مجتمع

الغنبوري: قرار إلغاء الأضاحي يحمي الثروة الحيوانية والحكومة مطالبة بالتقاط رسائل الملك

قال رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري، إن قرار الملك محمد السادس بعدم إقامة شعيرة عيد الأضحى لهذا العام هو رؤية اقتصادية تهدف إلى حماية الثروة الحيوانية، وخطوة غير مسبوقة تعكس التحديات التي يواجهها المغرب، خاصة في القطاع الفلاحي. وفي ظل تراجع القطيع الوطني بنسبة كبيرة بفعل الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، أصبح الحفاظ على الثروة الحيوانية أولوية استراتيجية.

وأوضح الغنبوري في تصريح لجريدة “العمق” أن المتغير هذا العام هو التراجع الحاد في القطيع الوطني بنسبة 38% منذ 2016 كما أفاد وزير الفلاحة، نتيجة الجفاف المستمر وارتفاع أسعار الأعلاف، وتداعيات التغيرات المناخية. وبالتالي، فالهدف الأساسي من الإلغاء هو حماية ما تبقى من الثروة الحيوانية لضمان استدامتها، وهي رؤية اقتصادية بعيدة المدى تسعى لتجنب انهيار القطاع الفلاحي الوطني، حسب تعبيره.

وفي المقابل، أشار المتحدث إلى أن هذا القرار سيكون له تبعات اقتصادية فورية قد تكون قاسية لبعض الفلاحين. فالسوق المرتبطة بالعيد تحرك مليارات الدراهم سنويا، وتعتمد عليها أسر الفلاحين والتجار والجزارين لتأمين دخل موسمي أساسي. وإلغاء الشعيرة قد يقطع هذا المورد، مما يفاقم الضغوط على الأسر في المجال القروي التي تعاني أصلاً من شح الموارد، كما سيواجه القطاع غير المهيكل مثل الباعة الموسميين والوسطاء ركودًا قد يرفع معدلات البطالة الموسمية. واستيراد المواشي كما حدث مع الأغنام الأسترالية لن يكون بديلاً كافيًا، إذ تظل تكلفته مرتفعة ولا تعوض خسائر الفلاحين المحليين.

على صعيد الطلب، يشير الغنبوري إلى أن أسعار الأضاحي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، إذ وصل متوسط سعر الأغنام إلى نحو 4000 درهم في 2024، مقارنة بـ 3000 درهم في 2023، متجاوزًا معدل التضخم بعشرة أضعاف، وهو ما جعل الشعيرة عبئًا ثقيلاً على الأسر ذات الدخل المحدود. وإلغاؤها سيخفف لا محالة هذا الضغط المالي.

أما من منظور الكلفة والفائدة، فإن هذا القرار يشكل استثمارًا في مستقبل القطاع الفلاحي، إذ يعزز الحفاظ على القطيع الأمن الغذائي على المدى الطويل، خاصة مع تراجع إنتاج اللحوم من 230 ألف رأس معدة للذبح سنويًا إلى 150 ألفًا في ظل استمرار الجفاف. لكن نجاح هذه الخطوة يعتمد على إجراءات حكومية فعالة تساند وتدعم القرار الملكي، حسب تعبير رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي.

وقال إن نجاح هذا التوجه يعتمد على تحقيق توازن دقيق بين الخسائر الفورية والمكاسب المستقبلية. فمن جهة، سيفقد العديد من الفلاحين والمربين والتجار موسماً اقتصاديًا أساسيًا كان يضخ مليارات الدراهم سنويًا في الدورة الاقتصادية، مما قد يفاقم الأوضاع المعيشية في المجال القروي، خاصة لدى الفئات الهشة. ومن جهة أخرى، فإن تأمين مستقبل القطاع الفلاحي وحماية القطيع المتبقي قد يساهمان في استقرار أسعار اللحوم وتعزيز الأمن الغذائي على المدى الطويل.

ولضمان تحقيق هذه الأهداف، شدد المصدر ذاته على ضرورة تحلي الحكومة بالمسؤولية الوطنية وأن تعمل على مواكبة القرار الملكي، من خلال إجراءات داعمة للفلاحين والمربين مثل توفير دعم مباشر لتعويض الخسائر لصغار الفلاحين، وتكثيف برامج تمويل الأعلاف لمواجهة ارتفاع تكاليفها، إلى جانب سياسات تشجع على تحسين إنتاجية القطاع وتوسيع نطاق العناية البيطرية بالماشية. فدون استراتيجية واضحة ومتكاملة، ستفوت الحكومة على المغاربة فرصة ذهبية لإعادة تشكيل الثروة الحيوانية الوطنية، وستزيد من معاناة العالم القروي، حسب قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *