منوعات

مغارة هرقل أعجوبة نحتتها الأساطير في المغرب

بسراديبها الممتدة على مسافة 30 كيلو مترا في باطن الأرض، تعتبر مغارة “هرقل”، قرب عروس الشمال مدينة طنجة، أكبر مغارات إفريقيا.

وتستقطب سنويا الآلاف من السياح وهواة الاستغوار، خاصة أنها تنتمي إلى مجموعة مغارات منطقة أشقار، التي يعود تاريخ استيطانها إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد.

ونحتت هذه المغارة، التي اكتشفت في عام 1906، بيد الطبيعة، في بطن مرتفع صخري تشرف على المحيط الأطلسي غير بعيد عن بوغاز جبل طارق، حيث تتعانق مياه البحر الأبيض المتوسط بمياه المحيط الأطلسي.

وتقول الأسطورة الإغريقية إن معركة قوية بين هرقل وأنتي، ابن “بوسيدون”، استطاع هرقل أن يهزمه، وفي الصراع شقت إحدى ضربات سيفه مضيق البوغاز بين أوروبا والمغرب والمغارات المشهورة باسمه، ثم تزوج بعد ذلك زوجة أنتي، فأنجبت له سوفوكس الذي أنشأ مستعمرة “طنجيس”.

غير أن هذا الزخم التاريخي لم يشفع تعرض سلامتها للتهديد، ما دفع في أكتوبر من سنة 2007، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، إلى الشروع في عملية ترميم الموقع، وتهيئته بالشكل الذي يعيد له اعتباره كأبرز المعالم الأثرية بمدينة طنجة، بعدما بات عرضة للضياع جراء تأثيرات الطبيعة على جوف المغارة، والتي أدت إلى انسداد الكثير من المنافذ الهوائية التي تصلها بالسطح، وانهيار جزء من سقف جهتها الشرقية، قبل إغلاق الجزء الأكبر من المغارة في تلك الفترة.

يقول سعيد الطانجاوي، أحد سكان عروس الشمال، “صراحة هذه المعلمة مفخرة لسكان المدينة، فهي تزخر بالأساطير، وتشهد على حقبة مهمة في تاريخ طنجة”.

وأوضح سعيد، في تصريح لـ “إيلاف”، أن “على الجهات المختصة الاهتمام أكثر بهذه المعلمة التاريخية، لكونها تجذب آلاف السياح، الذين يبهرهم الشكل الهندسي لهذا الكهف العميق، الذي تتكسر عليه أمواج البحر عند كل مد”.

من جانبه، قال ميشيل (ج)، سائح فرنسي، “لا يمكنني أن أزور المغرب، دون التوجه إلى مدينة طنجة، التي تستقبلك بكم هائل من المآثر التاريخية، وفي مقدمتها مغارة هرقل، التي أعتبرها أعجوبة الطبيعة”.

وأضاف ميشيل، في تصريح لـ “إيلاف”، أنه “من هواة الاستغوار، ورغم تردده أكثر من مرة على هذه المغارة، إلا أنني أحس بأنني لم أسبر أغوارها وأكتشف معظم أسرارها”.

وتشير بقايا عمائر ومباني طنجة القديمة، بأشكالها الرومانية والأندلسية والأوروبية، إلى تاريخ المنطقة التي ترك الفينيقيون، والقرطاجيون، والرومان، والوندال والعرب حوافر خيولهم عليها.

ففي عام 707م فتحها موسى بن نصير وولى عليها القائد طارق بن زياد الذي انطلق منها عابرا المضيق الذي أخذ اسمه ليفتح الأندلس عام 711م، فعظم شأن المدينة وأصبح اسمها يطلق على المغرب الأقصى كله بعد أن تحولت إلى مركز وجسر تعبر منه قوافل الجيوش والعلماء والأدباء، وكل من يود التوجه إلى الأندلس التي كانت لا تفصلها عن طنجة سوى 14 كيلومتر عن البحر.

يشار إلى أن أسوار المدينة العتيقة لطنجة تمتد على طول 2200م، مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة، وهي القصبة، ودار البارود، وجنان قبطان، وواد أهردان، وبني إيد.

وبنيت هذه الأسوار على عدة مراحل، التي من المحتمل جدا أنها بنيت فوق أسوار المدينة الرومانية “تينجيس”.
وتؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت عدة أشغال للترميم، وإعادة البناء والتحصين خلال الفترة الإنجليزية (1661-1684.