
اعتبر أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، بجامعة محمد الخامس عبد الحافظ أدمينو، أن الإصلاحات التي عرفها المغرب، وإن كانت قد عززت دور الجماعات الترابية في الديمقراطية والتنمية، إلا أن الإصلاحات الأخرى على مستوى الإدارة المركزية كرست نوعا من “المركزية الجديدة”، مما أعاد إنتاج حضور الدولة وعزز وحدتها، ورسخ البعد المركزي في اشتغالها.
وأضاف أدمينو، في مداخلة ضمن ندوة نظمتها الجمعية المغربية للقانون الدستوري، بشراكة مع مختبر القانون العام والعلوم السياسية بكلية العلوم القانون والاقتصادية والاجتماعية أكدال، تحت عنوان “إعادة التفكير في الدولة”، اليوم الخميس، أن الاستقلالية المالية للجماعات الترابية لا تزال محدودة، مما يشكل عائقا أمام تحقيق اللامركزية الفعلية، ويحد من قدرتها على تنفيذ مشاريعها التنموية بفعالية.
ولفت أستاذ القانون العام، ضمن مداخلته المعنونة بـ “طبيعة الدولة في إطار التطور الترابي”، إلى أن السعي نحو تعزيز البعد الخدماتي عبر مسلسل الرقمنة على مستوى الخدمة الترابية لا يزال هو الآمر مرتبطا بمجموعة من التحولات المرتبطة بالجانب التنظيمي والجانب الثقافي في العملية التدبيرية.
وحدد مستجدات التنظيم الترابي التي حملها دستور 2011 في ثلاثة أبعاد أساسية. أولها المستوى المعياري، حيث أصبح التنظيم الترابي خاضعا لمبادئ دستورية موجهة، أبرزها مبدأ التدبير الحر ومبدأ المشاركة، ما يعكس الرغبة في تعزيز المشروعية الديمقراطية، كما انتقل التنظيم من مستوى القانون إلى القوانين التنظيمية، وتطور المعجم القانوني المرتبط بالعلاقة بين الدولة والجماعات الترابية، حيث استُبدل مفهوم “الوصاية” بمفهوم “المراقبة”، مما يعكس تطورًا نحو مزيد من النضج المؤسساتي.
أما البعد الثاني، فيرتبط وفق المتحدث، بتقوية الديمقراطية على المستوى الترابي، حيث تم توسيع نطاق الاقتراع العام والمباشر، وخاصة نمط الاقتراع اللائحي، مما عزز، حسب قوله، من حضور الأحزاب السياسية في المشهد المحلي، كما تم إدماج آليات الديمقراطية التشاركية، إلى جانب تدابير أخرى مثل تعزيز تمثيلية النساء من خلال نظام الكوطا، ووضع ضوابط لحالات التنافي.
أما البعد الثالث، فيتعلق بتقوية البعد الخدماتي، من خلال إدماج المنظومة التدبيرية المركزية، وفقا لمقتضيات القانون التنظيمي للمالية 130.13، الأمر الذي عزز وفق أدمينو، من التعاقدية والقيم الخدماتية وتنوع آليات الرقابة. كما تم اتخاذ تدابير لتعزيز تخليق الممارسة الانتدابية، من خلال إلزام المسؤولين السياسيين بتقديم الحساب، والتصريح بالممتلكات، ومنع تضارب المصالح.
في سياق مواز، أوضح أن مرسوم 2018 المتعلق بالتركيز الإداري، ساهم هو الآخر في تعزيز حضور الدولة ليس فقط في بعدها الإداري، ولكن أيضا على مستوى توطين السياسات العمومية على المستوى الترابي، مما جعل الوحدات اللاممركزة تلعب دورًا حاسمًا في تنفيذ البرامج الحكومية.
اترك تعليقاً