سياسة

“زلات” نتنياهو المتكررة.. هل “تبتز” إسرائيل المغرب في ملف الصحراء؟

تكررت استفزازات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمملكة المغربية، والتي كان آخرها عرض خريطة العالم العربي وشمال إفريقيا مبتورة من الصحراء المغربية، في تكرار “فج” للواقعة التي حدثت في أكتوبر الماضي، خلال استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي لرئيسة وزراء إيطاليا، جورجا ميلوني، وعلى جدار مكان اللقاء خريطة المغرب لا تتضمن أقاليمه الجنوبية.

وبالرغم من خروج مسؤولين إسرائيليين عند كل حادث لتبرير ذلك بكونه “خطأ تقنيًا” وأن إسرائيل لا تعترف بالجمهورية الوهمية وأن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، كما ذكر ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي، حسن كعبية، في تغريدة على صفحته بمنصة أكس، إلا أن تكرار هذه “الزلات” يدفع للتساؤل حول ما إذا كانت إسرائيل، التي اعترفت في وقت سابق بسيادة المغرب على صحرائه، ضمن رسالة بعث بها بنيامين نتنياهو إلى الملك محمد السادس، تسعى لـ”ابتزاز” المملكة في ملف الصحراء.

وفي يوليو من السنة الماضية، كشف بلاغ للديوان الملكي، أن الملك محمد السادس، توصل من الوزير الأول لدولة إسرائيل بنيامين نتنياهو بقرار “الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء المغربية”. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو آنذاك أن موقف بلاده هذا سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة، وسيتم إخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوًا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية بهذا القرار.

منقوص الشرعية

المحلل السياسي ورئيس مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبدالفتاح الفاتيحي، قال إن إسرائيل اعترفت بشكل رسمي بسيادة المغرب على صحرائه. أما بالنسبة للخريطة المبتورة، فقد جاءت في وقت يعيش فيه بنيامين نتنياهو حالة من “جنون العظمة”، ومن الخروج من رباطة الجأش، ومن عدم الهدوء وعدم التصرف بالحكمة، مؤكدًا أن الخريطة “لن تغير موقفًا سياسيًا أصيلاً اتخذ في إطار اتفاق ثلاثي وبناء على التزامات الاتفاق الإبراهيمي”.

وأوضح المتحدث في تصريح لجريدة “العمق” أن عرض خريطة المملكة دون أقاليمها الجنوبية “هو تصرف يثير مشاعر المغاربة من الناحية النفسية، ولكن من الناحية العملية والموضوعية، فلا مبرر لإعطاء الخريطة التي يحملها نتنياهو حجمًا لا تستحقه، خصوصًا أن الرجل يعيش حالة من العزلة الدولية، وحالة من جنون العظمة، بعد دخوله في تحدٍ للقانون الدولي ومقتضياته، وقرارات محكمة العدل الدولية”.

وسجل الفاتيحي أن نتنياهو يعيش حالة من “الديكتاتورية المفرطة” التي جعلت منه “أكبر سفاح في تاريخ الإنسانية”، وهو شخص “منقوص الشرعية”، مضيفًا أن “نتنياهو حتى وإن أراد أن يوجه رسالة من خلال الخريطة، فإن وقوفه ضد الحركة الإنسانية وضد الحركة القانونية وكل المطالب الدولية حوله إلى شخص معزول يتحرك وفق مواقف عدوانية وانفعالات واحتقان وأحقاد وكراهية، وفق تعبير ذات المتحدث”.

وأشار رئيس مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية إلى أن عرض نتنياهو للخريطة لا يشكل من الناحية الرسمية أي معطى حتى وإن ذهب إلى سحب اعترافه بمغربية الصحراء، لأن الرجل فقد مصداقيته ولأن الاتفاق الإبراهيمي صرف هذه الحقيقة في ظروف كانت فيها المناقشات وفق قواعد معروفة وإشهاد دولي تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية، معتبرًا أن “عرض الخريطة دون الأقاليم الجنوبية للمملكة ليس له أي تأثير حتى وإن كانت النية مبيتة لاستفزاز المغاربة”.

وأكد الفاتيحي أن تصرف نتنياهو طبيعي بالنظر إلى المواقف المتقدمة للمملكة المغربية من القضية الفلسطينية والدعم الملكي القوي للشعب الفلسطيني، لكنه رد فعل بدون معنى، خصوصًا أن الدول تعترف بالقرارات الرسمية وليس بردود أفعال على قنوات تلفزيونية. واستبعد المتخصص في شؤون الصحراء وإفريقيا أن يكون هناك رد فعل من طرف المملكة المغربية تجاه تصرفات نتنياهو، لأن الموضوع لا يستحق ذلك، ولأن المملكة المغربية تتصرف وفق الضوابط القانونية وموضوع الصحراء المغربية انتهى بالنسبة إليها.

رسائل “خبيثة”

من جانبه، قال المحامي والباحث في ملف الصحراء، نوفل البعمري، إنها ليست المرة الأولى التي يُشهر فيها نتنياهو خريطة المغرب غير مكتملة ومفصولة عن صحرائه في لقاءاته الصحفية التي يقوم بها مع الإعلام الدولي، وفي كل مرة يخرج بعدها مكتبه ليصدر بلاغًا توضيحيًا حول الموضوع، يؤكد أن موقف إسرائيل هو دعم مغربية الصحراء وأن ما حدث هو مجرد “خطأ غير مقصود”.

وأوضح البعمري في تصريح لجريدة “العمق” أن في مجال الدبلوماسية الدولية، خاصة العلاقات الدولية، الكثير من الرسائل تتكرر تحت مسمى “الأخطاء غير المقصودة”، كما يفعل نتنياهو ومكتبه، مما يؤكد أن الأمر يتعلق، خاصة مع تكرار هذه الحوادث، برسائل “خبيثة” تُرسل للمغرب تعتقد فيها “الإدارة الإسرائيلية” أنها قادرة بهذه التصرفات على تحقيق أمرين.

ويتعلق الأمر الأول، وفق الباحث في ملف الصحراء، بمحاولة الضغط على المغرب والسعي إلى ابتزازه بصحرائه، بسبب المواقف المستمرة التي أعلن عنها الملك محمد السادس منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وهي مواقف تؤكد انحياز المغرب الكامل نحو دعم الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان غاشم. أما الأمر الثاني، وهو الذي لم ننتبه له، فهو الرسائل التي يريد نتنياهو إرسالها إلى النظام الجزائري، رسائل تشير إلى وجود علاقات غير معلنة بينهما وإلى عدم رغبة إدارة نتنياهو في إزعاج العسكر الجزائري.

وأضاف البعمري أن البلاغ الصادر عن مكتبه هو بلاغ غير ذي معنى لا سياسيًا ولا دبلوماسيًا ويحاول من خلاله امتصاص الغضب الذي شهده المغرب منذ بث مشهد نتنياهو وهو يحمل خريطة الوطن العربي تتضمن الصحراء المغربية مفصولة عن باقي ترابها.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن غضب المغاربة، “هو غضب مشروع لأنه مس بالشعور الوطني العام لديهم ويقوي من عزلة نتنياهو وإدارته في المنطقة ككل وفي المغرب الذي يبدو أنه سيتجه نحو طي صفحته بشكل كامل، لكونه غير قادر على احترام تعهداته الدولية وعلى المضي قدمًا في السلام مع الفلسطينيين، وفقا للشرعية الدولية والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تطالب بحل الدولتين على أساس حدود 67 وهو نفس الموقف الذي يتبناه المغرب ويدافع عنه.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • حميد
    منذ سنة واحدة

    النظام المغربي الفاسد….ومسيره ازولاي الصهيوني…مهندس نزعة البربرية في ألمغرب……يتعرض للاذلال السياسي ….. الصهيونية والماسونية الاخنوشية تحكمت في ألمغرب….والنتيجة الاذلال والتفقير…..اللذان سيؤديان إلى ثورة شعبية