثر إثارة للمخاوف والانتباه، يضيف المتحدث، “هو ما يفرزه وضعُ الجمود الحالي المتسم عموما بالانسداد وتراجع منسوب الثقة في العمل المؤسساتي وفي آلياته، بسبب الفراغ المُحدث، من أشكال عفوية وغير منظمة للاحتجاج، ومن صيغٍ جديدةٍ للتعبير تأخذ للأسف أحيانا أبعادا تمس بالثوابت الوطنية، مما يقتضي القراءة المتمعنة والمسؤولة لهذه التمظهرات”.

وشدد بنعبد الله في هذا الإطار على ضرورة “السعي نحو بلورة الصيغ الملائمة من أجل احتضان وتأطير المَطالب والاحتجاجات والإنصات إليها، وتحويلها إلى فعلٍ إيجابي ومُنظم، عوض الإصرار على تكريس الفراغ الذي لا يفسح المجال سوى أمام تنامي التعبير العفوي عن الرفض والغضب والقلق بشكل غير محسوب العواقب”، على حد قوله.

وأشار إلى أن حزبه “الذي ناضل دائما من أجل التغيير المُنَظَّم والمتزن من داخل المؤسسات، وفي احترام تام للثوابت الوطنية ولمكانتها، وبتفاعلٍ إيجابي مع حركية المجتمع، وانخراطٍ مسؤول في النضال الجماهيري، يكرر دعوته من أجل الانتباه إلى هذه التعبيرات، وعدم الاستخفاف بها، أو التعامل معها على أساس المعالجة الضبطية الضيقة، وبالأحرى إطلاقِ تصريحاتٍ مُستفزةٍ بِنِيَّةِ تأديب أصحابها”.

ومضى بالقول: “على العكس، عين العقل والحكمة هو التقاط ما يقتضيه الوضعُ من إعادةِ الاعتبار للفعل السياسي الجاد وللوسائط المجتمعية والمؤسساتية، بما يضمن تملك القدرة على احتضان الحركية الطبيعية للمجتمع، وتأطيرها، واستيعاب مختلف تعبيراتها المشروعة، في ظل الإطار الدستوري والقانوني والمؤسساتي، وبأفق الإصلاح في كنف الاستقرار، مع ما تتطلبه اللحظة الوطنية أيضا من ضرورة الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية لمختلف الفئات المحرومة، بما يحرر طاقات الشباب ويُطلقها في اتجاهات إيجابية وبناءة”.

وأفاد المتحدث ذاته، أن حزبه “لا يزال متشبثا بإلحاحه في المناداة إلى ضخ نَفَسٍ ديموقراطي جديد في حياتنا الوطنية العامة، وإنعاش الحركة الاقتصادية، ومراجعة نظام توزيع الثروة الوطنية بما يضمن شروط الكرامة بالنسبة لجميع المواطنات والمواطنين على قدم المساواة وبتكافؤٍ في الفرص، وإحداث شروطِ الانفراج، وتصفية الأجواء المرتبطة بظاهرة الاعتقال”.

الوزير السابق الذي انسحب حزبه من الحكومة قبل أشهر، قال إنه “لا يمكننا اليوم إلا أن نقف عند مظاهر القلق والتساؤل والغضب التي باتت تخترق معظم الطبقات والفئات والشرائح المجتمعية، من العمال والفلاحين والطلبة والشباب والمعطلين والموظفين، إلى رجال الأعمال، مرورا بمختلف فئات الطبقة الوسطى”.

واعتبر أن ذلك يشكل وضعا “يؤشر على فقدان عنصرٍ أساسي في التحريك الإيجابي للمجتمعات، ألا وهو عنصر الثقة، ولا يحتاج المرء إلى كثير من الجهد لكي يَخْلُصَ إلى أننا فعلا أمام أزمةٍ حقيقيةٍ وجِدية وعميقة اسمها أزمة الثقة، وهو الأمر الذي لم نتردد في التنبيه إليه واقتراح البدائل لتجاوزه، من خلال مختلف التقارير والبيانات، حتى حين كنا في موقع التدبير الحكومي”.

وأضاف: “إنَّ تَرَسُّخَ اقتناعنا بكون الأغلبية التي كنا ننتمي إليها ليست مُسْتَشْعِرَةً لدقة وحساسية الوضع، وليست مستعدة ولا قادرةً سياسيا على بلورة وقيادة الإصلاحات الضرورية للتفاعل مع متطلبات المرحلة، لهو المبرر الحقيقي والوحيد لما اتخذناه من موقفٍ مستقل ومسؤول وديموقراطي بمغادرة تلك الأغلبية”.

ولفت إلى أن بعض مكونات الأغلبية “مرتكنٌ إلى اطمئنانٍ مغشوش بخصوص الأوضاع الراهنة وتحدياتها، والبعضُ الآخر شغلُهُ الشاغل فرملةُ الإنجاز وعرقلتهُ مُشْرَئِبًّا نحو استحقاقات سنة 2021، متغافلا لكونه مُطَالَبٌ، الآن وهنا، بأن يضطلع بواجباته، وليس بأن يجعل من مؤسسة الحكومة منبرا وأداةً انتخابية لتقديم الوعود وترويج الأوهام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *