مجتمع، مغاربة العالم

مئات العائلات المغربية بلبنان تطالب بعمليات إجلاء وتوجه نداءات إلى الرباط

تعيش مئات العائلات المغربية في لبنان، حالة من الهلع والترقب في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على مناطق واسعة من البلاد، وسط مطالب لوزارة الخارجية المغربية بالتحرك العاجل لتنفيذ عملية إجلاء لرعاياها هناك.

وأفادت مصادر من الجالية المغربية المقيمة بلبنان، بأن المئات تقدموا بطلبات تسجيل لدى السفارة المغربية في بيروت، من أجل إجلائهم إلى المغرب، أو إلى بلد آخر خارج لبنان، في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها المنطقة.

وكشف مصدر من الجالية لجريدة “العمق”، أن حوالي 1500 من أفراد الجالية، أغلبهم نساء وأطفال، تقدموا بطلبات تسجيل إلى السفارة المغربية من أجل إجلائهم، فيما لم يتسنى للجريدة بعد التأكد من هذا الرقم من السفارة.

وأشار المصدر ذاته إلى أن المغرب لم يتحرك بعد لتنظيم أي عملة إجلاء إلى حدود الساعة، وأن السفارة المغربية ببيروت تشير في تفاعلها مع الجالية إلى أنها لم تتلقى أي تعليمات بعد من الخارجية المغربية للقيام بأي مبادرة للإجلاء.

وبحسب مصادر “العمق”، فإن عدد أفراد الجالية المغربية المقيمة بلبنان يتراوح، حسب تقديرات، ما بين 3200 و3500 شخص، أغلبهم نساء مغربيات متزوجات بلبنانيين، إلى جانب أطفالهن، وجلهم يملك الجنسيتين المغربية واللبنانية.

وأوضح مصدر الجريدة إلى أن عددا من أفراد الجالية نزحوا عن منازلهم، خصوصا من يقطنون بمناطق البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب البلاد، وهي المناطق التي تتعرض للقصف الإسرائيلي بشكل متواصل.

ولفت المصدر إلى عدم وجود أي ضحايا من الجالية المغربية في الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، إلى حدود الآن، مشيرا إلى وجود حالة هلع وخوف شديدين في صفوف العائلات المغربية، وسط ترقب وانتظار لصدور قرار من الرباط لتنظيم رحلات إجلاء.

وفي ظل تعليق عدد كبير من شركات الطيران لرحلاتها من وإلى لبنان، أصبح حجز تذاكر الطيران بشكل فردي أمرا صعبا في البلاد خلال الأيام الجارية، بالنظر إلى قلة الشركات العاملة حاليا، والارتفاع الصاروخي في أسعار التذاكر.

تذاكر “صاروخية”

وفي هذا الصدد، كشف مغربي مقيم بلبنان في اتصال لـ”العمق”، أنه حاول حجز تذاكر طيران لأسرته المكونة من زوجته وطفليه، من أجل العودة للمغرب، إلا أنه لم يتمكن من ذلك لحد اللحظة بسبب نفاذ التذاكر.

وأشار إلى أن سعر التذكرة تجاوز 2700 دولار (حوالي 27 ألف درهم) للشخص الواحد، لافتا إلى أن أغلب الرحلات المتاحة أمام المغاربة تتم عبر الخطوط اللبنانية والعراقية وشركة الشرق الأوسط، بعدما علقت باقي الشركات رحلاتها.

وكشف المتحدث أن حجز تذاكر لأسرته سيكلفه قرابة 90 ألف درهم (9 ملايين سنتيم)، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر هو العثور على هذه التذاكر في وقت قريب، دون الحديث عن أن أغلب الرحلات تشمل على أزيد من توقفين خارج لبنان قبل الوصول إلى المغرب.

وناشد المصدر ذاته، السلطات المغربية بالتدخل الفوري لتنظيم عمليات إجلاء جوية للعائلات المغربية نحو وطنها الأم، أو على الأقل إلى دول أخرى بالمنطقة، خاصة تركيا التي تتيح للمغاربة الدخول بدون تأشيرات.

وتابع قوله: “المغرب سبق أن نظم عمليات إجلاء لرعاياه في حرب 2006 عبر سفينة إلى قبرص، كما أرسل مساعدات إلى لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت سنة 2020″، مشيرا إلى أن سفارات دول عربية وأجنبية تتواصل مع رعاياها حاليا من أجل إجلائهم.

وأضاف في حديثه لـ”العمق” قائلا: “نتمنى أن يتحرك المغرب الآن، لأن الوضع أخطر من أي وقت متى، وكل مناطق البلاد مستهدفة، وليست بيروت أو الشمال في منأى عن ذلك، لأننا أمام كيان مجرم لا يفرق بين لبناني وأجنبي، أو بين طفل وامرأة”.

وينفذ الجيش الإسرائيلي، منذ يوم الاثنين الماضي، أعنف وأوسع هجوم على لبنان منذ بداية الحرب على غزة، ما أدى إلى سقوط أزيد من 600 قتيل إلى حد الآن، بينهم عشرات الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 2500 بجروح، في حين تشير تقديرات رسمية إلى نزوح قرابة 400 ألف شخص.

الملف يصل البرلمان

في سيق متصل، وجه رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، سؤالا كتابا إلى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين، ناصر بوريطة، يسائله فيه عن الإجراءات التي يعتزم القيام بها تجاه مغاربة لبنان.

وكشف رشيد حموني في سؤاله الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أن العديد من المغاربة المقيمين في لبنان وجهوا نداءات عاجلة إلى السلطات المغربية من أجل تسهيل عودتهم إلى أرض الوطن.

وأشار النائب البرلماني إلى أن مجموعة من مغاربة لبنان يطالبون سلطات بلادهم بالتدخل لإجلائهم، خاصة في ظل إلغاء العديد من شركات الطيران رحلاتها من وإلى لبنان، مما زاد من معاناتهم.

وفي هذا الصدد، طالب البرلماني ذاته من وزير الخارجية، ناصر بوريطة، باتخاذ إجراءات عاجلة لتسهيل عودة المغاربة المقيمين في لبنان إلى أرض الوطن، وذلك في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل وتدهور الأوضاع الأمنية.

وقال حموني إن الغارات الإسرائيلية المكثفة على لبنان أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين وتدمير البنية التحتية، مما أثار حالة من الهلع والخوف في صفوف الجالية المغربية.

وطالب النائب من بوريطة بإطلاع البرلمان على التدابير التي اتخذتها الوزارة لضمان عودة آمنة وسريعة للمواطنين المغاربة من لبنان، سواء من خلال برمجة رحلات جوية استثنائية أو عبر أي وسيلة أخرى ممكنة.

يُشار إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، كان قد أعرب عن تضامن المغرب الكامل مع لبنان، حكومة وشعبا، لما يتعرض له من اعتداء، مؤكدا على ضرورة احترام الوحدة الترابية لهذا البلد وسيادته الوطنية.

وتطرق أخنوش خلال كلمته باسم المغرب في اجتماع الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أول أمس الثلاثاء، إلى التصعيد الحالي في منطقة الشرق الأوسط.

وسجل أخنوش أن المغرب يعبر عن بالغ قلقه إزاء وضع غير مسبوق من شأنه توسيع دائرة الصراع، والذي قد يدخل المنطقة برمتها في مرحلة لا يمكن التكهن بتأثيرها وتداعياتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *