سياسة

بركة: نعيش لحظة مفصلية.. ويجب إنقاذ آلاف المواطنين من البطالة ودعم المقاولات

اعتبر الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، أن المغرب يعيش لحظة مفصلية شبيهة بتلك اللحظة التي قال عنها الملك محمد الخامس لبناء مغرب المستقل “إننا ننتقل من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، داعية إلى إنقاذ الآلاف من المواطنين من البطالة ودعم المقاولات من الانهيار.

وقال بركة خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب الاستقلال المنعقدة عن بعد، اليوم السبت، حول موضوع “المغرب ما بعد جائحة كورونا”، إن المغرب يعيش لحظة مفصلية لمواصلة العمل من أجل سلامة المواطنات والمواطنين والنهوض بالحياة الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا أن المغرب معرض لانكماش اقتصادي تاريخي سيكون له انعكاسات وخيمة على البطالة والفقر.

وأضاف بالقول: “لذلك قدم حزب الاستقلال لرئيس الحكومة مذكرة للخروج من الأزمة وتحقيق إنعاش اقتصادي مسؤول اجتماعيا وبيئيا لحماية المكتسبات والبناء المشترك للمستقبل، واعتبرنا أن أزمة كورونا تشكل فرصة تاريخية للقطع مع السياسات التي بلغت مداها وكانت وراء الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي عمقتها هذه الأزمة”.

خطة “ما بعد كورونا”

وشدد بركة على ضرورة وضع رؤية شمولية مندمجة للنهوض بالبلاد تتجاوز المقاربة العمودية والمفككة التي تم اعتمادها من طرف هذه الحكومة والتي أبانت عن فشلها، مشيرا إلى أن حزبه اقترح وضع خطة لحماية المواطنين من الفقر ومن الاندحار الاجتماعي للطبقة الوسطى.

ولفت إلى أن هذه الخطة ترتكز على من توفير الحد الأدنى الحيوي للعيش الضروري والكريم لكل الأسر الفقيرة وتوسيع الحماية الاجتماعية للجميع وإدراج الوحدات الإنتاجية التي تعمل في القطاع غير المهيكل في القطاع المنظمة وإصلاح منظومة التقاعد وتوفير الحد الأدنى للشيخوخة بالنسبة للمسنين.

وطالب بضرورة إنقاذ الآلاف من المواطنين والشباب والنساء من البطالة من خلال إنقاذ المقاولات الصغرى والمتوسطة، وإنقاذ الشغيلة العاملة في القطاعات الأكثر تضررا بمواصلة الدعم ووضع استراتيجيات إنقاذ خاصة بهذه القطاعات.

كما طالب بإحداث بنك عمومي للاستثمار يقدم للمقاولات الصغرى والمتوسطة، الدعم والضمانات لرفع رأسمالها وانتشالها من المديونية المفرطة ، وفتح أوراش ذات منفعة عامة ومدرة لفرص الشغل، ولا سيما في العالم القروي والمناطق الحدودية والمناطق النائية، مع وضع برنامج جهوي لإعادة التكوين والتأهيل لصالح الشباب في الجهات.

وأكد على ضرورة تقوية السيادة الوطنية من خلال ضمان الأمن الغذائي، والأمن المائي، والأمن الطاقي، وتوفير التمويل الاستراتيجي بالنسبة للقطاعات الأساسية كالتعليم والصحة، إلى جانب الحفاظ على سيادة القرار الاقتصادي، وضمان تقوية الإنتاج الوطني من خلال توجيه الطلبيات العمومية للدولة لتشجيع المنتوج المغربي ودعم استهلاكه وتقوية الاندماج داخل النسيج الاقتصادي الوطني.

ودعا إلى العمل على تقوية دور الدولة الراعية خصوصا في المجالين التعليمي والصحي، والعمل على تقديم الخدمات العمومية بأحسن جودة للمواطنات والمواطنين وبكيفية منصفة.

وفي هذا الإطار، يقول بركة: “قدم فريقنا النيابي مقترح قانون بخصوص الخريطة الصحية لضمان الاندماجي والتكامل بين القطاعين العام والخاص، وجعلها ملزمة للقطاعين معا، بالإضافة إلى ضمان تكافؤ الفرص للولوج إلى الخدمات الصحية”.

وتابع: “طالبنا باسترجاع الدولة لمبادرتها وريادتها من خلال المرفق العمومي المتعلق بالتعليم والصحة، لكي يصبح قاطرة للقطاع في توفير الخدمات وجودتها. في هذا الإطار ينبغي القطع مع السياسات التي وضعتها الحكومة والتي كانت تهدف إلى التركيز أكثر على القطاع الخاص لحل معضلة ضعف جودة التعليم والصحة في بلادنا”.

وأرفد قائلا: “من خلال الأزمة التي عشناها، يتبين جليا أنه لا يمكن النهوض بالعنصر البشري في بلد ما خصوصا في مجالي التعليم والصحة إذا لم يكن القطاع العام يلعب دورا رئيسيا وإذا لم تعط له الأولوية للنهوض به، أما القطاع الخاص فهو يشكل في الحقيقة قطاعا مكملا يجمعه مع القطاع العام جيل جديد من الشراكة”.

ودعا إلى “إنقاذ الآلاف من المواطنين من العطش نتيجة سوء تدبير الماء في تلك الأقاليم والاستغلال المفرط للفرشة المائية وعدم تطبيق السياسة المائية التي وضعتها حكومة عباس الفاسي في 2009، ولذلك يجب وضع خطة استعجالية وتفعيل الخطة التي وضعها جلالة الملك”.

وفي هذا الصدد، طالب بركة أعضاء حزبه إلى التعريف بالبرنامج الذي قدمه الحزب للخروج من الأزمة والترافع عنه وخصوصا الإصلاحات التي تترجم القطيعة مع الممارسات المتجاوزة، والتي أدت إلى هذه الإخفاقات التي عرفتها أزمة كورونا.

واعتبر أن الإصلاحات المذكورة هي “التي تؤدي إلى التغيير وتفتح الباب لبناء المجتمع التعادلي الذي نادى به أجدادنا وعلى رأسهم الزعيم علال الفاسي في إطار وثيقة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية. إصلاحات التي ينخرط فيها الجميع لأنها عادلة وتقوي التماسك الاجتماعي الضروري للنهوض بالبلاد”.

ومضى بالقول: “إننا مدعوون إلى مواصلة الانخراط في تقوية لحمة الإجماع والوحدة الوطنية وراء جلالة الملك حفظه الله، لأننا لم نخرج من الأزمة بعد، وبالتالي علينا عدم الانشغال بكل المشاكل الزائفة والنقاشات التي تلهينا عن الأولويات التي لا تقبل التأويل أو التردد للخروج من الأزمة”.

الخيار الديمقراطي

زعيم حزب الميزان اعتبر في كلمته أنه رغم ظرفية الأزمة وحالة الطوارئ الصحية، “كان هناك حرص للملك على عدم تعطيل أدوار المؤسسات، وهذا مكسب كبير في كفة الديمقراطية، وفي كفة الأحزاب الوطنية الديمقراطية التي كافحت من أجلها”.

وأضاف: “إننا في حزب الاستقلال متشبثون بالخيار الديمقراطي باعتباره ثابتا من الثوابت الدستورية التي لا يمكن التراجع عنها، وبالآلية الانتخابية كمدخل أساسي لاكتساب المشروعية الشعبية في تدبير الشأن العام، وله تصور واضح بخصوص الإصلاحات التي ينبغي القيام بها على صعيد القوانين الانتخابية وقانون الأحزاب من أجل إعادة الاعتبار للشأن السياسي وتكريس الديمقراطية في بلادنا”.

وطالب “جميع المناضلات والمناضلين والمتعاطفات والمتعاطفين مع الحزب، بالتعبئة من أجل إنجاح المحطة الانتخابية المقبلة لأنها محطة مصيرية بالنسبة لبلادنا سياسيا للقطع مع العزوف وعدم الثقة في السياسة التي تغذيها مع الأسف هذه الحكومة بهروبها من المسؤولية، والصراع المستمر لمكونات أغلبيتها حثى في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر منها بلادنا، مما يؤدي إلى ضعف أدائها وتعثر المسلسل الإصلاحي في بلادنا اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا”.

وشدد على ضرورة “القطع مع السياسات المتبعة التي أدت إلى تراجع النمو وارتفاع البطالة وتعميق الفوارق المجالية والاجتماعية، وإهدار الموارد النادرة ومن أجل الانطلاقة في تفعيل النموذج التنموي الجديد الهادف إلى بناء مجتمع متوازن ومتطور ومتماسك، تتمتع فيه كل الفئات من توزيع عادل ومنصف للثروة”.

واعتبر أن “روح الوحدة الوطنية التي تتجسد اليوم في الالتفاف القوي لكل الأفراد وقوى المجتمع بقيادة الملك في معركة مواجهة الوباء، ينبغي أن تظل في قوتها وتلاحمها كجزء لا يتجزأ، في التفكير والتخطيط الجماعي والتدبير لمرحلة الخروج من الحجر الصحي، والخروج من تداعيات الأزمة، والبناء المشترك لمغرب ما بعد الأزمة”.

وأشار إلى أنه “إذا كان لهذا الوباء من حسنات تذكر، فإنها تتجلى بالأساس في تمكيننا من تحقيق إجماع وطني نادر -لا يتحقق عادة إلا مع ثوابت ومقدسات الأمة- ومن توطيد وحدة الصف والتعبئة التضامنية بين مختلف أفراد وشرائح المجتمع”.

وتابع: “لقد لاحظنا، خاصة في المرحلة الأولى، أنه كان هناك إحساس مشترك بالمسؤولية لدى معظم المواطنات والمواطنين، ولاحظنا أنه كان هناك انضباط كبير من طرف الجميع؛ رغم أنه لم يكن من السهل أن يغير الناس بكيفية مفاجئة من عاداتهم اليومية، وأن يضحي الناس بمصدر رزقهم أو بالدخل الذي يضمن لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة”.

واسترسل بالقول: “لم يكن من السهل أن يتنازل المواطنون ولو مؤقتا، عن جزء من حرياتهم في الحركة والتنقل والتجمع، وفي ممارسة الحياة الاجتماعية بكل حرية وبدون قيود… (لا سيما في دولة مثل المغرب، التي تتميز بمكتسبات مهمة في مجال الحقوق والحريات)”

وتساءل في هذا الإطار: “هل كان ليتحقق كل ذلك، وبكل إرادية وطواعية، لو لم يشعر المواطن بأن الدولة المغربية بقيادة جلالة الملك، حريصة على حياته وسلامته وصحته، ومنشغلة بتأمين الشروط الضرورية لتحقيق هذا المسعى”.

وبالتالي، يقول بركة: “استرجعنا في لحظة مواجهة الجائحة -وهذه مفارقة أخرى من مفارقات الخصوصية المغربية- رابط الثقة بين الدولة والمجتمع، وحصل الاقتناع بأننا في مركب واحد بعيدا عن منطق التدافع والصراع الفئوي أو المصلحي أو الجشع الاقتصادي”.

وقال أيضا: “تبين لنا أنه تكون لدينا قدرة جماعية على التحدي والصمود والتضحية، عندما يكون هناك حس وطني حقيقي لدى الجميع، وثقة بين المواطن والمؤسسات، واقتناع مشترك بأن ما يحرك الدولة والمجتمع هو تحقيق الصالح العام لفائدتنا جميعا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *