ما هي مهام ومجالات تدخل لجنة الحق في الحصول على المعلومات؟

يعد الحق في الحصول على المعلومات أحد ركائز حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 19) والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المادة 19)، واعتبرته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (المادة 10) أحد أهم ركائز الشفافية والحكامة الجيدة، وألزمت الإدارات العمومية بضرورة تمكين المواطنين من الحصول على المعلومات واتخاذ التدابير الكفيلة لممارستهم لهذا الحق.
وعلى المستوى الوطني، نص الدستور المغربي بصراحة على حق المواطنين والمواطنات في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، ومنع تقييد هذا الحق إلا بمقتضى القانون، فيما نص القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة على إحداث “لجنة للحق في الحصول على المعلومة”.
فما هي مهام هذه اللجنة؟ وما هي ضمانات وتقييدات الاستفادة من الحق في الحصول على المعلومات؟
المنطلق القانوني
تم إحداث “لجنة الحق في الحصول على المعلومة” بمقتضى القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، الصادر في تنفيذه الظهير الشريف رقم 15-18-1 في 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018)، وذلك طبقا لأحكام الدستور، ولاسيما الفصل 27 منه، ويحدد القانون المذكور مجال تطبيق الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية، والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، وكذا شروط وكيفيات ممارسته.
ويذكر أن الفصل 27 من دستور فاتح يوليوز 2011، بنص على أنه “للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام”، وتابع الفصل ذاته في فقرته الثانية “لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة”.
ونص القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات على إحداث لجنة الحق في الحصول على المعلومات والسهر على تفعيله لدى رئيس الحكومة، وحدد مدة ولايتها في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
تكوين اللجنة وتعيينها
يترأس اللجنة وفق المادة 23 من القانون المذكور، رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخص، والذي يعينه يترأس يعنيه الملك بموجب المادة 27 من القانون رقم 08-09.
وتتألف اللجنة من ممثلين اثنين عن الإدارات العمومية يعينهما رئيس الحكومة، وعضو يعينه رئيس مجلس النواب، وعضو يعينه رئيس مجلس المستشارين، ممثل عن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وكذا ممثل عن مؤسسة “أرشيف المغرب”، وآخر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ثم ممثل مؤسسة الوسيط، وممثل عن إحدى الجمعيات العاملة في مجال الحق في الحصول على المعلومات، يعينه رئيس الحكومة.
ويعطي القانون 31.13 الحق لرئيس اللجنة أن يدعو، على سبيل الاستشارة، كل شخص أو هيئة أو ممثل إدارة لحضور اجتماعات اللجنة أو الاستعانة بخبرته.
مهام اللجنة الوطنية
حدد القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، مهام اللجنة في ثمانية محاور، وهي أساسا:
السهر على ضمان حسن ممارسة الحق في الحصول على المعلومات؛
تقديم الاستشارة والخبرة للمؤسسات أو الهيئات المعنية حول آليات تطبيق أحكام هذا القانون، وكذا النشر الاستباقي للمعلومات التي في حوزتها؛
تلقي الشكايات المقدمة من طالبي الحصول على المعلومات، والقيام بكل ما يلزم للبت فيها، بما في ذلك البحث والتحري، وإصدار توصيات بشأنها؛
التحسيس بأهمية توفير المعلومات وتسهيل الحصول عليها بكافة الطرق والوسائل المتاحة، ولاسيما عن طريق تنظيم دورات تكوينية لفائدة أطر المؤسسات أو الهيئات المعنية؛
إصدار توصيات واقتراحات لتحسين جودة مساطر الحصول على المعلومات؛
تقديم كل اقتراح للحكومة من أجل ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع مبدا الحق في الحصول على المعلومات؛
إبداء الرأي في مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تعرضها عليها الحكومة؛
إعداد تقرير سنوي حول حصيلة أنشطتها في مجال الحق في الحصول على المعلومات، يتضمن بصفة خاصة تقييما لحصيلة إعمال هذا المبدأ، ويتم نشره بكل الوسائل المتاحة.
المنطلق الحقوقي
يؤكد رئيس لجنة الحق في الحصول على المعلومة أن هذا الأخير “حق إنساني يمكن تلمس آثاره الأولى، من خلال أشكال متعددة، تضمنتها تشريعات عدة بلدان، خصوصا في القانون الأساسي السويدي حول حرية الصحافة الصادر سنة 1766 (Tryckfrihetsförordningen).
ويضيف السغروشني في كلمته الافتتاحية للموقع الرسمي للجنة الحق في الحصول على المعلومات (https://www.cdai.ma): “لقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948، غداة نهاية الحرب العالمية الثانية، في مادته 19 على أن: “لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود الجغرافية”.
وتابع في كلمته المعنونة بـ”الحق في الحصول على المعلومات: بين الانفجار العظيم، المنهجية، المصاحبة والتقييم”، “فيما أعلن البند 19 للعقد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر سنة 1966، أن: “لكل امرئ الحق في حرية التعبير. وهو يشمل حرية البحث والتلقي وتعميم المعلومات والأفكار من كل نوع، بدون تقيد بالحدود الجغرافية، سواء كانت شفهية، مكتوبة، مطبوعة أو فنية، أو كيفما كانت وسيلة اختياره”.
وقال أيضا “فيما يحدد البند العاشر (10) من اتفاقية الأمم المتحدة ضد الفساد، التي وقع عليها المغرب في 2 ماي سنة 2007، أنه: تتخذ كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، ومع مراعاة ضرورة مكافحة الفساد، ما قد يلزم من تدابير لتعزيز الشفافية في إدارتها العمومية، بما في ذلك ما يتعلق بكيفية تنظيمها واشتغالها وعمليات اتخاذ القرارات فيها، عند الاقتضاء”.
اترك تعليقاً