سياسة، مجتمع

تقرير يدعو لتقنين العلاقة بين البرلمان والقطاع الخاص لضمان الشفافية في التشريع

أكد تقرير حديث صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، على ضرورة تقنين العلاقة بين البرلمان المغربي ولوبيات القطاع الخاص لضمان الشفافية والفعالية في العملية التشريعية.

ويأتي التقرير الذي نشره المعهد تحت عنوان “لوبي القطاع الخاص في البرلمان المغربي”،  بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية في 7 غشت 2024 قرارا هاما يتعلق بالرقابة على النظام الداخلي لمجلس النواب، وهو القرار الثاني في هذا المجال خلال الولاية التشريعية الحالية (2021-2026).

وركز القرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية على عدة جوانب متعلقة بمراجعة مواد النظام الداخلي لمجلس النواب، من بينها المادة 130 التي أثارت جدلاً واسعاً،  وهي المادة كانت تسمح للجان الدائمة في البرلمان بالاستماع إلى “فاعلين من القطاع الخاص” في إطار مناقشة القوانين والسياسات العامة، لكن المحكمة اعتبرت أن هذا المقتضى يتعارض مع مبادئ الدستور، وقررت عدم دستوريته.

واستندت المحكمة إلى غياب نص دستوري يسمح بذلك، ورغم أنها أكدت على مشروعية الاستماع إلى آراء الخبراء أو ممثلي المنظمات والهيئات، إلا أن السماح للجان بالاستماع إلى فاعلين من القطاع الخاص اعتُبر خرقًا لمبادئ الفصل 102 من الدستور، الذي يحدد من يمكن استدعاؤه للاستماع أمام اللجان البرلمانية.

في هذا السياق لفت التقرير إلى أن قرار المحكمة  يثير تساؤلات حول مدى توافقه مع التوجهات الدستورية الحديثة التي تشجع على الديمقراطية التشاركية. إذ ينص دستور 2011 في فصليه الأول و12 على ضرورة مشاركة كافة مكونات المجتمع، بما في ذلك القطاع الخاص، في إعداد وتطبيق القرارات والمشاريع. ما يعزز من فكرة أن استبعاد ممثلي القطاع الخاص من الجلسات البرلمانية قد يتناقض مع المبدأ الدستوري الخاص بالديمقراطية التشاركية.

ورغم تأكيدها على ضرورة احترام الدستور، أشار التقرير إلى أن المحكمة لم تلتفت إلى الجوانب العملية التي قد تعود بالنفع على السياسات العمومية من خلال إشراك القطاع الخاص في المشاورات البرلمانية. وهو القطاع الذي “يُعد من العوامل الرئيسية التي تؤثر في النمو الاقتصادي، ومن الممكن أن يكون له دور كبير في تحسين التشريعات المتعلقة بالمالية العامة، خصوصًا تلك المتعلقة بمشاريع قوانين المالية التي يتفاعل فيها البرلمان مع الحكومة”.

وأوضح  أنه في العديد من الدول الديمقراطية، تم تنظيم العلاقة بين البرلمان وجماعات الضغط أو لوبيات القطاع الخاص، مما مكن من تحسين جودة التشريع وتعزيز الشفافية في العملية السياسية. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة وألمانيا، يتم تنظيم عمل جماعات الضغط بصورة قانونية واضحة، مما يضمن التفاعل مع القطاع الخاص بشكل علني وشفاف، دون المساس بمبادئ الاستقلالية البرلمانية.

وبذهب التقرير إلى أن المغرب يمكنه الاستفادة من هذه التجارب الدولية، وتطوير إطار قانوني ينظم التفاعل بين البرلمان والقطاع الخاص، بما يساهم في تعزيز الديمقراطية التشاركية وتفادي أي تضارب مصالح محتمل.

وأشار إلى أن هذا  يعني أن البرلمان يجب أن يتخذ قراراته بناءً على مصالح القطاع الخاص، بل يمكن الاستفادة من آراء فاعليه كمصادر إضافية للمعلومة والمشورة. قرار المحكمة الدستورية، في رأي المعهد، قد يكون مفرطًا في الحذر ويعيق تطور النظام البرلماني في المغرب. فوجود إطار قانوني ينظم التواصل مع القطاع الخاص يمكن أن يعزز الشفافية ويساهم في تطوير التشريعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *