سياسة

التوفيق يكشف تفاصيل ما دار بينه وبين الوزير الفرنسي وينهي جدل “المغاربة علمانيون”

كشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، تفاصيل ما دار بينه وبين وزير الداخلية الفرنسي حول العلمانية، وهي التصريحات التي أثارت جدلا واسعا، بعدما قال التوفيق إن “المغاربة علمانيون”.

وأوضح التوفيق، خلال رده على مداخلات المستشارين البرلمانيين بلجنة الخارجية بمجلس المستشارين، اليوم الأربعاء، أن الوزير الفرنسي سأله عن عدد المساجد والأئمة في المغرب، وإن كان لذلك تأثير على الخطاب الديني داخل المجتمع. وأضاف التوفيق أن الوزير قال له: “Je comprends que notre laïcité vous étonne” (أفهم أن علمانيتنا تثير دهشتكم). فأجبته: “Pas du tout, ça ne nous étonne pas” (على الإطلاق، هذا لا يثير دهشتنا).

وأضاف التوفيق خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته، أنه عند استفسار الوزير عن السبب، أجابه قائلا: “العلمانية، كما تعلم، هي مفهوم يعود إلى الفلسفة السياسية والتاريخ، خاصة تاريخ فرنسا، على الرغم من أنها ظهرت أيضاً في دول أخرى. ويرتكز هذا المفهوم على أربعة أمور أساسية: الحرية، العقل، الأخلاق (أو العمل الصالح)، والمعنى”.

وأشار التوفيق إلى أنه أوضح للوزير الفرنسي أن “المعنى” يغيب عن العلمانية لديهم، حيث يعني فصل الدين عن الدولة أن الدولة لا تتدخل في الشأن الديني. لكنه أضاف: “مع ذلك، ليس لديكم إجابة واضحة عن سؤال المعنى. دينكم المسيحي موجود، لكنه لا يحمل هذا البعد الرسمي. بمعنى أنكم لا تقدمون إجابات للمواطنين في احتياجاتهم الروحية ولا تنفقون على الأئمة والمساجد”.

وتابع الوزير: “على عكس فرنسا، نجد في ألمانيا، على سبيل المثال، أن ضريبة الشؤون الدينية تبلغ 10 مليارات يورو سنويا، تُخصص لترميم الكنائس والمعالم الدينية وتأطير الأئمة. أما في فرنسا، فليس لديكم نظام مماثل، وهذا شأنكم”.

وفيما يتعلق بالمغرب، قال التوفيق: “لدينا نظامنا الخاص، وهو إمارة المؤمنين، التي تحمي الملة والدين. هذا النظام يقوم أيضا على مفهوم العقد، الذي يُعدّ من ركائز العلمانية. لدينا ما يسمى بـ”البيعة”، وهي عقد بيع للمشروعية من الأمة للحاكم، مقابل التزامه بخمسة أمور أساسية”.

وأوضح أن هذه الالتزامات هي: “حماية الدين لأنه يمنح معنى للحياة، وحماية الأمن لضمان حياة الناس، وحماية العقل أو ما يُعرف بالنظام العام، وحماية المال لضمان التنمية، وحماية الكرامة، التي يسميها الفقهاء العرض”. وأضاف: “هذه هي التزامات البيعة. نحن لسنا مستبدين، وللأمة الحق في محاسبة الحاكم إذا أخلّ بأي منها”.

وأكد الوزير أن “مسألتي الأخلاق والحرية مشترك فيهما الجميع. فالحرية لدينا تعني “لا إكراه في الدين”، لأن الإكراه يفقد الدين معناه، فالإيمان التزام حر بين الإنسان وربه. وفي المغرب، يُمارس كل فرد دينه بحرية، ولا أحد يُحاسب إذا لم يؤدِ الصلاة، ورغم ذلك، تجد المغاربة متشبثين بدينهم وصلاتهم”.

وأضاف أنه أوضح للوزير الفرنسي: “لدينا ما لديكم من عقل وحرية وإيمان، ولكن ليس لديكم ما لدينا من ارتباط بالمعنى. فالعلمانية لديكم تقوم على الاكتفاء بالعقل وحده للاستغناء عن الإله. ولكن، في الواقع، جذور كل ما يُبنى في العالم اليوم تعود إلى الأديان”.

وتابع قائلا: “عندما وُضع دستور الاتحاد الأوروبي، طالب العديد من المفكرين ورجال الدين بإدراج القيم الدينية الغربية كجزء من هذا الدستور، لكن تم رفض ذلك، وهو تزوير لحقيقة قائمة في التاريخ”.

وختم التوفيق بالحديث عن النقاش داخل المؤسسة التشريعية المغربية، قائلاً: “النقاش ينصب دائماً على مصالح البلاد. ولا تجد ممثلي الأمة يستدلون بآية قرآنية للدفاع عن هذه المصالح، بل يعتمدون على العقل الذي تربى على الإسلام، ويعرف جيداً ما هو مفيد وما هو غير مفيد. أما الأمور الدينية القطعية، فهي مسؤولية الأمة، ويتولاها الملك”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 8 أشهر

    كلام جميل ودقيق