تقرير برلماني يكشف اختلالات محاربة الأمية ويقترح خطة وطنية تربط التعلم بالتشغيل

دعت المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بتقييم برامج محو الأمية بمجلس النواب، إلى إعداد سياسة عمومية وطنية شاملة ومندمجة تشمل جميع الفاعلين في مجال محاربة الأمية. وأوصى التقرير الموضوعاتي الذي توج أشغال المجموعة والمعنون بـ “تقييم برامج محاربة الأمية بالمغرب”، بضرورة إشراك جميع الفاعلين والمتدخلين من قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية ومجتمع مدني وقطاع خاص في هذه السياسة، داعيا إلى إعدادها وفق أهداف واضحة وبمؤشرات قياس محددة وأجندة زمنية مضبوطة لتفعيلها على الصعيدين المركزي والترابي.
وحث التقرير على تعزیز دور وزارة التربية الوطنية في إعداد السياسات والبرامج المتعلقة بمحاربة الأمية، وتحديد الجهات المشرفة والمسؤولة عن التنفيذ مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز آليات التتبع والتقييم على الصعيدين المركزي والترابي. كما أوصت المجموعة الموضوعاتية بربط برامج محو الأمية الوظيفية بسياسات التشغيل والتكوين المهني، وتوفير مسارات انتقال للمستفيدين من التعلم إلى التأهيل المهني والتمكين الاقتصادي، إلى جانب إرساء آلية تنسيق دائمة بين مختلف الفاعلين لضمان وانسجام التقائية التدخلات، داعية إلى تعزيز آليات دراسة الأثر التربوي والاجتماعي للبرامج على المستفيدين وفق مؤشرات علمية واضحة ودقيقة، وتفعيل إلزامية التعليم المدرسي إلى تمام سن السادسة عشرة.
وعلى المستوى المؤسساتي، دعا التقرير الموضوعاتي إلى إرساء إطار مؤسساتي تنسيقي دائم يشرك كافة القطاعات الحكومية منذ مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ، مع تعزيز التعاون مع الجمعيات لضمان انتقاء دقيق وفعال للمستفيدين، وتوجيه برامج محاربة الأمية بما يتماشى مع خصوصيات كل قطاع. كما طالب التقرير بتعزيز الهياكل الإدارية التابعة للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، إقليميا وجهويا، بالأطر اللازمة لتتبع البرامج والاشراف عليها، وإعادة تحديد المهام بين الوكالة والجمعيات، مع التركيز على دور الوكالة التنسيقي والرقابي بدل الانشغال بالتنفيذ الميداني.
وشدد في ذات السياق على ضرورة إعادة النظر في النموذج التعاقدي وآليات الشراكة المعتمدة مع جمعيات المجتمع المدني، عبر تبني صيغ تعاقدية أكثر صلابة ومرونة في الآن ذاته، والارتكاز على منطق الكفاءة والنتائج بدل الكم، وتفعيلها من خلال منهج تشاركي يدعم الجمعيات الجادة تقنيا وإداريا وماليا.
وعلى صعيد المقررات، حثت المجموعة الموضوعاتية على إعداد دليل مرجعي للمقررات يتضمن، على الخصوص، المهارات الأساسية والحياتية والمهنية، مع إمكانية تكييفها حسب نوعية البرامج وخصوصيات الفئات المستهدفة، داعية إلى تكييف المحتوى الأندراغوجي مع الخصوصيات الثقافية واللغوية والجغرافية لمختلف المناطق، من خلال تطوير مقررات وموارد تعليمية محلية محدثة وشاملة، والحرص على توفيرها.
وأبرز التقرير الحاجة إلى تعزيز الجانب التطبيقي والعملي في المقررات من خلال إدماج مهارات التواصل والمشاركة في الحياة الاجتماعية، والتمكين الاقتصادي والمالي ككفاية أساسية، وذلك من خلال إدراج مكونات حرفية ومهنية متعددة وفعالة داخل برامج محو الأمية، مع تشجيع إحداث مقاولات صغيرة للمستفيدين لربط التعليم بالإنتاج والتمكين الاقتصادي.
ودعت الوثيقة إلى إعادة ضبط الفئات المستهدفة ببرامج محو الأمية وفق نتائج الإحصاء العام وبيانات المندوبية السامية للتخطيط الأخيرة، لضمان تركيز الجهود على الفئات الأكثر هشاشة، خصوصا في العالم القروي، مؤكدة على أهمية تقليص عدد المستفيدين في كل مجموعة لضمان جودة التكوين، وإدماج التكوين الرقمي في البرامج لدى هؤلاء المستفيدين.
كما تم التأكيد على ضرورة إرساء إطار تحفيزي وحمائي متكامل لفائدة العاملين في برامج محو الأمية، يعنى بتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، من خلال الرفع من قيمة التعويضات المالية، ولا سيما بالنسبة للمؤطرين والمشرفين العاملين بالمناطق النائية أو صعبة الولوج، والتفكير في صيغ عادلة ومستدامة تضمن لهم التغطية الصحية والتعويضات العائلية.
اترك تعليقاً