الشامي: 8 ملايين مغربي خارج التغطية الصحية ويجب التحقق من معطيات الدعم المباشر

أكد أحمد رضى الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن تعميم الحماية الاجتماعية تحول هيكلي في السياسات العمومية الاجتماعية، داعيا لتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد لتشمل أكثر من 5 ملايين شخص من الساكنة النشيطة غير المستفيدين من أي معاش وتعميم التعويض عن فقدان الشغل والتحقق من معطيات المستفيدين من الدعم المباشر لتفادي أن يتحول هذا الدعم إلى نوع من الاتكالية الاقتصادية الدائمة، وفق تعبيره.
واعتبر الشامي، في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني الدولي التاسع للعدالة الاجتماعية تحت شعار “تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب: رؤية تنموية بمعايير دولية”، صباح الإثنين بالرباط، أن “تعميم الحماية الاجتماعية ورش إصلاحي استراتيجي غير مسبوق في المسار التنموي لبلادنا من تحول هيكلي في السياسات العمومية الاجتماعية ودعامة أساسية لمشروع الدولة الاجتماعية وتوجه لا محيد عنه لتعزيز قدرات الأفراد والمجتمع على الصمود أمام الأزمات وذلك باعتبارها من بين أهم آليات الاستقرار التلقائي أمام التقلبات الظرفية”.
وأكد رئيس المجلس الاقتصادي أن “بلادنا ماضية بخطى ثابتة في جعل الحماية الاجتماعية التزاما راسخا وحقا فعليا مكفولا بكل فرد طيلة حياته بغض النظر عن وضعه المهني أو الاجتماعي”، مشيرا إلى أنه “منذ التعليمات الملكية واعتماد القانون 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية سنة 2021، خطت بلادنا خطوات مهمة نحو تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي مسجلة نتائج ملموسة لاسيما على مستوى برامج التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر”.
وأبرز المتحدث ذاته أنه “في ظرف سنوات قليلة منذ الشروع في تفعيل التزامات القانون الإطار تجدر الإشارة إلى انتقال السكان المسجلين في منظومة التأمين الأساسي الإجباري عن المرض السكان المسجلين في منظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض إلى ما يناهز 87 في المائة، مقابل أقل من في المائة سنة 2020، فضلا عن حوالي 11.4 مليون مواطنة ومواطن يستفيدون حاليا من نظام أمو-تضامن الخاص بالفئات الاجتماعية المعوزة، بغلاف مالي يناهز 10 مليار درهم سنويا، كما أن أكثر من 3.9 مليون أسرة (إلى حدود شتنبر 2024 ) تستفيد من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، بغلاف مالي يتجاوز 22 مليار درهم”.
ولفت الشامي أن “سنة 2025 محطةً حاسمةً في ورش الحماية الاجتماعية، فهي السنة الخامسة والأخيرة لتنزيل هذا الإصلاح الهيكلي وِفْقَ مقتضيات القانون الإطار”، وهو ما يقتضي، وفق تعبيره، تكثيف الجهود لتوطيد المكتسبات، وتسريع وتيرة الإنجاز ومواصلة تفعيل الإصلاحات الأخرى المتعلقة بتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد لتشمل أكثر من 5 ملايين شخص من الساكنة النشيطة غير المستفيدين من أي معاش، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل، بما يضمن حماية اجتماعية أكثر شمولًا وإنصافًا”.
تحديات الحماية الاجتماعية
استعرض الشامي عدداً من التحديات التي تقتضي الاِنْكبابَ عليها، وفق تعبيره، لضمانِ نجاح هذا الورش على النحو الأمثل، فبالنسبة للتغطية الصحية لفت المتحدث ذاته، إلى أن “أزيد من 8 ملايين مواطن مازالوا خارج دائرة الاستفادة من التأمين الاجباري الأساسي عن المرض، إما لعدم تسجيلهم في منظومة التأمين (تقريبا 5 ملايين)، أولِوجودهم، حتى وإن كانوا مسجلين، في وضعية “الحقوق المغلقة (3.5 مليون)”، معتبرا أن “نسبة المصاريف التي يَتَحَمَّلُها المُؤَمَّنون مُباشرةً ما تزال مرتفعة، بحيث قد تصل إلى 50 في المائة من إجمالي المصاريف الصحية، مقارنةً مع سقف 25 في المائة الذي تُوصي به منظمة الصحة العالمية وكذا البنك الدولي، مما يدفع بعض المؤمَّنين أحيانا إلى العُدُول عن طلب العلاجات الأساسية لأسبابٍ مالية”.
و”فضلا عن ذلك، وإذا كانت الأنظمة الخاصة بأجراء القطاع الخاص ونظام “أمو – تضامن” قد سَجَّلَتْ توازناً مالياً سنة 2023، يضيف الشامي، فإن باقي الأنظمة ما زالت تُعاني، لأسبابٍ مختلفة، من عجز مالي تقني في تغطية الاشتراكات للتعويضات بنسبة 172 في المائة بالنسبة لـ”أمو- العمال غير الأجراء”، و121% بالنسبة لـ “أمو-القطاع العام”)، مما يُؤَثِّرُ على آجال تعويض المؤمَّنين وأداء المُستحقات لمُقدمي الخدمات الصحية”، على حد تعبيره.
وأشار رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى أن “معظم نفقات التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض تَتَّجهُ نحو مؤسسات العلاج والاستشفاء الخصوصية (ما بين 84 و97 % بالنسبة لـ”أمو”الخاص بالموظفين والأجراء وغير الأجراء، و57 % بالنسبة لـ” أمو- تضامن)، وذلك نظرا لعدم كفاية العَرض في القطاع العام وضعف جاذبيته”.
ولفت الشامي أن “متوسط كُلفة تحمل ملف صحي واحد في القطاع الخاص قد يَفُوقُ أحيانا نظيرَه في القطاع العام بــ5 مرات، وذلك لغياب بروتوكولات علاجية مُلزِمة ،مما يؤثر سلبا، على حد تعبيره، على الاستدامة المالية لمنظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.
أما بالنسبة للدعم الاجتماعي المباشر، فنبه الشامي إلى أن “الاستهداف الدقيق للمستفيدين والتَحَقُّق مِن صحة المعطيات المدلى بها، لا زال يشكل تحديا ينبغي رفعه لإنجاح هذا البرنامج وتعزيز نجاعته، مع الأخذ بعين الاعتبار وضعية الشريحة الهشة في الطبقة الوسطى”.
وبالنسبة لنظام التقاعد، أكد الشامي أن “أنظمة التقاعد، وإن بدرجات متفاوتة، تواجه تحديات مرتبطة بالتوازنات المالية والاستدامة، إضافة إلى ضرورة ضمان الإنصاف بين مختلف الفئات، بما يتيح لها القدرة على الصمود أمام التقلبات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية، مع الحفاظ على المكتسبات وحقوق الأجيال القادمة”.
ودعا المتحدث ذاته للأخذ بعين الاعتبار التحولات الديموغرافية المتسارعة التي كشف عنها الإحصاء الأخير للسكان والسكنى، خاصةً تنامي ظاهرة شيخوخة السكان، فمع تراجع معدلات الولادة (1.97 أي أقل من طفلين لكل امرأة) وارتفاع متوسط العمر، يزداد الضغط على أنظمة التقاعد، مما يستدعي تبني إصلاحات تأخذ بعين الاعتبار هذه التحولات لضمان توازنها المالي واستدامتها على المدى البعيد، على حد قوله.
بالنسبة للتعويض عن فقدان الشغل ، استعرض الشامي عدة تحديات أساسية تواجه هذه المنظومة من بينها تيسير شروط الأهلية للاستفادة من التعويض، وملاءمة نسب التعويض لمستوى المعيشة، وتمويل آلية التعويض عن فقدان الشغل بشكل مستدام ومنصف.
توصيات مجلس الشامي
شدد أحمد رضى الشامي على أن “إصلاح الحماية الاجتماعية ليس إصلاحا قصير الأمد وإنما يتطلب إنجازَ توقعات ودراسات “اكتوارية” على المدى المتوسط والطويل”، مشيرا إلى أنه “من أجل استكمال التنزيل الأمثل لهذا الورش المجتمعي وتحقيق غاياته الإنسانية الطموحة، يقترح المجلس عددا من التوصيات تهم الركائز الأساسية لمنظومة الحماية الاجتماعية”.
فبخصوص تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، يوصي المجلس بإرساء نظام إجباري مُوَحَّد قائم على التضامن والتكامل والالتقائية بين مختلف أنظمة التأمين التي يتألف منها، مع تَعزيزِه بنظام تغطية إضافي تكميلي واختياري تابع للقطاع التعاضدي أو التأمين الخاص، مع العمل بشكل مُوازٍ على تسريع وتيرة تأهيل العرض الصحي الوطني، بما يُعزز جودة وجاذبية القطاع العام، ويُحافظُ على مكانتِه المركزية ضمن عرض العلاجات.
أما بخصوص الدعم الاجتماعي المباشر، يُؤكد المجلس على أنه “لضمان نجاح هذا البرنامج وتعزيز استدامةِ توازنِه المالي، يَتَعَيَّنُ التركيز بشكل خاص على إيلاء أهمية قصوى للاستهداف الدقيق للمواطنات والمواطنين الذين يستحقون الدعم فعلا، والتحقق من صحة المعطيات المدلى بها، لتفادي أن يتحول هذا الدعم إلى نوع من الاتكالية الاقتصادية الدائمة بدل البحث عن فرص لتحقيق الاستقلالية الاقتصادية للمستفيدين”.
وبخصوص توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد يوصي المجلس، حسب الشامي، بـ”توحيــد أنظمــة التقاعــد، من خلال إحـداث نظـام معاشـات وطنـي إجبـاري أساسـي، مُعَزَّزٌ بدعامتين :نظـام تكميلـي إجباري موجـه للمداخيـل التـي تفـوق السـقف المحـدد في النظام الأساسي؛ ونظـام فـردي اختياري”.
وبخصوص التعويض عن فقدان الشغل، يوصي المجلس بالعمل على وضع نظام للتأمين عن فقدان الشغل خاص بالعاملين الأجراء، مع تحسين شروط الولوج والاستفادة من هذه الآلية، مع نظام للتأمين عن فقدان الشغل لفائدة العاملين غير الأجراء، يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المهن.
اترك تعليقاً