وجهة نظر

محاذير ما بعد فشل الانقلاب وتوصيات للحكومة التركية

ثمة قضية تحتاج إلى حذر شديد في التعامل

أن نرفض الانقلاب في تركيا على حكومة العدالة والتنمية أمر مبدئي وأخلاقي وقناعة سياسية وديمقراطية وحقوقية لا مجال للجدل فيها.. ولا مبرر للسقوط باي وجه من الوجوه في تبرير الانقلاب مهما كانت الجهة الداعية له.

لكن في المقابل، كل فشل للانقلاب تتبعه قرارات توظف ألأوضاع الاستثنائية التي ينص عليها الدستور: حالة طوارئ، قرارات الحكومة، تقييد للحريات، تعليق بعض الاتفاقيات……..

أن تعبر عن الموقف في الحالة الأولى فهذا لا يثير اي حرج
لكن التأييد في الحالة الثانية يطرح علامات استفهام كثيرة حول حدود تطبيق هذه المقتضيات الاستثنائية، وهل يتعلق الأمر بحفظ النظام العام أم خلق واقع على الأرض للعلاقة بين الحكومة وبين المؤسسات.

لا نعرف بالضبط ماذا يريد المسؤولون السياسيون الأتراك بعد إلإشال الانقلاب… هل مجرد ترتيب شروط العودة إلى الوضع الطبيعي وتحصين البلد من اي انقلاب قادم أو استغلال هذا الوضع لتصفية خصوم ووضع اليد على المؤسسات…….

اجتثات جذور الانقلاب شرعي وسياسي، لكن التحكم والشمولية مرفوضة حتى ولو جاءت من أردوغان وحكومته.
ليس لدينا معطيات كافية حول الجهة التي نفذت الانقلاب، لكن ثمة مخاطر لإعلان حرب استئصالية على تيار مجتمعي متجذر وله تراكم تاريخي مهم…….

الاستئصال ليس حلا والانفعال خطر ، والحكمة والهدوء مطلوبين في هذه المرحلة الحساسة…..
شخصيا أعرف تيار الخدمة، ووقفت عن قرب على أطروحته ومؤسساته وشكل اشتغاله وتأكدت ايضا من أجندته السياسية غير المعلنة… لكن مع ذلك ثمة قواعد ديمقراطية للتعامل مع الخصوم السياسيين والمجتمعيين…. أما المتورطين في الانقلاب العسكريين والمدنيين فلهم وضع آخر تقرره القوانين المعمول بها في هذا الإطار….

تحتاج تركيا لحكمة في التعاطي مع هذه المعضلة……
آلية الاستئصال والعزل الشامل من الوظائف وخوض حرب معلنة على أي تيار كان سيدفع هذده المكونات إلى التطرف، وسيشجع الغرب على الضغط مزيدمن الضغط على تركيا من بوابة الملف الحقوقي، وسيقوي منجبهة المعارضة والمواجهة داخل تركيا وسيضعف الجبهة الداخلية….

المدخل لحل المشكلة يحتاج لحكمة تميز بين الفعل العسكري والفعل المجتمعي المدني…..
الأول يواجه بالقوانين العسكرية… والثاني يواجه بالآليات الديمقراطية المتدرجة……