مجتمع

جريمة تطوان .. محللون نفسانيون يعددون أسباب تحول الإنسان إلى وحش

اهتزت نواحي مدينة تطوان يوم السبت 13 يوليو 2024 على وقع جريمة مروعة، بعد أن أقدم شخص على إنهاء حياة زوجته وأربعة من أبنائه في ظروف لا تزال غامضة.

وقال الأستاذ عبد القادر ناصح، دكتور علم النفس الاجتماعي وأستاذ علم التواصل والكوتشينغ، إن هذه الجريمة تدخل ضمن “le cannibalisme” الذي يتعدى درجة الوحشية، وأن وحشية الإنسان التي تبلغ هذه الدرجة تتحقق عندما يكون في العقل الباطن جانب إجرامي بغاية انتقامية، سواء من النفس، من الآخر، أو انتقام ضد وضعية عانى منها الإنسان في المجتمع.

وقال ناصح في تصريح لجريدة “العمق”، إن 90 بالمئة مما يؤثر في أفعال الإنسان يكون من عقله الباطن، و10 بالمئة من واقعيته، مشيرا إلى أن الإنسان دائما ما ترافقه صور أو سلوكيات مختبئة في العقل الباطن، منذ خمس سنوات، وهذا ما سماه سيغموند فرويد “عقدة أوديب”.

جينات إجرامية

وهذا النوع من الجرائم، حسب الأخصائي النفسي، يكون راجعًا إلى انتقام كان نفسه ضحيته، وهذا الانتقام يمكن أن تحمله “الجينات” وأن يكون متوارثًا من أحد أفراد العائلة، وهذه الجينات الانتقامية يمكنها أن تكبر وتصبح إجرامية.

وسجل أن الإنسان الذي يحمل هذه “الجينات” عندما يعاني من أزمات نفسية، تؤدي به إلى اكتئاب حاد، وبالتالي يعتقد أن الأسرة هي السبب في حالته التي أصبحت “ظلامية”، مضيفا أنه في هذه الحالة، لا يمكن أن يحقق الراحة لنفسه، إلا إذا تخلص من أسرته، التي هي في نظر عقله الباطن سبب معاناته وعنفه ودماره الداخلي، وسبب في عدم تصالحه مع نفسه.

وقال إن السبب في هذه الجرائم قد تكون الضغوطات التي مر بها الإنسان في طفولته، أو بسبب تعرضه للعنصرية، وهنا تبدأ التراكمات والضغوط، خصوصًا إذا كان هذا الشخص فاشلًا في دراسته ودون أهداف في الحياة، يدخل في قائمة المصابين بمتلازمة “Burn out” التي تجعل أفكاره إجرامية، وتجعل الشخص ينتقم من الذين كانوا سببًا في حالته حسب عقله الباطن.

وأشار إلى أن الفراغ كذلك قد يولد الانفجار ويجعله يصاب بما يسمى “السادية”، يعني يتلذذ بعذاب الآخر، حيث يمكن أن يقتل ويتلذذ في آن واحد، لأن السعادة بالنسبة إليه أن يرى الناس تبكي وتتألم. وأضاف أن العلاج في هذه المرحلة يكون صعبًا جدًا، خصوصًا بالنسبة للأشخاص الذين مروا بمرحلة الفراغ والرفض، وحتى الأدوية لا تكون لها نتيجة.

عبدة الشيطان

وأبرز أن السبب في هذا النوع من الجرائم قد يكون بسبب تناول المخدرات، وخصوصًا الأشخاص الذين يصلون إلى مرحلة “overdose”، ينتقلون إلى مرحلة تشعرهم بتحقيق ما عجزوا عن الوصول إليه في واقعهم. ووصف الخبير النفسي هذه الحالة قائلًا “تصبح جنتهم في تخديرهم” وهنا تكثر حاجاتهم للماديات، وعندما تمنعهم العائلة من الوصول لهذه الماديات، تتراكم لديهم الضغوط، وتصبح أفكارهم وطاقاتهم سلبية، وتصبح غاياتهم انتقامية.

وهناك بعض الحالات أشار إليها الأستاذ ناصح يكون سببها الرئيسي هو الإنترنت، الذي توجد فيه بعض المواقع تروج لعبدة الشياطين، «les satanique»، وبكثرة ما يتابع الإنسان هذه المواقع، يصبح كأنه يعيش في “سجن”، وتصبح الحياة بالنسبة له لا شيء، ويصبح يرى العالم في “منطقة سوداء”.

التوازن النفسي

من جانبه، قال الدكتور عبد الله إمزري، أخصائي نفسي ومستشار أسري، في تصريح مماثل لجريدة “العمق”، إن هذه الجريمة أكيد لها دوافع وهذه الدوافع غالبًا ما تكون لها علاقة بخلل أو اضطراب نفسي يعيشه الإنسان، انطلاقًا من مشاكل أسرية، مجتمعية، أو نتيجة لحالات مرضية عاشها الإنسان بشكل أو بآخر.

وأضاف أن هذه الجرائم قد تكون نتيجة لأمراض عقلية تجعل الإنسان “يخرج عن السيطرة” وبالتالي لا يتحكم في اختياراته، ولا يفرق بين الخطأ والصواب، وبالتالي القيام بأشياء دون وعي أو تفكير تجاه أشخاص معينين، سواء تعلق الأمر بالمقربين أو غيرهم.

وسجل أن اللاتوازن الذي يعيشه الإنسان في حياته، هو الذي يجعله يصل إلى “الخروج عن المنطق”، والتعامل مع التوترات والوساوس وكل ما يعيق اعتماد المنطق وعدم التحكم في السلوكيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *