واشنطن تلوح بـ”مخرج دبلوماسي”.. هل طلبت الجزائر وساطة أمريكية مع المغرب؟

في تصريحات جديدة أثارت تفاعلات واسعة، أكد مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للشؤون الإفريقية والشرق أوسطية، أن الولايات المتحدة حريصة على إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء المغربية، مشددا على أهمية تقريب وجهات النظر بين المغرب والجزائر، في وقت بلغ فيه النزاع عمر نصف قرن تقريبا.
وخلال حديثه لقناة “العربية”، شدد بولس على أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، لا يتعارض مع رغبة واشنطن في لعب دور الوسيط لتقريب المواقف، مع التأكيد على أن الإدارة الأمريكية ترى أن الحل يجب أن يكون “توافقيا”.
وتأتي هذه التصريحات في سياق دولي يعرف تصاعد الضغط على الجزائر، خصوصا بعد تصريحات متكررة من مسؤولي الإدارة الأمريكية، آخرها تأكيد وزير الخارجية ماركو روبيو بأن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل الوحيد والواقعي المطروح على الطاولة. كما تزايدت مؤشرات قرب الحسم النهائي للملف، مع اقتراب موعد قرار مجلس الأمن المرتقب في أكتوبر.
ويرى مراقبون أن تصريحات بولس، ليست مجرد تعبير عن نوايا وساطة، بل كمحاولة دبلوماسية تمنح الجزائر مخرجا يحفظ ماء وجهها، بعدما بات الموقف الأمريكي واضحا ولا يقبل التأويل وأنه لا حل خارج إطار الحكم الذاتي المغربي.
وبحسب محللين، فإن واشنطن تحاول، عبر نبرة “دبلوماسية مرنة”، منح الجزائر فرصة الانخراط في تسوية سياسية تحفظ لها الحد الأدنى من الاعتبار الدبلوماسي، دون أن تتراجع بشكل فج عن مواقفها السابقة. فهي بذلك تُبقي على لغة “التوافق” و”التقريب” في الخطاب، بينما الواقع السياسي والدولي يميل نحو دعم الطرح المغربي.
وتحمل تصريحات بولس أيضا رسالة مضمرة للنظام الجزائري، مفادها أن باب الوساطة لا يزال مفتوحا، شريطة القبول بالمعطى الجديد والذي مفاده أن الحكم الذاتي هو الخيار الواقعي الوحيد، وأن أي تسوية لن تمر عبر صيغة “استفتاء تقرير المصير” التي باتت متجاوزة دوليا.
وفي هذا السياق، أثار المحلل السياسي عبدالرحيم منار اسليمي تساؤلات جوهرية حول خلفيات التحركات الجزائرية الأخيرة في ملف الصحراء، واضعا فرضية لافتة: هل طلبت الجزائر وساطة أمريكية من خلال مستشار ترامب السابق لتقريب وجهات النظر مع المغرب؟
واستند اسليمي إلى التصريحات أدلى بها مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، خلال مقابلة مع قناة “العربية، مشيرا إلى نية الولايات المتحدة العمل على استعادة العلاقات الطبيعية بين المغرب والجزائر، وهو ما دفع إلى طرح السؤال حول ما إذا كانت الجزائر قد توجهت بالفعل إلى إدارة ترامب السابقة بطلب وساطة لحل الخلاف مع الرباط.
وربط رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني بين هذه المؤشرات وما تم تداوله في تقارير إعلامية نهاية العام الماضي بشأن لقاء سري جمع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بمسعد بولس في العاصمة القطرية الدوحة، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يكرّس دور بولس كقناة اتصال غير معلنة بين النظام الجزائري وواشنطن.
ويرى المتحدث أن التحركات الجزائرية جاءت كرد فعل على شعورها المتزايد بالضغط الدولي، لاسيما بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، التي أكدت أن ملف الصحراء قد حُسم عمليا لصالح مبادرة الحكم الذاتي المغربية، إضافة إلى مطالبة الأمم المتحدة بتفاصيل عملية حول تنفيذ هذا المقترح، بما في ذلك آلية عودة سكان مخيمات تندوف إلى المغرب، وهي نقطة أشار إليها بولس في حديثه.
ويخلص المحلل إلى أن ملف الصحراء المغربية دخل مرحلة نهائية، قد تتفرع عنها ملفات عالقة بين البلدين، من قبيل اتفاقية غار جبيلات، وترسيم الحدود، وملف الصحراء الشرقية، ما يفتح الباب أمام وساطة دولية قد تُعيد ترتيب الأوراق في المنطقة المغاربية.
اترك تعليقاً