مجتمع

منا أمير ومنكم أمير: حادث السقيفة – الحلقة 10

عودة إلى أصول الخلاف الذي أحدث التحول التاريخي في حياة الإسلام

بالنسبة للرواة والمؤرخين، عدت واقعة “سقيفة بني ساعدة”، نقطة تحول تاريخي في حياة الإسلام التي لازالت ترخي بظلالها على العالم الإسلامي إلى الآن. طرحت الواقعة إشكالية الخلافة، وسؤال من له أحقية خلافة المسلمين، وقضية الشورى، كإحدى أهم نقاط الخلاف التاريخي الديني الذي أوقع تصدعا بين المسلمين، ليفرقهم بين سنة وشيعة.

هي عودة تاريخية، نحن بحاجة إليها اليوم، لفهم ما جرى خلال وقائع حادثة السقيفة، سقيفة بني ساعدة، رغم اختلاف الروايات بشأنها، أين جرت أول مفاوضات علنية بين المسلمين لاختيار ومن يقوم على سياستهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، نوردها بقراءات الأطراف المتصارعة.

10- قصة وصية الرسول بالخلافة لعلي بن أبي طالب

هي قصة يتداولها الشيعة في سياق رفضهم البيعة لأبي بكر الصديق، فيما تعتبرها السنة قصة باطلة. لا أصل لها في الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما يشيرون (السنة) بأن الأدلة الكثيرة كانت تشير إلى أن خليفته هو أبو بكر الصديق، رغم أن النبي (ص) لم ينص على ذلك نصا صريحا، ولم يوص به وصية قطعية.

ويستند أهل السنة إلى أن الرسول الكريم أمر “بما يدل على ذلك”، مستحضرين في هذا السياق، أمر الرسول لأبي بكر بإمامة الناس عند مرضه، وحين ذكر له الخلافة بعده، قال عليه الصلاة والسلام: “يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر”، وهكذا يفسرون مبايعة الصحابة، ومن جملتهم علي رضي الله عنه، وأجمعوا على أن أبا بكر أفضلهم، وهذا ما بسطه ابن تيمية في كتابه “منهاج السنة”.

ورد في في حديث ابن عمر أن الصحابة كانوا يقولون في حياة النبي: “خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان”، وأن النبي (ص) كان يقرهم على ذلك، وتواترت الآثار عن علي بن أبي طالب: “خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر”، وقوله: “لا أوتى بأحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري”، ولم يدع يوما لنفسه أنه أفضل الأمة، ولا أن الرسول (ص) أوصى له بالخلافة، ولم يقل أن الصحابة ظلموه وأخذوا حقه.

ويوردون، إنه حينما توفيت فاطمة، بايع علي أبا بكر الصديق بيعة ثانية تأكيدا للبيعة الأولى، وإظهاراً للناس أنه مع الجماعة، حسب ما أورده ابن تيمية، وليس في نفسه شيء من بيعة أبي بكر، ولما طعن عمر وجعل الأمر شورى بين ستة من العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن جملتهم علي بن أبي طالب، لم ينكر على عمر ذلك، ولم يقل إنه أولى منهم جميعا. وإنما كان الإجماع على صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ويوردون اعتراف علي بن أبي طالب بذلك، وتعاون معهم جميعا في الجهاد والشورى وغير ذلك، ومن هذا المنظور، فإنهم يرفضون بشكل قاطع ما يصفونه ب”الادعاءات” التي تجعل عليا وصيا، ومن أن الخلافة قبله باطلة، كما أنهم يرفضون القول بأن الصحابة ظلموا عليا وأخذوا حقه، إذ يعتبرونه قولا من “أبطل الباطل”، ومن سوء الظن بأصحاب الرسول الكريم بمن فيهم علي بن أبي طالب.