خارج الحدود

70 عاما على عرش بريطانيا .. الملكة إليزابيث تحتفل باليوبيل البلاتيني لحكمها

ليس طول مدة حكم الملكة إليزابيت الثانية (95 عاما) ما يثير الفضول وحده، فكل جوانب حياتها، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تقدم ما يجعل منها أطول ملكة عمرت في حكم بلدها، وأغلى “ماركة تجارية” في بلدها، وملكة الشهرة في العالم، وعميدة الشعبية في بلدها… مما يجعل فتح نافذة على حياتها، أمرا مشوقا بالفعل، وذلك بمناسبة احتفالها، ومعها المملكة المتحدة، يوم الأحد 6 فبراير/ شباط بمرور 70 سنة على جلوسها على عرش بلادها، مما يجعلها أطول ملكة تعمر في الحكم في تاريخ بلادها.

وحسب “الجزيرة نيت”، تقلدت الملكة العرش يوم 6 فبراير/شباط 1952، وما زالت مستمرة في أداء أدوارها بالكامل إلى حدود اللحظة التي تحتفل فيها باليوبيل البلاتيني للحكم، وهو ما خصصت له المملكة أسبوعا من الاحتفالات في شهر يوليو/تموز المقبل، مع منح الجميع عطلة لمدة 4 أيام.

7 عقود جعلت من الملكة إليزابيث أسطورة في بلادها وفي العالم، حيث تحظى بشعبية منقطعة النظير، وكذلك بشهرة جعلتها تتفوق على مشاهير الفن والرياضة والسياسة.

إلا أن الجلوس على عرش الديمقراطية الأعرق في العالم ليس بالمهمة السهلة، كما أن تحمُّل البروتوكول الصارم الذي تفرضه المؤسسة الملكية ليس بالأمر هين، فضلا عن تكاليف الحكم، وإن كان دور الملكة في المملكة المتحدة رمزيا أكثر من كونه سياسيا.

وحققت الملكة معادلة صعبة، فاستطاعت -رغم طول أمدها في الحكم- الحفاظ على شعبية جارفة بين المواطنين، لتمنح المؤسسة الملكية البريطانية إشعاعا وانتشارا عبر العالم.

ما مستوى شعبية الملكة؟

يقوم موقع “يو كوف” الشهير للاستطلاعات بقياس شعبية الملكة بشكل دوري. وآخر استطلاع أجراه كان مع نهاية سنة 2021، وقد أظهر أن شعبية الملكة تصل إلى 76% أكثر من أي شخصية سياسية في بريطانيا.

وتعرف شعبية الملكة بعض الهزات خلال الأزمات، إلا أنها تبقى دائما ثابتة وتعتبر أكثر شخصية محبوبة ومحترمة من طرف البريطانيين.

ماذا عن شهرة الملكة؟

تفوق شهرة الملكة شعبيتها، وقد أظهرت دراسة بُثت نتائجها في فيلم وثائقي بعنوان “الملكة التي لا تقهر” (The invincible Queen)، أن الملكة إليزابيث هي السياسية الأكثر شهرة في العالم، متفوقة على الكثير من نجوم السياسية مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما، والزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا وغيرهما.

بل أكثر من هذا، فإن الوثائقي توصل إلى أن شهرة الملكة تفوق مشاهير الإعلام، مثل الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري، وغيرها من المغنين من أمثال جاستن بيبر وبيونسي، ورجال الأعمال مثل بيل غيتس، لتكون الشخصية الأكثر شهرة على الإطلاق، وهو جعل من اسم “الملكة إليزابيث” يتحول إلى علامة تجارية، تحتل -بحسب الوثائقي نفسه- المرتبة الخامسة في صف أشهر وأقوى العلامات التجارية في العالم، متفوقة على علامات تجارية ضخمة مثل كوكا كولا ونايكي ومايكروسوفت.

تفوق شهرة الملكة إليزابيث عالميا شعبيتها في بلدها (غيتي)

كم تبلغ قيمة “العلامة التجارية” للملكة؟

بحسب الخبراء في العلامات التجارية الذين تمت استضافتهم في هذا الفيلم الوثائقي الذي أنتجته منصة “ترو رويالتي” (True royalty tv)، فإن العلامة التجارية للعائلة الملكية البريطانية تبلغ قيمتها 100 مليار دولار، أما العلامة التجارية للملكة لوحدها فتبلغ 50 مليار دولار، وهو ما يجعلها في نفس المرتبة مع علامات تجارية شهيرة مثل “كوكا كولا”، أما داخل المملكة المتحدة فالعلامة التجارية للملكة تعتبر هي الأغلى دون منازع.

ماذا عن ثروة الملكة؟

تعتبر الملكة من أكثر حكام العالم ثراء بفضل ما تملك من عقارات وأراضي شاسعة ومداخيل هذه الأراضي، إضافة للتجارة في عدد من المجالات والمجوهرات، وتساهم المؤسسة الملكية في الاقتصاد البريطاني بحوالي ملياري دولار سنويا.

أما ثروة الملكة فتقدر بحوالي 400 مليون دولار، تدخل خزينتها من استغلال الأراضي التي تحت ملكيتها، والإقامات الخاصة، والمجوهرات التي تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، والمقتنيات الثمينة التي تبلغ قيمتها 100 مليون دولار أيضا، ثم الاستثمارات التي تصل إلى 100 مليون دولار.

ما أسوأ الأزمات التي مرّت بها الملكة؟

كان المقربون من الملكة إليزابيث هم السبب في أسوأ أزماتها، ومَن جعلوا عرشها يهتز من تحت أقدامها، لولا أن هذه السيدة التي يعرفها الجميع بملابسها ذات الألوان الأخاذة والوجه الوديع المبتسم، تمتلك صرامة وحسما يجعلها قادرة على فعل أي شيء للحفاظ على المؤسسة الملكية.

بداية بأزمة وفاة الأميرة ديانا، الزوجة السابقة لابن الملكة الأمير تشارلز. وتعترف الملكة بأن سنة وفاة ديانا -أو أميرة الشعب كما كان لقبها- كانت “السنة الأصعب” في كل فترة حكمها، ووجدت الملكة نفسها وسط موجة غضب شعبي، لأنها لم تحسن التعامل مع الأميرة.

أما الأزمة الثالثة، فكان سببها ابن ديانا الأمير هاري، الذي اتخذ في البداية قرار انسحابه من الأسرة الملكية، وحينها وافقت الملكة على هذا القرار، إلا أنها في المقابل جردته من كل ألقابه خصوصا العسكرية منها، قبل أن يخرج هاري وزوجته ميغان بحوار تاريخي يتهمان فيه الأسرة الملكية بالعنصرية تجاه الملونين.

استلمت الملكة هذا الملف شخصيا، ونجحت تدريجيا في تخفيف شدة الهزة التي تسبب فيها هذا الحوار، ورغم وعودها بالتحقيق في تصريحات الزوجين وتشكيل لجنة لمتابعة الأمر، فإنه لم يرشح أي جديد إلى الآن.

كما ظهر الوجه الصارم للملكة مع ابنها أندرو الذي يواجه تهما ثقيلة بالاعتداء الجنسي تحقق فيها المحاكم الأميركية، وبمجرد أن قررت المحكمة الأميركية المضي قدما في التحقيق في هذه التهم، أعلنت الملكة عن تجريد الأمير من كل ألقابه العسكرية. وبحسب تقارير إعلامية بريطانية، فإن تلك الخطوة جعلت الأمير ينهار بالبكاء، لكن هذا لم يغير شيئا في قرار والدته الملكة.

ما مصير الملكية في بريطانيا؟

تعكف الملكة رفقة ابنها تشارلز على وضع خطة تحدد مستقبل الأسرة الملكية البريطانية، فالأخيرة تعلم أن فئة الشباب لا تنظر بنفس نظرة الإعجاب للملكية في شكلها الحالي، وهو ما أظهرته الكثير من استطلاعات الرأي.

ولهذا أعلنت الملكة عن تقليص أعداد الأمراء الذين لهم واجبات عمومية أو مهام يقومون بها، كما تسربت أنباء عن كون ابنها تشارلز يخطط للتخلي تماما عن قصر “باكنغهام” وسط لندن، وجعله مزارا للسياح.

كما يتم التسويق بشدة للأمير ويليام حفيد الملكة وزوجته كيت، بكونهما الوجه الشاب للأسرة الملكية، والصورة العصرية لهذه الأسرة.

هل تتخلى الملكة عن العرش بسبب سنها؟

لا يظهر أن لدى الملكة أي نية في التخلي عن العرش لصالح ابنها رغم بلوغها 95 سنة. وفي الآونة الأخيرة اضطرت الملكة للاعتذار عن عدد من الأنشطة الرسمية، بعد نصح الأطباء لها بالخلود للراحة.

ومع ذلك فالملكة سرعان ما عادت لممارسة حياتها وأنشطتها، رغم اقتصار الكثير منها على استقبال الضيوف وتوشيح الشخصيات بالأوسمة وإلقاء الخطب عن بعد، إذ لم تعد تغادر قلعتها في بلدة “ويندسور” إلا نادرا، لكن دون أي نية لديها للتخلي عن العرش وهي على قيد الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *