منوعات

قبل “كورونا” بقرون .. هذه أعتى ثمانية أوبئة اجتاحت العالم

زكرياء الشريكي – صحافي متدرب

لطالما كانت الأمراض والأوبئة لصيقة الإنسان، فكلما ظن أنه في منأى عنها وأن اختراعاته واكتشافاته ستحميه منها، سارعت إليه من حيث لا يحتسب وأجبرته على إعادة ترتيب أوراقه.

الطاعون الأنطوني

إن تاريخ الأوبئة قديم كقدم تاريخ الأرض ولعل “الطاعون الأنطوني” أقدمها، ذلك الوباء الذي ضرب الإمبراطورية الرومانية في نهاية السلالة الأنطونية بين سنتي 165 و190م، مما تسبب في تدمير الجيش الروماني وما يقرب من 2000 حالة وفاة يوميا ليُقدر العدد الإجمالي لضحاياه بحوالي 5 ملايين شخص.

و يرجع أصل تسمية هذا الطاعون “أنطوني” إلى اسم السلالة التي حكمت الإمبراطورية الرومانية آنذاك، ويشتبه العلماء في أنه كان إما مرض الجدري أو الحصبة ليبقى السبب الحقيقي وراءه غير محدد.

طاعون جستنيان

بعدها بقرون قليلة ظهر طاعون”جستنيان” الذي اجتاح الإمبراطورية البيزنطية سنتي 541 و 542م، ثم عاود الظهور لدفعات حتى العام 770م، وحسب المؤرخ البيزنطي “بروكوبيوس” فإن هذا الطاعون كان يخطف أرواحا قُدّرت ب 10.000 في اليوم، وقد خلّف هذا الوباء آثارا كارثية على الاقتصاد مما أدى إلى انسحاب الجيش البيزنطي من إيطاليا آنذاك.

وأطلق المؤرخون المعاصرون على هذا الوباء اسم الإمبراطور جستنيان الأول، الذي كان يحكم الإمبراطورية البيزنطية أثناء حدوث الطاعون، وقد بدأ هذا المرض في التفشي انطلاقا من صعيد مصر ومن ثم انتقل حتى وصل القسطنطينية (اسطنبول التركية حاليا) التي كانت تستورد كميات كبيرة من الحبوب من مصر لإطعام سكانها.

الطاعون الأسود

وكان طاعون “جستنيان” سببا في ظهور “الطاعون الأسود” الذي اجتاح أوروبا بين عامي 1347 و 1352م وتسبب في وفاة ما لا يقل عن ثلث سكان القارة، فوفقا للمؤرخ “فيليب دايليدر” فإن هذا الوباء قضى على قرابة 200 مليون شخص في القرون الوسطى.

و تفيد النظرية الأكثر تداولا بأن الحالات الأولى للمرض وقعت في سهول آسيا الوسطى، وقد ساهمت العديد من الأسباب في ظهور وانتشار الوباء منها المجاعة والحروب التي حدثت آنذاك، ولم يذكر أن حكومات أوروبا استجابت لهذه الأزمة لأنه لم يكن أحد يعرف سبب أو كيفية انتشار المرض وكان المعالجون في القرن 14عاجزين عن تقديم تفسير لسبب انتشاره ولم يفكر أحد في ذلك القرن في مكافحة الفئران كوسيلة لردع الوباء لأن عدة نظريات رجحتهم كسبب مباشر لظهور المرض.

وباء الكوليرا

أما في الفترة الممتدة ما بين 1817 و 1824 حدث أول وباء للكوليرا حين ظهر بشرق الهند لينتقل بعدها لشرق آسيا ثم الشرق الأوسط وشرق إفريقيا، وقد أنهى هذا الوباء حياة 100 ألف شخص حسب تقديرات بعض العلماء.

وانتشر وباء الكوليرا في الهند عدة مرات سابقة، إلى أن وصل إلى الصين والبحر الأبيض المتوسط قبل انحساره، ويذكر أن هذا الوباء انتشر على نطاق غير مسبوق مما أثر على كل بلد تقريبا في آسيا.

الأنفلونزا الإسبانية

ولعلّ “الأنفلونزا الإسبانية” التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولى هي من أعتى الأوبئة التي اجتاحت العالم، حيث أصابت حوالي 500 مليون شخص بالعدوى، وأودت بحياة ما يتراوح بين 50 و100 مليون شخص أي ما يعادل ضعف المتوفين في الحرب العالمية الأولى.

وساهمت ثكنات الجنود المكتظة وتحركات المشاة في نشر المرض، كما تكهن بعض العلماء أنه نتيجة لسوء التغذية لدى الجنود وتعرضهم للمواد الكيميائية في الحرب فإن نظامهم المناعي الضعيف حولهم إلى حاضنات نقلت الوباء عبر مختلف الدول، والمثير أن الغالبية العظمى من ضحايا هذا الوباء كانوا من البالغين واليافعين بعكس ما يحصل عادة بأن يستهدف الوباء كبار السن والأطفال، وعلى الرغم من أن المرض سمي بالأنفلونزا الإسبانية إلا أنه لم يصدر من إسبانيا والسبب راجع لانشغال وسائل الإعلام الإسبانية بموضوع الوباء مقارنة بالدول الأخرى.

الإيدز

وفي الكونغو الديمقراطية سنة 1959 كانت انطلاقة “الإيدز” أو ما يصطلح عليه ب “متلازمة نقص المناعة المكتسبة” وظل انتشارها إلى يومنا هذا، وأشار العلماء إلى أن العوامل التي ساعدت في انتشار المرض في جمهورية الكونغو يمكن أن تكون تجارة الجواري والعبيد واستخدام حقن طبية غير معقمة، ويهاجم الفيروس جهاز المناعة ويدمره مما يترك المصاب عرضة للإصابة بأمراض أخرى، وسجلت الولايات المتحدة الأمريكية أول ظهور لمرض الإيدز في يونيو عام 1989 لـ 5 رجال مثليين، وحسب منظمة الصحة العالمية فإن حوالي 42 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يحملون فيروس نقص المناعة المكتسبة.

إنفلونزا الخنازير

أما في مطلع سنة 2009 فقد بدأ “انفلونزا الخنازير” بالإنتشار بدءًا من المكسيك نحو العديد من دول العالم، بنفس الطريقة التي تنتشر بها الانفلونزا الموسمية العادية، وتصيب فيروسات إنفلونزا الخنازير البشر حين يحدث اتصال بين الناس وخنازير مصابة، وتتمثل أعراضها في ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة وسعال وألم في العضلات وإجهاد شديد، وقد حدثت أول حالة وفاة بسبب الإصابة بإنفلونزا الخنازير في المكسيك شهر فبراير عام 2009 لطفل يبلغ من العمر 4 سنوات وأصيبت بعض الشخصيات الدولية بالعدوى لكن لم تنتج عنها أي وفاة أبرزها الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي بيليث والرئيس الكوستاريكي أوسكار آرياس سانشيز .وفي إحصاءات لمنظمة الصحة سنة 2010 ذكرت أن حوالي 16 ألف شخص توفوا جرّاء الوباء.

إيبولا

وفي سنة 2013 ظهر وباء إيبولا في غينيا لينتشر غرب إفريقيا مخلّفا ما يقرب من 6 آلاف حالة وفاة في سنة واحدة، ومن أعراضه الإسهال والقيء والتعب، ونزيف في بعض الأحيان، ليعود الوباء ويضرب جمهورية الكونغو تاركا وراءه حوالي 3000 حالة وفاة أخرى.

ودخل الفيروس للسنغال التي سجلت حالة وحيدة تماثلت للشفاء، ونجيريا التي سجلت حالتين قبل أن تعلن منظمة الصحة العالمية في أكتوبر2014 أن نجيريا خالية من المرض، واشتبهت بعض الدول من دخوله أراضيها من بينها ألمانيا والسعودية ورومانيا والهند لكن نتيجة التحليلات التي أجريت على الحالات جاءت سلبية، ووفقا لمنظمة مشروع غينيا غير الحكومية فإن الظروف المعيشية السيئة ونقص المياه والصرف الصحي في معظم أحياء كوناكري ساهم في تصاعد الوباء، وفي 14 من يناير 2016 أعلنت منظمة الصحة العالمية اندثار الوباء في غرب إفريقيا.

كورونا “كوفيد_19”

ومع نهاية سنة 2019 وبداية 2020 بدأ فيروس كورونا “كوفيد_19” بالإنتشار منطلقا من مدينة “ووهان” الصينية ليصل إلى عدة دول عبر العالم، وتتمثل أعراضه في الحمى والإرهاق والسعال الجاف. وقد يعاني بعض المرضى من الآلام والأوجاع، أو احتقان الأنف، أو الرشح، أو ألم الحلق، أو الإسهال. وعادة ما تكون هذه الأعراض خفيفة وتبدأ تدريجياً.

ويمكن أن يصاب الأشخاص بعدوى مرض كوفيد-19 عن طريق الأشخاص الآخرين المصابين بالفيروس. وتم تسجيل ما يقرب من 90 ألف حالة إصابة و3000 وفاة حول العالم، مع غزوه ل 80 دولة من بينها المغرب، الذي سجل حالتين للإصابة بفيروس “كورونا”، أولها الإثنين الماضي وثانيها أمس الأربعاء, لمهاجر ومهاجرة مغربيين قادمين من إيطاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *