سياسة

اتهامات باستغلال أموال عمومية في أغراض انتخابية تهز جماعة بسطات.. والرئيس يوضح

توصل عامل إقليم سطات بشكاية رسمية من عدد من أعضاء جماعة رأس العين الشاوية، يطالبون فيها بفتح تحقيق عاجل في ما وصفوه بـ”استغلال الجمعيات المحلية لأموال عمومية في أغراض انتخابية وشخصية”، تحت إشراف مباشر من رئيس الجماعة.

وجاء في الشكاية، أن مجموعة من الجمعيات النشيطة بتراب جماعة رأس العين الشاوية، من بينها جمعية دار الطالب والطالبة، نهضة رأس العين لكرة القدم، سيدي امحمد البهلول للشؤون الاجتماعية والثقافية، دار الأمومة، جمعية الفروسية التقليدية، مهرجان رأس العين، جمعية الرشاد للأماني والمواهب الفاضلة، الشعلة للتنمية الاجتماعية، القنديل المسرحي، وجمعية تنمية النقل المدرسي، تستفيد سنويا من منح مالية مهمة تخصصها الجماعة لهذه الجمعيات.

وأكد المشتكين أن هذه الجمعيات “لا تحترم الأهداف المحددة في قوانينها الأساسية”، وأنها “تشتغل فعليا تحت وصاية رئيس الجماعة الذي يتحكم في تسييرها المالي والإداري، ويستغلها في الحملات الانتخابية والتجمعات الحزبية والمناسبات المحلية”، على حد تعبير الشكاية.

كما أشار الموقعون – وهم محمد دحان، حسن فتاح، عبد الغني الخياري، محمد عبد العزيز الفاطمي، محمد مريوت، وفاطمة متوكل – إلى أن “رؤساء هذه الجمعيات ينتمون إلى الدائرة الضيقة لرئيس الجماعة، من أقاربه وأصهاره ومؤيديه، ويقومون بتحصيل الأموال العمومية الممنوحة قبل تسليمها له، حيث يصرف جزء ضئيل منها في أنشطة رمزية، بينما يظل الجزء الأكبر مجهول المصير”.

وطالب المشتكون عامل الإقليم بـ”التدخل العاجل لإحالة الشكاية على الجهات المختصة قصد فتح تحقيق شامل ودقيق في شبهات الاختلاس وهدر المال العام، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق كل من ثبت تورطه”.

وقد أرفقت الشكاية بجدول لأسماء الجمعيات المعنية، ولائحة بأعضاء مكاتبها، ونسخ من اتفاقيات الشراكة الموقعة بينها وبين جماعة رأس العين الشاوية.

وقال محمد مريوت، المستشار بجماعة رأس العين الشاوية، إن الميزانية العمومية لسنة 2026 كشفت عن “خلل خطير” في تدبير المال العام، بعدما تضمن مشروعها بندا خاصا يتعلق بدعم عدد من الجمعيات التي وصفها بـ”الانتخابية”، متهما إياها بأنها تستعمل وسيلة لخدمة أجندة سياسية وشخصية على حساب المصلحة العامة.

وأوضح مريوت، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن هذه الجمعيات ليست مستقلة كما يفترض قانونا، بل تجمعها علاقات قرابة ومصالح مباشرة مع رئيس الجماعة، مؤكدا أن “توجيه الدعم المالي إليها يعد خرقا واضحا لمبدأ تكافؤ الفرص بين الجمعيات المدنية، ويتنافى مع القوانين المنظمة للجماعات المحلية وتمويل الجمعيات”.

وأضاف المتحدث أن “المثير للاستغراب هو أن بعض هذه الجمعيات كان يرأسها الرئيس الحالي بنفسه في السابق، قبل أن يتنازل عنها لأفراد من عائلته بشكل صوري”، مشددا على أن “الغاية من ذلك هي الاستمرار في التحكم في موارد الجماعة وتوجيهها نحو أهداف سياسية وانتخابية ضيقة”.

وتابع مريوت أن “ما يجري اليوم يمثل شكلا من أشكال استغلال النفوذ، حيث تُستعمل ميزانية الجماعة لتمويل جمعيات محسوبة على جهة معينة دون مراعاة مبدأ الشفافية أو العدالة في توزيع الدعم”، مضيفا أن “الرئيس يحاول دائما تغليف هذه الممارسات بغلاف قانوني، لكنه يوظف النصوص بطريقة تخدم مصالحه الخاصة، في ما يشبه ما يسمى بـ”القانون المقرون بالسياسة”.

وأبرز المستشار أن هذه الجمعيات التي تحظى بالدعم المالي من ميزانية الجماعة لا تنشط إلا بشكل موسمي، وغالبا ما تقتصر أنشطتها على فترات المهرجانات والمناسبات الاحتفالية، مشيرا إلى أن “ذلك يكشف أن الهدف ليس التنمية الثقافية أو الاجتماعية، بل بناء شبكة انتخابية تعتمد على المال العام”.

وختم مريوت تصريحه بالتأكيد على أن “المرحلة المقبلة تفرض فتح تحقيق دقيق في طرق صرف الدعم العمومي وتقييم مردودية هذه الجمعيات”، داعيا السلطات الوصية إلى “وضع حد لأي شكل من أشكال استغلال المال الجماعي لأغراض انتخابية أو شخصية، حفاظا على نزاهة التسيير ومصداقية العمل الجماعي”.

وفي تصريحه لجريدة العمق المغربي، أوضح رشيد بهلول، رئيس جماعة رأس العين الشاوية، أن انخراط المواطنين في جمعيات المجتمع المدني يعد حقا دستوريا وقانونيا مكفولا للجميع دون استثناء، مشيرا إلى أن هذا الحق يشكل إحدى ركائز العمل الديمقراطي التشاركي الذي نص عليه الدستور المغربي، ويهدف إلى إشراك مختلف فئات المجتمع في تدبير الشأن المحلي والمساهمة في التنمية المجتمعية.

وأكد بهلول أن الحديث عن وجود “تضارب مصالح” بين الجماعة والجمعيات التي تضم بعض أقاربه لا يستند إلى أي أساس قانوني، موضحا أن شقيقه يرأس الجمعية الخيرية الإسلامية لدار الطالب والطالبة برأس العين، وأن انتخابه تم بطريقة ديمقراطية وشفافة من طرف المنخرطين، باعتباره أستاذا متقاعدا يتمتع بخبرة واسعة في مجال التربية والتسيير الإداري.

وأضاف أن الجمعية المذكورة ليست حديثة العهد، بل تأسست منذ سنة 2013، وتربطها شراكة واضحة ومعلنة مع الجماعة، وهي شراكة معروفة لدى جميع أعضاء المجلس الجماعي وتمت وفق المساطر القانونية المعمول بها.

وشدد المتحدث ذاته على أنه لا وجود لأي حالة تناف بين مهامه كرئيس جماعة وبين هذه الشراكات، مذكرا بأن الفصل 65 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية ينظم هذا النوع من العلاقات بشكل دقيق، ولا يمنع التعاون أو الشراكة مع جمعيات يرأسها أشخاص من الأقارب ما دامت الأمور تتم في إطار الشفافية والالتزام بالقانون.

كما أشار بهلول إلى أن بعض الجمعيات الأخرى في المنطقة، مثل تلك التي تأسست سنة 2003 وتضم أقاربه من بينهم خاله، تشتغل منذ سنوات طويلة في تنظيم المواسم السنوية والمبادرات الثقافية والاجتماعية، وتربطها بدورها شراكات مع الجماعة في إطار دعم الأنشطة المحلية التي تخدم الساكنة.

وفي سياق متصل، كشف رئيس الجماعة أن عددا من أعضاء المجلس سبق لهم أن وجهوا شكاية إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء حول هذا الموضوع، مما استدعى تدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي فتحت تحقيقا في الأمر.

وأوضح أن هذا التحقيق يعكس حرص المؤسسات على ضمان الشفافية والنزاهة في تدبير الشأن المحلي، مؤكدا في الوقت نفسه ثقته في العدالة المغربية وفي سلامة جميع الإجراءات التي اتخذت من طرف الجماعة وشركائها الجمعويين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *