سياسة

الصديقي: البطالة مرشحة للارتفاع بالمغرب والحكومة لا تدافع عن مصالح الفقراء

رفض وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية الأسبق، عبد السلام الصديقي، تحميل الحكومات السابقة مسؤولية فشل الحكومة الحالية في عدد من القطاعات، متوقعًا استمرار تفشي نسب البطالة المرتفعة في المغرب.

وقال الصديقي، خلال حلوله ضيفًا على برنامج “نبض العمق”: “هذه الأغنية، أي تحميل الحكومات السابقة مسؤولية الفشل الحالي، أصبحت قديمة ولم يعد لها أي تأثير، فالحزب الذي يرأس الحكومة حاليًا كان دائمًا حاضرًا في الحكومات السابقة، وكانوا يتولون القطاعات الاستراتيجية، وحتى إذا لم تحقق الحكومات السابقة شيئًا، فلتُرنا ما يمكنها فعله، وعندما يلوم الناس الماضي ويقولون إن تلك الحكومة لم تفعل شيئًا، يجب أن نتذكر أن الناخبين عاقبوا تلك الحكومة من خلال عدم التصويت عليها في الانتخابات”.

وأضاف: “هذا النوع من الكلام لا يفيد ولن يخدم مصلحتهم. المواطن ليس غبيًا ليتم التلاعب به بهذا الشكل. إذا كان لديك شيء، قدمه، وإذا لم يكن لديك، فلا تدع أحدًا يلوم الحكومة. قلت مرة إن الحكومة الحالية لكي تقوم بشيء إيجابي اجتماعيًا عليها “الانتحار” طبقياً، فهذه الحكومة تضم رجال أعمال كبارًا، ومنهم من يعمل في تجارة المخدرات، ولديهم مصالحهم الخاصة وليس من مصلحتهم الدفاع عن الفقراء، كما أننا نرى كيف يتصرف بعض البرلمانيين في اجتماعات اللجان، حيث يتهافتون مع الوزراء ليس لمناقشة مشاكل المواطنين، بل للاستفادة شخصيًا”.

ودعا القيادي في حزب التقدم والاشتراكية إلى إبعاد رجال الأعمال عن التسيير الحكومي بالقول: “إذا اختلط المال بالأعمال يضيع كل شيء، ولسوء الحظ، كثير من السياسيين لا يعملون من أجل المصلحة العامة، بل لمصالحهم الخاصة، ويجب أن يكون لديهم مشروع اجتماعي يدافعون عنه، أما إذا كان الشخص يتبع مصالحه المادية، فيجب أن يظل بعيدًا عن السياسة، كما أن العزوف عن المشاركة السياسية يعكس ما يراه المواطن في البرلمان، حيث يعتقد أن كل شيء فاسد”.

من جهة أخرى، توقع وزير التشغيل الأسبق استمرار تفشي البطالة، حيث قال بهذا الخصوص: “لدي تخوف من أن البطالة ستستمر، لأن هناك قاعدة تنص على أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج. ومواجهة البطالة لن تحدث إذا لم يتم مراجعة النموذج التنموي والتوجهات الاقتصادية، فلا يمكننا التغلب على البطالة إذا استمر الوضع كما هو”.

وتابع: “الشغل الشاغل للحكومة كان تشجيع المقاولات الكبرى والاستثمارات الأجنبية الكبيرة، ولكن عندما نظرت في الاستثمارات التي تمت المصادقة عليها في سنة 2024 من قبل اللجنة الوطنية التي يترأسها رئيس الحكومة، وجدت أن هذه الاستثمارات تقدر بحوالي 135 مليار درهم، وهذه المبالغ تخلق عددًا محدودًا من فرص العمل، وعندما قمت بعملية حسابية، تبين أن كل وظيفة تتطلب استثمارًا قدره 4 ملايين درهم. بمعنى آخر، إذا أردت خلق 100,000 فرصة عمل، ستحتاج إلى استثمار قدره 400 مليار درهم، وهو أمر مستحيل. لذلك،

وزاد قائلًا: “من يخلق فرص العمل بكثرة هم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، لكنها مهمشة. لقد قمنا بتحديث قانون الاستثمار، وأصدرنا مرسومًا يخص المقاولات الكبرى، بينما مرسوم المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يزال ينتظر. هذا يشير إلى أن الأولوية تُعطى للمقاولات الكبيرة، بينما تُترك الفتات للمقاولات الصغيرة”.

واستطرد المتحدث ذاته: “بالنسبة للصناعة التقليدية، فهي بمثابة كنز مهدد بالانقراض، حيث لا تستفيد من التمويل أو الدعم المناسب، سواء في مجال المساعدات أو في التسويق لمنتجاتها. وفي حين أن المغرب لديه إمكانيات هائلة، نجد أن هذه الصناعة تتعرض للإهمال، في حين أنها يمكن أن تساهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وتنمية مهارات الشباب في مجال الصناعة التقليدية”.

وعاد الصديقي للحديث عن تجربته إبان توليه حقيبة التشغيل خلال حكومة عبد الإله بنكيران، وأوضح بهذا الخصوص: “في عام 2015، قمنا بإعداد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي وافقت عليها الحكومة وبدأنا في تطبيقها، حيث كان المعدل يتراوح بين 9 و10%، ولم نتجاوز هذا الرقم. كنا نتوقع، وفقًا لتلك الاستراتيجية، أنه في أفق 2023 أو 2024 سنصل إلى 8% في معدل البطالة، ولم لا، قد نصل إلى التشغيل الكامل على المدى البعيد، أي بحلول 2025. والتشغيل الكامل يعني أن يكون معدل البطالة أقل من حوالي 4% إلى 5%”.

وأضاف: “سارت الأمور على ما يرام، ولكن للأسف، وعندما تولى المسؤولية من خلفي، لم يستمروا على نفس النهج. حاولوا تعديل الأمور وتغيير الاستراتيجية، كما بدأنا نلاحظ أن الحكومة الحالية، بعد ثلاث سنوات من الفشل، ارتفع معدل البطالة إلى 13.7% سنويًا، ولكن هذا فقط المعدل الوطني. وعند النظر إلى البطالة في المناطق الحضرية، نجد أن النسبة تصل إلى 17% أو 18%. وإذا نظرنا إلى بطالة الشباب بين 15 و24 عامًا، نجد أن النسبة تبلغ 48.6%، أي أن شابًا واحدًا من كل اثنين يعاني من البطالة. أما بالنسبة لبطالة النساء، فتصل النسبة إلى 5% من النساء في حالة بطالة. وعندما نرى بطالة حاملي الشهادات الجامعية، نجد أن النسبة تتجاوز 20%. هذه معطيات خطيرة ومقلقة، تهدد السلم الاجتماعي والأمن الاجتماعي”.

وأكد المتحدث ذاته: “لا يمكن لأي شخص أن يقول إنه لا يوجد حل. الحلول موجودة بالفعل. في المغرب، لدينا كفاءات عالية في الجامعات وفي وزارة التشغيل، ولدينا مواطنون مغاربة في الخارج يتمتعون بكفاءات عالية. لكن مع الأسف، لم يتم الوثوق بهم. بدلاً من ذلك، تم اللجوء إلى مكاتب دراسات أجنبية. لدينا 14 جامعة، وحوالي 40 ألف أستاذ جامعي، بالإضافة إلى مغاربة في الخارج يتمتعون بكفاءات عالية. هذه الإمكانيات لا يتم الاستفادة منها على مستوى المسؤولية أو العمل المقاولاتي أو الابتكارات أو الاكتشافات العلمية، وغيرها من المجالات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *