مجتمع

15 قرنا على مولده.. علماء مغاربة يناقشون “إنسانية النبي” والتوفيق: سيرته قدوة للنفس البشرية

استعرض نخبة من العلماء المغاربة، في ندوة علمية كبرى نظمها معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية التابع لجامعة القرويين، جوانب من إنسانية الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم كما أبرزها القرآن الكريم، وذلك في إطار تنزيل التوجيه الملكي للملك محمد السادس الداعي إلى تنظيم ندوات علمية للتعريف بسيرة النبي وهديه في مختلف الجامعات المغربية، بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لميلاده الشريف.

الندوة التي ترأس جلستها الافتتاحية رئيس جامعة القرويين، أمال جلال، اليوم الثلاثاء بالرباط، افتُتحت بكلمة لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أكد فيها على أن السيرة النبوية الشريفة تمثل نموذجا راقيا للنفس البشرية المعاصرة، مشددا على أن الاحتفاء بالمولد النبوي ليس مجرد طقس ديني بل مناسبة للتأمل في القيم الإنسانية الخالدة التي حملها الرسول الكريم.

وقال التوفيق إن الفعاليات المبرمجة لإحياء هذه الذكرى على مدار السنة “ستعود بالكثير من العلم والفائدة والمنفعة على الأمة جمعاء”، مضيفا أن فهم الأسس التي بنيت عليها السيرة النبوية الشريفة يتيح للمجتمع إدراك جوهر الرسالة المحمدية التي جاءت لإتمام مكارم الأخلاق.

وأشار الوزير إلى أن النفس البشرية ما تزال تشكل محور اهتمام الإنسان المعاصر، مبرزا أن السيرة النبوية تمثل النموذج الأسمى لهذه النفس السوية التي ينبغي الاقتداء بها في السلوك والمعاملات.

من جانبه، تطرق مدير المعهد، عبد الرحيم الأمين، إلى مضامين الرسالة الملكية التي دعت إلى إلقاء الدروس وتنظيم الندوات العلمية في المجالس والمدارس والجامعات والفضاءات العامة، وإلى التواصل الإعلامي الرصين لتعريف الشباب بالسيرة النبوية بأسلوب يناسب العصر.

وأكد الأمين أن من بين التوجيهات الملكية أيضا التعريف بما تميز به المغاربة من عناية بالأمانات التي بعث من أجلها الرسول الكريم، وعلى رأسها الاهتمام بالقرآن الكريم حفظا وتجويدا وتفسيرا.

أما رئيس جامعة القرويين، أمال جلال، فأوضح أن الجامعة بمؤسساتها العلمية والثقافية “تضع نفسها في طليعة الهيئات المبادرة إلى تنزيل توجيهات أمير المؤمنين”، من خلال أنشطة علمية متخصصة تعكس ريادة القرويين في خدمة الدين والعلم والمعرفة.

البعد الإنساني للنبي في القرآن

وتوزعت الجلسات العلمية للندوة على محورين رئيسيين، تخللتهما مداخلات لعدد من العلماء المغاربة البارزين.

ففي الجلسة الأولى، تناول مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، موضوع تجليات من إنسانية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وتحدث المصطفى البحياوي، أستاذ بمعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية وأستاذ كرسي التفسير بالكراسي العلمية، عن الإرهاص والاختصاص في حياة الرسول من خلال آي القرآن.

وقدم محمد الروكي، عضو المجلس العلمي الأعلى، مداخلة بعنوان أصول التبليغ النبوي في القرآن، فيما ختم عبد الرحيم نبولسي، أستاذ بمعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية وأستاذ كرسي القراءات بالكراسي العلمية، الجلسة الأولى بورقة حول مظهر الصلاة الإلهية على رحب الصلات النبوية في الآية القرآنية.

وفي الجلسة الثانية، تحدث سعيد شبار، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى وأستاذ التعليم العالي بجامعتي القرويين والمولى سليمان، عن الرسول الإنسان من خلال بعض آيات القرآن.

وقدم عبد الهادي حميتو، عضو الهيئة العلمية لمؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف وأستاذ بمعهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، عرضا حول شمائل النبي وتجليات تكريم الله تعالى له كما أبرزها القرآن الكريم.

كما ناقش عبد الله بلمدني، أستاذ العلوم الشرعية بالتعليم النهائي العتيق، موضوع خصائص الرسول الفريدة من خلال آيات القرآن المجيدة، فيما اختتم توفيق العبقري، أستاذ القرآن وعلومه بجامعتي القرويين والقاضي عياض، الندوة بمداخلة بعنوان حديث القرآن عن القراءة النبوية في تصاريف الالتفاظ: سياقات ودلالات.

وخلص المشاركون إلى أن الاحتفاء بإنسانية النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو احتفاء بجوهر رسالته القائمة على الرحمة والتكريم الإلهي للإنسان، مؤكدين أن السيرة النبوية تشكل مدرسة أخلاقية وتربوية متجددة قادرة على إضاءة طريق الإنسان المعاصر وسط تحديات العولمة المادية.

ودعا العلماء إلى مواصلة ترجمة التوجيه الملكي إلى مبادرات علمية وتربوية ومجتمعية تسهم في نشر القيم النبوية السمحة، وتعزز مكانة المغرب في خدمة الدين الوسطي المعتدل وإشاعة ثقافة السلم والحوار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *