أخبار الساعة

الفياغرا.. الجنس مقابل عمى الألوان

قبل الترخيص لتسويق الفياغرا منذ 1998 وتحوله إلى أشهر المنشطات الجنسية وأكثرها انتشارا حول العالم، كانت شركة “فايزر” العالمية للأدوية أول من طرحه عام 1991 لعلاج احتقان الأوردة الدموية في الصدر. غير أن فشل العقار في تحقيق هدفه الأصلي واكبه اكتشاف قدراته الخارقة في استعادة النشاط الجنسي لدى الرجال.

لكن المسيرة الجنسية للحبة الزرقاء، التي ساعدت ملايين الرجال على استعادة طاقتهم الجنسية وعودة الحميمية إلى حياتهم الزوجية، لم تخل من اكتشافات مقلقة تتعلق بتأثيراتها الجانبية التي يكون بعضها خطيرا على صحة مستعمليه، لذلك لا يباع في بعض الدول مثل ألمانيا إلا بوصفة طبية.

وآخر ما اكتشف من التأثيرات الجانبية للحبة الزرقاء هو ارتباطه بمشاكل في الرؤية وصلت حد عمى مؤقت في الألوان، لتكون ضريبة معالجة ضعف الانتصاب هي ضعف البصر.

فما هي حقيقة علاقة الحبة الزرقاء بعمى الألوان؟ وما هي المادة المشتبهة في ذلك؟ وما هي الآثار الجانبية الأخرى لعقار الجنس؟

عمى الألوان المؤقت

كشفت دراسة حديثة أن الفياغرا قد يسبب أضرارا على العيون و قد يؤدي إلى عمى الألوان مؤقتا.

وكانت دراسة نشرت في 2020 أظهرت أن عددا من الأشخاص الذين يستخدمون عقار الفياغرا أصيبوا بمشاكل في الرؤية وصلت حد عمى مؤقت في الألوان، ونقلتها دويتشه فيله.

ومنذ الترخيص باستخدامه عام 1998 يلجأ ملايين الناس حول العالم لعقار الفياغرا المكون من مادة “سيلدينافيل”، وهو عقار يستخدم لعلاج ضعف الانتصاب عند الرجال.

ووفق مقال عن هذه الدراسة نشر في “مجلة فرونتيرز إن نيورولوجي” (Frontiers in Neurology)، حسب الجزيرة نت، تم توثيق 17 حالة لرجال قدموا إلى مستشفى في تركيا يعانون من مشاكل في الرؤية ناجمة عن تناولهم للمنشط الجنسي “سيلدينافيل”. واستمرت معهم هذه الأعراض لأكثر من 24 ساعة.

وحسب نفس المصدر، تمثلت هذه المشاكل على وجه التحديد في عدم وضوح الرؤية والحساسية ضد الضوء وعمى الألوان، علما أن لا أحد من المرضى الذين شملتهم الدراسة كان يعاني من أمراض العيون من قبل.

وكان معروفا سابقا أن مادة السيلدينافيل يمكن أن تسبب مشاكل مؤقتة في الرؤية. وتشمل عدم وضوح الرؤية. وعادة تختفي هذه الآثار الجانبية في غضون 3 إلى 5 ساعات، لذلك تبقى الآثار الجانبية التي وثقتها الدراسة التركية نادرة.

ولحسن الحظ اختفت مشاكل الرؤية لدى جميع الرجال المشمولين بالدراسة بعد 21 يومًا كحد أقصى.

كيف تسبب مادة السيلدينافيل عمى الألوان

تقاوم مادة السيلدينافيل ضعف الانتصاب عن طريق تثبيط إنزيم يسمى “فوسفوديستيراز النوع 5” (PDE5) /Phosphodiesterase-5)، الذي يلعب دورًا في تنظيم تدفق الدم إلى القضيب.

لكن السيلدينافيل يثبط أيضًا إنزيمًا يسمى “فوسفوديستيراز النوع 6” (PDE6) الموجود في خلايا شبكية العين في الجزء الخلفي من العين.

وفي حالات الجرعات العالية، يُعتقد أن هذا التثبيط يؤدي إلى تكوين جزيء سام بخلايا شبكية العين.

وجميع الأشخاص الذين شملتهم الدراسة استخدموا لأول مرة عقار سيلدينافيل، وتنالوا أقصى جرعة مسموح بها يوميا وهي 100 مليغرام.

ويبقى من غير الواضح لماذا يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للآثار الجانبية لعقار سيلدينافيل من غيرهم؟

وربما يرجع السبب إلى أن أجسامهم لا تتخلص من الدواء بشكل فعال، مما يؤدي إلى تركز مادة سيلدينافيل في الدم بنسبة أكبر من الكمية المعتادة لدى غالبية الأشخاص الذين يتناولون هذا الدواء.

لا يباع في ألمانيا بدون وصفة طبية

رغم التهديدات التي يمثلها انتعاش السوق السوداء المتعلقة بترويج الحبة الزرقاء، لا تباع حبوب الفياغرا في ألمانيا إلا بوصفة طبية، وهو ما ترى الهيئة الاتحادية للأدوية أنه يجب أن يستمر حسب موقع (dw). وبررت الهيئة الطبية قرارها بسبب الأعراض الجانبية الخطرة لهذه العقاقير، وأسباب طبية غيرها.

وحسب الموقع الألماني، أوصت لجنة من الخبراء في الهيئة الاتحادية للأدوية في ألمانيا بالإبقاء على بيع حبوب الفياغرا من خلال وصفة طبية فقط. وأصدرت اللجنة التابعة للهيئة، ومقرها مدينة بون، بيانا جاء فيه: أن اللجنة “رفضت بالإجماع طلبا بإلغاء إلزامية الحصول على وصفة طبية من أجل شراء عقار سيلدنافيل 50 مغ (الفياغرا)، الذي يُتناول عن طريق الفم”.

وقبلها أشار الخبراء إلى إيجابيات وأيضا مخاطر التخلي عن إلزامية الوصفة الطبية للحصول على هذه الحبوب.

فرانك زومر، رئيس رابطة “الرجل والصحة”، يقول، حسب المصدر السابق، إن إتاحة الحصول على الفياغرا بدون وصفة طبية سيسحب البساط من السوق السوداء، المليئة بالبضاعة المغشوشة أو المعيبة.

ونوه زومر إلى دراسة أجريت قبل أعوام حول الفياغرا المتاحة في السوق السوداء: “فحصنا 22 نوعا من المنتجات التي يمكن طلبها عبر الإنترنت، وتأكدنا أن 80 بالمئة منها لا تتضمن فعلا ما هو مكتوب عليها”.

ولكن زومر أشار إلى أنه، ورغم هذه الإيجابية لترخيص الفياغرا وإتاحتها بدون وصفة، فهناك مضار لإتاحتها للعموم. فضعف الانتصاب، حسب نفس المتحدث، إن كان بسبب الأوعية الدموية، فهو مؤشر على احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية “نتعرف عليها قبل حدوثها بثماني سنوات. وهكذا يكون هناك وقت متاح لمنع حدوث الجلطة أو السكتة”.

وتناول الفياغرا، حسب زومر، لا يناسب أبدا من لديه مشاكل في القلب أو الأوعية الدموية. الخطر الآخر هو أن المريض لا يعرف ربما ما هي الأدوية التي يتعارض تناولها مع أخذ حبوب سيلدنافيل (الفياغرا).

وهذا ما يشير إليه المختص بالأمراض التناسلية والبولية، كريستيان فولفينغ: “بدون إلزامية الوصفة الطبية، تضيع المراقبة الطبية كليا”. وتعتبر العنانة (ضعف الانتصاب) في معظم الحالات، عرضا لمرض آخر، كما يقول فولفينغ.

كما أن إلغاء إلزامية الوصفة، سيلغي المواعيد لدى الطبيب لفحص حالات الرجل، بعد أخذ تلك الحبوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *