مجتمع

تقرير يعري عيوب السجل الاجتماعي ويحذر من تكريسه لإقصاء الفقراء

كشف تقرير حديث أنه رغم المكاسب الأولية الناتجة عن العمل بمنهجية السجل الاجتماعي الموحد، إلا أن سيرورة تفعيله تظهر أنه “ينطوي على العديد من الإشكالات القانونية والعيوب المسطرية والمنهجية التي تحد من كفاءة منهجية الاستهداف”، محذرا من التداعيات المحتملة التي تهدد بتحويل هذه العيوب إلى أداة لإقصاء الفئات الأكثر احتياجاً على المدى القريب والمتوسط.

وأشار التقرير إلى أن القانون رقم 77.18، الذي ينظم السجل الاجتماعي الموحد، يتضمن مقتضيات تمييزية تعيق وصول بعض الفئات الهشة إلى خدمات الدعم، من بينها اشتراط التقييد في السجل الوطني للسكان بالإدلاء بما يثبت عنوان السكن، وهو ما يستبعد فئات مثل المشردين والأشخاص بدون مأوى، وكذلك الأسر التي تعيش في دور الصفيح ولا تمتلك وثائق تثبت عنوان سكنها.

ولفت التقرير الذي نشره المعهد المغربي لتحليل السياسات، بعنوان “هل تحول السجل الاجتماعي الموحد إلى آلية لإرساء دولة الحد الأدنى؟”، إلى أن تعريف المندوبية السامية للتخطيط لمفهوم “الأسرة” يستبعد النساء في وضعية صعبة والأشخاص بدون أسر، مما يعيد إنتاج أشكال الإقصاء الاجتماعي.

وأضاف أن اعتماد آلية التصريح الذاتي للتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد يؤدي إلى إقصاء الأسر التي تعاني من صعوبات في الوصول إلى الأدوات التكنولوجية أو التي تفتقر إلى المعرفة الكافية بالإجراءات الإدارية، ما يشكل انتهاكا لمبدأ المساواة وحظر التمييز، الذي يعد من المبادئ الأساسية للحق في الحماية الاجتماعية.

وأشار التقرير إلى أن السجل الاجتماعي الموحد يواجه انتقادات بسبب منهجية الاستهداف التي تعتمد على معالجة إلكترونية للمعطيات لتحديد الأهلية للدعم بناء على عدد من المؤشرات، محذراً من أن هذه المنهجية تعاني من قصور كبير، حيث تعتبر بعض الممتلكات، مثل الهواتف أو اللاقط الهوائي، مؤشرات على الرفاهية، رغم أنها لم تعد تعكس الوضع الاقتصادي الحقيقي للأسر، مما قد يؤدي إلى إصدار قوائم غير دقيقة للأسر المؤهلة للدعم، وبالتالي استبعاد أسر تعاني من الفقر والهشاشة.

كما أن الاعتماد الكلي على الرقمنة في إدارة السجل، وفق المصدر، يخلق فجوة رقمية بين الفئات المستهدفة، لافتا إلى أن الكثير من الأسر تفتقر إلى المهارات والأدوات التكنولوجية اللازمة للتسجيل، مما يدفعها إلى الاستعانة بالغير مقابل تكلفة مالية إضافية، وهو ما يعرض بياناتها الشخصية للانتهاك. إضافة إلى ذلك، فإن المعالجة التقنية للبيانات تعاني من قصور في التعامل مع الفقر المركب، لاعتمادها على حسابات رياضية لا تعكس الواقع المعيشي للأسر.

ونبه إلى أن السجل، بتحديده عتبة الاستحقاق للاستفادة من برامج الدعم عند مستويات منخفضة جدا، يستبعد أسرا تعاني من الهشاشة ولكنها لا تستوفي العتبة المحددة، “على سبيل المثال، تم تحديد العتبة المؤهلة للاستفادة من برنامج التأمين الصحي التضامني عند 9.32، ولبرنامج الدعم النقدي المباشر عند 9.74، وهو ما أدى إلى إقصاء مليون أسرة من الدعم رغم أوضاعها الاجتماعية الصعبة”.

ورغم أهمية التحول من الدعم الشامل إلى الدعم النقدي المباشر، إلا أن التقرير حذر من الآثار السلبية المحتملة لهذه السياسة، مثل تكريس الاتكالية الاقتصادية لدى الأفراد، وتدوير أوضاع بعض الطبقات الاجتماعية، خاصة الطبقة الوسطى التي ستتحمل عبء ارتفاع أسعار المواد الأساسية. مضيفا أن إلغاء الدعم الشامل دون بدائل اقتصادية فعالة قد يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للفئات الفقيرة، مما يجعل الدعم النقدي الممنوح لها غير كاف لمواجهة التضخم وتقلبات الاقتصاد.

ولأجل ذلك، دعا التقرير إلى ضرورة معالجة الثغرات القانونية والمنهجية التي تعتري السجل الاجتماعي الموحد، من خلال إزالة المقتضيات التمييزية ومراجعة منهجية انتقاء الفئات المستحقة للدعم. كما أكد على أهمية تعزيز الشفافية والحكامة في إدارة المنظومة، وتحرير تمويل الحماية الاجتماعية من القيود الاقتصادية والتبعية للتمويل الخارجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد
    منذ 5 أشهر

    لقد ظلم السجل الاجتماعي أناسا وحرمهم من الاستفادة من امو رغم كونها لا يتوفرون على اي مصدر للعيش لا تقاعد ولا املاك الا ما يجود به المحسنون عليهم وهم قد حاوزوا 60 سنة ولا قدرة لهم الاشتغال.......