سياسة، مجتمع

ملف الهدم “يشعل” مجلس الرباط.. المعارضة تنتقد والأغلبية تتهم مهداوي بـ”التحريض”

شهدت أشغال دورة ماي العادية لمجلس جماعة الرباط، المنعقدة اليوم الثلاثاء، توترا ملحوظا بسبب النقاش الحاد حول ملف الهدم الذي تعرفه أحياء المحيط والسانية الغربية، بعدما بادر المستشار الجماعي عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاروق مهداوي، إلى إثارة الموضوع، رغم غيابه عن جدول الأعمال الرسمي، حيث وجه مهداوي انتقادات مباشرة إلى الأغلبية المسيرة، متهماً إياها بانعدام الانسجام والصمت إزاء معاناة الساكنة.

تدخل مهداوي فجّر ردود فعل قوية من طرف أعضاء الأغلبية، الذين اتهموه بـ”التمادي في السب والمزايدات والدعوة إلى الفوضى”، ما زاد من حدة التوتر داخل الجلسة. ورافق هذه اللحظة احتقانٌ إضافي حينما قاطع عدد من الحضور، الذين قالوا إنهم من سكان الأحياء المتضررة، مداخلة المستشار، مرددين في وجهه اتهامات مباشرة من قبيل “السرقة” و”الكذب”، ومنعوه، رفقة عدد من الموظفين، من استكمال حديثه سواء داخل قاعة المجلس أو أمام وسائل الإعلام.

المحتجون، الذين وصفهم مهداوي لاحقاً بـ”البلطجية”، هاجموه بشعارات تفيد بأنه “ضد الإصلاح”، ويتبنى مواقف “معارضة للسلطة” و”ينتمي لحركة 20 فبراير”، في حين ردّ مهداوي بالإشارة إلى أن بعض من “البلطجية أمثالهم” أصبحوا اليوم مستشارين داخل نفس المجلس، منتقد أن يصل الوضع بالمجلس إلى استجلابهم.

وفي سياق الجدل، أكد عبد الإله الإدريسي البوزيدي، رئيس مقاطعة أكدال-الرياض، خلال حديثه بالمجلس، أن “المزايدات لا تخدم النقاش العام، بل تسيء إلى صورة المؤسسة المنتخبة”، مشدداً على ضرورة التزام الأعضاء بالسلوك الأخلاقي والوطني، والدفاع عن قضايا المواطنين انطلاقا من مدينة الرباط، دون لجوء إلى “الشعارات الكاذبة أو الأكاذيب السياسية”، بحسب تعبيره.

وأضاف البوزيدي أن “مدينة الرباط عرفت تطوراً كبيراً في شتى المجالات، باعتراف الخصوم قبل الأصدقاء، وما يحدث في حي المحيط سيعود بالنفع على الساكنة في الأمد القريب”، داعياً إلى تغليب المصلحة العامة على حساب التوترات السياسية والمزايدات الخطابية.

من جانبه، أعرب إدريس الرازي، رئيس مقاطعة أكدال-الرياض، عن استغرابه مما اعتبره “دعوة صريحة من مهداوي إلى التظاهر ضد المجلس”، مستنداً إلى تدوينة نشرها الأخير عشية الدورة، وصف فيها دورة ماي بـ”دورة العار”، متهماً الأغلبية بـ”العجز عن إدراج القضايا الحيوية ضمن جدول الأعمال”، ومعلنا دعوته إلى “احتجاج حضاري سلمي ضد غطرسة السلطة وتواطؤ المجلس”.

واعتبر الرازي أن “ما تضمنته تدوينة مهداوي من معطيات حول معاناة الساكنة غير دقيق ويهدف إلى تغليط الرأي العام”، متهما إياه بـ”تبخيس مجهودات المجلس المنتخب”، لكنه عاد ليصف النقاش الذي أثاره مهداوي بـ”النقاش الصحي”، داعيا إلى فتح حوار مسؤول مع الرأي العام المحلي لتوضيح خلفيات قرارات الهدم ومرجعياتها القانونية.

الرازي أقر أيضا بأن “السماح لبعض الأطراف بالخروج إلى الصحافة بغرض السب والقذف كان خطأً من طرف بعض المستشارين”، مضيفاً أن “السلطة تم وضعها في الواجهة فيما توارى المنتخبون إلى الخلف”، وهو ما اعتبره “اختلالاً ينبغي تصحيحه”، قبل أن يختم بتوجيه خطاب مباشر لمهداوي قائلاً، “كفى يا سي فاروق، لقد أهنتنا كثيراً وشتمتنا كثيراً، ولا يمكننا أن نستمر في هذا الجو المتشنج”.

يُذكر أن الجدل المثار حول قرارات الهدم بمدينة الرباط يُقابل باستياء في صفوف عدد من الفعاليات المحلية، التي تتهم السلطات بـ”العبث بحقوق المواطنين وممارسة الضغط لإخلاء ممتلكاتهم”، في حين تؤكد الجهات الرسمية أن الإجراءات تتم في إطار القانون، وتستند إلى مقتضيات تتعلق بالمصلحة العامة وإعادة هيكلة الأحياء العشوائية بما يحفظ كرامة الساكنة ويؤمن ظروف عيش أفضل.

يشار إلى أن فاروق مهداوي المستشار عن فريق فيدرالية اليسار، قد وجهت ضده عدد من الشكايات من قبل موظفين بالمجلس بلغ عددها لحدود الساعة، 9 شكايات، تم الاستماع له في ثلاث منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *