يقوده عالم مغربي.. اكتشاف آثري يقدم أدلة جديدة عن تاريخ شمال إفريقيا

كشف فريق بحثي دولي بقيادة عالم الآثار المغربي يوسف بوكيوط عن أول قرية ما قبل تاريخية من العصر البرونزي في المغرب، تعود إلى الفترة بين 4400 و2900 سنة مضت.
وتم نشر هذا الاكتشاف في المجلة العلمية الإنجليزية المرموقة “Antiquity” يوم الاثنين، ضمن جزء من أطروحة دكتوراه للطالب حمزة بنعطية، تحت إشراف الأستاذ يوسف بوكيوط، إلى جانب فريق دولي من الباحثين من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط (INSAP) وجامعات أخرى.
الاكتشاف الذي تم في موقع “كاش كوش”، الواقع على قمة تلّ يُطل على مصب وادي الـو، بالقرب من مضيق جبل طارق. وفق ورقة تفصيلية توصلت بها جريدة “العمق المغربي”، يعد بمثابة ثورة لفهم تاريخ شمال إفريقيا قبل وصول الفينيقيين، ويقدم أدلة جديدة على تطور المجتمعات المحلية في المنطقة.
وأضافت الورقة أن هذا الموقع الاستراتيجي سمح لسكان القرية بالسيطرة على ممر بين البحر الأبيض المتوسط وجبال الريف، مما سهل التبادل التجاري والثقافي مع المناطق المجاورة، مشيرة إلى أن الاكتشافات الأثرية في الموقع تشير إلى ثلاث مراحل رئيسية من الاستيطان البشري، تمتد من 2200 إلى 600 قبل الميلاد.
وتمتد المرحلة الأولى خلال الفترة ما بين 2200-2000 قبل الميلاد، وهي المرحلة التي تمثل فترة انتقالية بين العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي. تم العثور على بقايا قليلة تشير إلى استيطان محدود، بما في ذلك شظايا فخارية وأحجار صوان وعظام ماشية.
فيما تمتد المرحلة الثانية ما بين 1300-900 قبل الميلاد، حيث تحول الموقع إلى قرية زراعية مستقرة، إذ تم اكتشاف منازل مبنية من الطوب اللبن وحفر محفورة في الصخر لتخزين المنتجات الزراعية، كما تم العثور على أدلة تشير إلى وجود روابط تجارية مع شبه الجزيرة الإيبيرية ومناطق أخرى في البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك قطعة برونزية تعتبر أقدم دليل على تعدين البرونز في المغرب.
أما المرحلة الثالثة (800-600 قبل الميلاد)، فتتزامن مع وصول الفينيقيين إلى المنطقة وتأسيس مستوطنة ليكسوس. تم العثور على منازل مستطيلة ذات أسس حجرية مستوحاة من النماذج الفينيقية، بالإضافة إلى فخار مصنوع على النمط الفينيقي، مع استمرار السكان المحليين في استخدام تقنيات البناء التقليدية، مما يشير إلى اندماج الثقافات المحلية والأجنبية.
وكشفت التحاليل الأثرية النباتية عن وجود محاصيل مثل القمح والشعير والفاصوليا والحمص، مما يدل على ممارسة الزراعة المتطورة منذ المرحلة الثانية. كما تم العثور على أدلة تشير إلى تربية الماشية، بما في ذلك الأغنام والماعز والخنازير والأبقار، بالإضافة إلى اكتشاف آثار لصناعة الجلود والحرف اليدوية الأخرى، مما يشير إلى وجود مجتمع منظم ومكتفٍ ذاتيًا.
وتم العثور أيضًا على مجموعة غنية من الأواني الخزفية والأدوات الحجرية والمعدنية في الموقع، توضح أن الفخار المحلي كان يصنع يدويًا وغالبًا ما كان يتميز بزخارف مطبوعة أو محفورة، إلى جانب الفخار الفينيقي الذي ظهر ابتداءً من المرحلة الثالثة. كما تم العثور على أدوات حديدية تشهد على اعتماد تقنيات جديدة.
اترك تعليقاً