منتدى العمق

تفعيل الدبلوماسية الحزبية المغربية: واجب وطني بصبغة يسارية اشتراكية

 

يشكل الخطاب الملكي السامي، الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس في 11 أكتوبر 2024 بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، دعوة صريحة ومباشرة إلى تفعيل الدبلوماسية الحزبية في قضية الصحراء المغربية. هذه الدعوة تأتي في وقت بالغ الأهمية، حيث شهد المشهد السياسي الجنوب إفريقي تحولًا تاريخيًا تمثل في إعلان حزب “رمح الأمة” (MK)، ذي الجذور المانديلية وبقيادة جاكوب زوما، دعمه المطلق للسيادة المغربية على الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع. هذا الموقف يتناقض بشكل لافت مع الخط الرسمي لجوهانسبورغ الداعم لجبهة “البوليساريو”، ويفرض على جميع الأحزاب المغربية، وفي مقدمتها الأحزاب اليسارية الاشتراكية، استجابة استراتيجية وفعالة.

تحول “رمح الأمة” وآفاقه الإفريقية

وثيقة “شراكة استراتيجية من أجل الوحدة الإفريقية والتحرر الاقتصادي والسلامة الترابية” الصادرة عن حزب “رمح الأمة” ليست مجرد بيان سياسي، بل هي رؤية شاملة لشراكة إفريقية رائدة. تستند هذه الرؤية إلى قيم مشتركة وتوازيات تاريخية عميقة، لاسيما في سياق النضال ضد الاستعمار والفصل العنصري. إن دعم الحزب للمغرب يعكس فهمًا تاريخيًا عميقًا، ويبرز المسيرة الخضراء كـ”فعل سلمي وقوي لإنهاء الاستعمار”، معتبراً مبادرة الحكم الذاتي “بديلًا واقعيًا” لإنهاء الصراع. هذا التوجه يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الجيوسياسي، الاقتصادي، والثقافي بين بلدين محوريين في القارة.

هذا التحول في الموقف الجنوب إفريقي، خصوصًا من حزب له ثقل سياسي كبير ويُتوقع أن يلعب دورًا مؤثرًا في السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا بعد التغيرات الأخيرة في حكومة الوحدة الوطنية، يمثل فرصة تاريخية لا يجب تفويتها للمغرب. إن عدم احتكار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لدفة السياسة الخارجية يمهد الطريق لمواقف جديدة ومراجعة شاملة للعلاقات الإفريقية، مما يعزز من ضرورة انخراط كافة الفاعلين المغاربة.

الدبلوماسية الحزبية: واجب وطني ملح

يؤكد الخطاب الملكي على أن تفعيل الدبلوماسية الحزبية أصبح واجبًا وطنيًا حتميًا في المرحلة المقبلة لمواصلة تعزيز الموقف المغربي. فالدعوة إلى تضافر جهود كل المؤسسات والهيئات الوطنية، “الرسمية والحزبية والمدنية”، تعكس إيمانًا راسخًا بأهمية انخراط جميع الفاعلين في الدفاع عن القضية الوطنية.

تتمثل أهمية الدبلوماسية الحزبية في قدرتها على:

• مد جسور التواصل: بناء علاقات قوية مع الأحزاب السياسية والبرلمانات في الدول الأخرى لتعميق فهمها للقضية المغربية.

• حشد الدعم: تعبئة التأييد لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وذو مصداقية.

• تفنيد الأكاذيب: مواجهة الدعاية المغلوطة وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول النزاع المفتعل.

• التأثير على القرار: المساهمة الفعالة في تشكيل الرأي العام والسياسات الخارجية للدول الصديقة والشريكة.

دور الأحزاب اليسارية الاشتراكية: قيادة الاستجابة

تكتسب هذه الدعوة أهمية خاصة بالنسبة للأحزاب اليسارية الاشتراكية المغربية. فالعلاقة التاريخية بين الحركة اليسارية المغربية والحركات التحررية الإفريقية، ومنها حركة نيلسون مانديلا التي أسست حزب “رمح الأمة”، تفرض عليهم مسؤولية تاريخية في التفاعل الإيجابي مع موقف هذا الحزب. يمكن لأحزاب اليسار المغربي أن تستثمر هذا التحول في:

• تعزيز الحوار المباشر: فتح قنوات تواصل مباشرة مع حزب “رمح الأمة” وغيره من الأحزاب التقدمية في جنوب إفريقيا والقارة الإفريقية لتوسيع النقاش حول قضية الصحراء في سياق التحرر والوحدة الإفريقية.

• بناء تحالفات متينة: العمل على تشكيل جبهات برلمانية وحزبية إفريقية تدعم مبادرة الحكم الذاتي وتساهم في عزل الأطروحات الانفصالية التي تعرقل التنمية القارية.

• تأطير الموقف الاشتراكي: تقديم رؤية متكاملة لمغربية الصحراء من منظور يساري يربطها بالتحرر الاقتصادي والتنمية المستدامة، وهي قيم تتماشى مع رؤية حزب “رمح الأمة” ومع تطلعات الشعوب الإفريقية نحو العدالة الاجتماعية والازدهار.

• تبادل الخبرات التنموية: التعاون مع الحزب الجنوب إفريقي في مجالات التنمية الاقتصادية المشتركة، خاصة في الأقاليم الجنوبية، بما يخدم مصالح الشعبين والقارة.

إن الالتزام بهذه المبادئ من شأنه أن يمنح الدبلوماسية الحزبية المغربية، وخاصة من طرف مكوناتها اليسارية الاشتراكية، دفعة نوعية، ويضعها في صميم دينامية إفريقية تسعى إلى بناء مستقبل “بأيدي الأفارقة ومن أجل الأفارقة”، كما تطمح وثيقة “رمح الأمة”.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مغربي حر
    منذ شهرين

    أرى رؤية حزب me الجنوب الافريقي.على انه يسير في خطى ثابتة بخصوص مواقفه.من قضيتنا الوطنية الثابتة والشرعيةالتي تنبني على المنطق والواقع الذي لاجدال فيه .وما دام هذا الحزب يعترف ويسير على النهج الصحيح والواضح من أجل الدفاع عن وحدتنا الوطنية. التي لاغبار عليها.فاني أرى من واجبنا ان نتعامل مع هذا الحزب الجنوب الافريقي الذي يعترف لنا بوحدتنا الترابية لاقاليمنا المسترجعة. بموجب الشرعية الدولية والتاريخ والمنطق. ونحن لانصفد الأبواب في حزب او دولة تعترف بوحدتنا الترابية.ونحن نشجع كل من ساندنا في حقنا المشروع وناخذ بيده ونزوده بالوثايق التاريخية والحجج الكاملة.حتى يعلم أن المغرب دولة منفتحة على جميع دول العالم في إطار الواقية والمصداقية لتحقيق وازدهار القارة الافريقي.في النماء والازدهار. ونحن على المنوال سايرون.في خطى ثابتة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه وسدد خطاك والله ولي التوفيق وبالاجابة جدير