
كشفت مرصد بحثي عن إشكالات قال إنها تواجه الجالية المغربية بالخارج في مجالات الاستثمار، التمثيلية السياسية، والإدارة العمومية، رغم الدور المهم الذي تلعبه هذه الفئة في دعم الاقتصاد الوطني وربط المغرب بالعالم، مشيرا إلى أن الجالية المغربية بالخارج تظل ثروة وطنية تحتاج إلى سياسات أكثر انفتاحاً وابتكاراً لضمان مساهمتها الفعالة في تنمية المغرب.
رغم الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة التي تمتلكها الجالية المغربية، يشير مرصد العمل الحكومي في ورقة تحليلية عنونها بـ “الجالية المغربية بالخارج ركيزة وطنية لتعزيز التنمية المستدامة ورابط حضاري بين المغرب والعالم”، إلى أن مساهمتها الاستثمارية لا تزال محدودة، موضحا أن 10% فقط من التحويلات المالية موجهة للاستثمار، ويرجع ذلك إلى غياب رؤية استراتيجية شاملة وإجراءات واضحة تتيح توجيه هذه الاستثمارات نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
ودعت الورقة إلى تعزيز المساهمة الاستثمارية للجالية المغربية من خلال وضع رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى إدماج مغاربة العالم في النسيج الاستثماري الوطني. وأوصت بتحديد قطاعات ذات أولوية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الصناعة التحويلية، والفلاحة. كما اقترحت إطلاق بنك مشاريع مخصص لتوجيه استثمارات الجالية بطريقة مبتكرة وفعالة، مما يسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة.
كما أشارت إلى فشل آليات التمويل، مثل صندوق MDM Invest، الذي لم يدعم سوى 48 مشروعاً خلال 20 عاماً، بالإضافة إلى غياب بنك مشاريع مخصص يوفر معلومات حول الفرص الاستثمارية، إضافة إلى، تعقّد الإجراءات الإدارية وضعف الرقمنة يعرقلان استثمارات مغاربة العالم، حيث يتطلب الأمر حضوراً شخصياً متكرراً لإتمام المعاملات، ما يثقل كاهل المستثمرين المقيمين بالخارج.
وتعاني الجالية المغربية، وفق المرصد من ضعف التمثيلية في المؤسسات الوطنية. فمجلس الجالية المغربية بالخارج، رغم كونه هيئة استشارية، لم يتمكن من تحقيق تأثير ملموس في السياسات العامة، كما يغيب ممثلو الجالية عن مؤسسات حيوية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وهيئات مكافحة الفساد.
ورغم تخصيص بعض المقاعد في البرلمان للجالية عبر اللوائح الانتخابية، إلا أن هذه الخطوة لا تلبي تطلعاتهم في تعزيز المشاركة السياسية وصياغة السياسات التي تعنيهم مباشرة، مما يزيد شعورهم بالتهميش.
و شددت الورقة على أهمية تقوية التمثيلية السياسية للجالية المغربية وإشراكها في الدبلوماسية الموازية. ودعت إلى تمكين المغاربة المقيمين بالخارج من التمثيل السياسي الفعّال عبر مؤسسات وطنية مخصصة، ما يعزز مشاركتهم في صناعة القرار الوطني. وأشارت أيضاً إلى ضرورة تفعيل أدوار الجالية في الدبلوماسية الموازية لترويج صورة المغرب دولياً والمساهمة في الدفاع عن قضاياه الكبرى.
كما تواجه الجالية تحديات مستمرة خلال عملية العودة السنوية إلى الوطن، رغم جهود المغرب من خلال عملية “مرحبا”. غياب أسطول نقل بحري وطني قوي يجعل البلاد تعتمد على شركات أجنبية تفرض أسعاراً مرتفعة. كما يعاني المغاربة في أمريكا الشمالية من تكاليف سفر مرتفعة بسبب ضعف العروض التنافسية، ما يحد من زياراتهم.
علاوة على ذلك، تعاني الموانئ والمطارات من تعقيدات جمركية وطوابير طويلة، مع نقص في التنسيق وجودة الخدمات المقدمة. الوثيقة أوصت بضرورة تحسين البنية التحتية وتبسيط الإجراءات لتوفير تجربة أكثر سلاسة للجالية المغربية.
لأجل ذلك أوصت الورقة بتحسين الاستقبال وتطوير الخدمات المقدمة للجالية. واقترحت إنشاء مراكز استقبال عصرية ومجهزة تلبي مختلف حاجياتهم، بالإضافة إلى تطوير منظومة خدمات رقمية تيسر المعاملات الإدارية وتعزز التواصل بين الجالية ووطنها الأم، مما يعكس الاهتمام المستمر بترسيخ علاقة الجالية ببلدها وتعزيز انخراطها في مسارات التنمية.
اترك تعليقاً