منتدى العمق

مدينة جرادة.. هكذا أنظر لأمل ممزوج بواقع معروف!

إقليم مدينة جرادة، المدينة التي ولدت وترعرعت ودرست بها وفيها منذ الصغر..مدينة جرادة التي هاجر إليها والدي رحمه الله صغيرا يتيما، قادما من مدينة تازة، تازة قبيلة غياثة، الأصل، الذي أعتز بالانتماء إليه وإلى أرضه، تازة التي تذكرني دوما بعلمائها وبأصول اجدادي..

فجرادة كانت كلها تأطير من قبل النقابات، عندما كانت النقابة اسم على مسمى..مدينة عاينت فيها كيف كان يخرج العمال من تحت الأرض وهم طلاء أسود! طلاء اسمه غبار الفحم الحجري، مدينة علمتنا الاعتماد على النفس والدراسة والعمل في آن واحد، مدينة علمتنا النضال الشفاف البعيد عن المزايدات المنصبية، مدينة تذكرني بالكثير من المآسي التي عاينتها جراء الأمراض المهنية التي ابتلي بها الكثير، ومآسي فقدان الكثير من أصدقاء الطفولة نتيجة عوارض كثيرة، ومؤسفة في بعض الاحيان، عوارض ادت إلى رحيل أغلب أبنائها البررة، الأبناء الذين عاشوا مرارة الألم بفعل ألم المرض المهني والذي فتك بالكثيرين..كأبي رحمة الله الواسعة عليه..فالرحمة الواسعة والمتجددة على من فقدناهم ولم نتمكن من رؤيتهم، والرحمة على من غادرونا لدار البقاء بدون رجعة، وصبر جميل لمن يعاني من مآسي الألم والمرض في صمت وحزن مستور..ولله ترجع الأمور في نهاية المطاف.

لكن، لم ولن أكن أميل في يوم من الأيام، إلى التبخيس لمآلها، فلا الموقع ولا الموضع كانا في خدمة المدينة، فيبقى الأمل ينتظر التفكير الغيور، بهدف إحياء منجم الفحم من جديد. وجلب معامل الصلب إليه، وتحويل طبيعة المنطقة لمنتجع سياحي مفتوح، وءلك بترك المياه الباطنية تطفو للسطح! وشق الطرقات، وجلب مصانع للنسيج وربطها بالطريق السيار الذي يصل الشرق بالغرب..فيا مدينة جرادة!تحتاجين فقط لمن يفكر في المصلحة العامة، لا الصراعات والانتقامات، والتشنحات، وخطابات التيئيس، التي لن تنفع مدينة تحتاج للهدوء، والاستماع للجميع، بدون مزايدات ولا تراشقات..فهكذا أنظر لمستقبل المدينة. يا جرادة!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *