ملاحظات حقوقية حول اعتقال المؤرخ الجزائري – الفرنسي بوعلام صلصال

سقوط ورقة التوت عن ادعاءات الحياد والموضوعية والإستقلالية
✓✓ ملاحظات حقوقية حول اعتقال المؤرخ الجزائري – الفرنسي بوعلام صلصال ، سقوط ورقة التوت عن ادعاءات الحياد والموضوعية والإستقلالية :
** بقلم سعيد ألعنزي تاشفين عضو المجلس الوطني لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مبدئيا لا يمكن اعتبار الرصد الحقوقي لقضايا دولية ، على قاعدة تسجيل الخروقات أو الإنتهاكات ، مجرد ترف معرفي يمارسة المجتمع المدني الدولي باسم المنظمات غير الحكومية ( ONG ) . بالأحرى ؛ إنه من أهم أدوات ملاحظة مسارات حقوق الإنسان لدى كل دول المعمور ضمن قياس مدى تحضر الدول ومدنيتها . لهذا لعبث المنظمات الحقوقية الدولية أدوارا دقيقة في رصد انتهاكات حقوق الإنسان في تجارب دولية متعددة ، وما كانت تقدمه من تقارير حقوقية حيال تعامل الدول والأنظمة مع ما تعتبره خروفات وانتهاكات كاف لتتبع حضور الحياد والموضوعية الحقوقيين في صياغة التقارير الحقوقية وتسجيل رصد الوضعيات . وفي مقدمة المنظمات الحقوقية الدولية التي سبق لها أن أصدرت تقارير خاصة حول وضعيات معينة لحقوق الإنسان أستحضر منظمة العفو الدولية ( Amnesty international ) ، وهيومان رايتس واتش ( Humain Nights Watch ) ، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ( OHCHR ) ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر ( ICRC ) ، ومنظمة هيومن رايتس فيرست ( Humain Rights First ) ، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ( FIDH ) ؛ وكلها تصدر تقارير مختلفة ضمن الأنواع التالية مثالا لا حصرا :
– تقارير الرصد والتوثيق ( Monitoring and documentation reports )
– التقارير السنوية ( Annual reports )
– تقارير الظل ( Shadow reports )
– تقارير التقييم أو التقارير النوضوعاتية ( Thematic reports )
– تقارير التوصيات والمتابعة ( Follow – Up reports )
– تقارير الإستعراض الدوري الشامل ( UPR reports )
– تقارير الطواريء أو التقارير العاجلة ( Urgent reports )
ومن قواعد صياغة التقارير الحقوقية ضرورة الإلتزام بحزمة من الشروط – المتفق عليها دوليا – في ٱليات اشتغال الرصد الحقوقي وفق قواعد الشُّرعة الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان ؛ ومنها :
– الحياد والموضوعية ..
– الدقة في المعلومات ..
– التوثيق بالأدلة ..
– الإستناد إلى مرجعيات قانونية ..
– إحترام المعايير الأخلاقية ..
– الوضوح والتنظيم ..
– التحليل العميق للأحداث وليس السرد اللفظي ..
– صياغة توصيات واضخة وقابلة للتنفيد ..
– الإعتماد على المنهجية العلمية في إنجاز المقابلات والملاحظات الميدانية واستنطاق التقارير السابقة ..
– المصداقية والإستقلالية ..
– تفادي الإنتقائية والمحاباة ..
* لماذا صمت المنظمات الحقوقية الدولية التي كانت تُقيم الأرض ولا تُقعدها في نوازل أخرى ضمن شبهات خرق حقوق الإنسان وانتهاكها :
* المعتقل الجزائري بوعلام صنصال يفيد بالدليل عدم حياد المنظمات الحقوقية الدولية :
لجأت الدولة الجزائرية إلى اعتقال المؤرخ الجزائري بوعلام صنصال لمدة سبعة أشهر قبل صدور الحكم القضائي الإبتدائي ، سعيا منها إلى لجم صوته العلمي الشجاع في تقديم قراءة تاريخية أكاديمية ، من موقعه الجامعي ، حيال الذاكرة الترابية للجزائر بما أثار حفيظة الدولة الجزائرية التي ضاقت درعا من حقائق التاريخ التي تنسف الحدود الموروثة عن الإستعمار ، سيما أن الناطق بها – هذه المرة – مؤرخ جزائري جامعي وكاتب حاصل على الجنسية الفرنسية ، وما فتيء يستنطق التاريخ قصد نقل الحقائق كما هي بعيدا عن توازنات الرواية الرسمية التي يعتمدها نظام العسكر المرادي في مضمار التماهي مع زيف أطروحة الحدود الموروثة عن الإستعمار التي تخدم احتلال الجزائر الفرنسية لأراضي الجيران خاصة صحراء المغرب الشرقية .
وما قدرة الأكاديمي بوعلام صنصال على نقل حقيقة تاريخ الصحراء الشرقية إلى ساحة الإعلام والصحافة إلا فيضا من غيض ضمن ألاف الوثائق والمستندات التي تتوافر عليها فرنسا والتي تفيد أن المغرب تعرض لأكبر عملية ” إختلاس ترابي ” من لدن الدولة الفرنسية منذ القرن التاسع عشر مباشرة غذاة معاهدة لالة مغنية عام 1845 ، وذلك في معرض انتزاعها للأراضي المغربية ومنحها زورا لفرنسا الثانية ( أي الجزائر ) خدمة لرهانات المجال الحيوي الفرنسي وفق مخططات التوسع الجيو – ستراتيجي تنزيلا لأجندات الكولونيالية الفرنسية التي وسّعت حدود الإيالة العتمانية ( أي الجزائر ) لكونها امتدادا مباشرا لقوة الدولة الفرنسية الإمبريالية التي خاضت حربا مباشرة ضدا المغرب في واقعة إسلي عام 1844 التي مهدت لاتفافية لالة مغنية التي منحت ظلما الصحراء الشرقية للكيان الجزائري وفق مخطط إضعاف المغرب ( المملكة الشريفة ) بصفته الخصم التاريخي لدول شمال البحر الأبيض المتوسط وفي مقدمتها فرنسا .
ورغم خطورة الإنتهاك الذي طال بوعلام صنصال من خلال اعتقال تحكمي وشطط بيّن في سلب الحق في حرية التعبير ، عبر استصدار حق باحث أكاديمي في إعادة مساءلة الذاكرة التاريخية للدولة الجزائرية ؛ أرصد صمتا مطبقا من لدن المنظمات الحقوقية الدولية ، خاصة من جهة منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس واتش ، بما يمس مباشرة مبدأ العدالة الحقوقية الدولية ويخدش مبدأ الحياد في ممارسة الرصد الحقوقي . وها هي المنظمات الحقوقية الدولية ، التي كانت تدين بقوة وعبر تقارير تختلط فيها لغة حقوق الإنسان بلغة أجندات الهيمنة والتوازنات الكبرى أحيانا ، تنفضخ وهي تنهج تكتيك الصمت المريب الذي يمس بقواعد التتبع المحايد لكل الخروقات والإنتهاكات التي تطال حقوق الإنسان بالعالم ، حيال الحكم القائم على متابعة باطلة ضد مؤرخ وجامعي صرح بما يختزنه أرشيف التاريخ من حقائق صامدة فوق كل تأويل سياسي جارف . وعليه أتساءل :
– ما الذي حال دون قدرة منظمة العفو الدولية ، ومعها هيومان رايتس واتش ، على إصدار موقف مناسب لحجم الإنتهاك الحقوقي الذي استهدف مؤرخا لم ” يرتكب ” غير حقه في التعبير عن الرأي وفق مرجعيات كتب التاريخ ومستندات الأرشيف ؟!
– كيف تصمت كل المنظمات الحقوقية الدولية من فضح ما تعرض له بوعلام صنصال من شطط بارز ؛ أولا باعتقال تحكمي ضدا على قرينة البراءة المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان ، وثانيا باستصدار دولة الجزائر لحكم قضائي مجحف ضد متهم زورا كل «جرمه » نقل حقائق الأرشيف التاريخي إلى ساحة الإعلام والصحافة ، وفق رؤية أكاديمية علمية ، في سياق انحباس مناخ حرية التعبير في قفص الإستبداد الدولتي لنظام المرادية الذي تعجز أهم المنظمات الحقوقية الدولية عن إصدار تقارير تدين وتستنكر مساسه المكشوف بحرية التعبير والفكر ، على عكس ما يقع في نوازل أخرى بدول الجوار ، وبما يشرعن – حقوقيا واخلاقيا – إمكانية الطعن في تقارير هذه المنظمات غير العادلة في تتبع ورصد خروقات وانتهاكات حقوق الانسان في تجارب الأنظمة والدول المقارنة بنفس الأسلوب وبالمنهجيات نفسها .
– هل نحن فعلا أمام اختراق جزائري لأهم المنظمات الحقوقية الدولية لدرجة نهج الصمت المشبوه حيال انتهاك حقوق الإنسان في نازلة مؤرخ وأكاديمي كل ذنبه أنه فكر جهرا وعبر عما يؤمن به سلميا ودون أي عنف مفترض . أم كيف يمكن جدلا تفسير انعدام أية مواكبة حقوقية دولية لمحاكمة صنصال من لدن المنظمات الحقوقية الدولية المعروفة التي لا تحبس نفسا في معرض مراقبتها لوضعيات حقوق الإنسان في حالات أخرى لدى أنظمة ودول مجاورة للجزائر ؟! وبأشكل مفضوحة على نقيض هذا الصمت المتواطيء مع نظام عسكري توتاليتاري يسخر القضاء للجم صوت مؤرخ وكاتب رأي .
– كيف تعجز أهم المنظمات الحقوقية الدولية عن إدانة الحكم الصادر ضد حرية التعبير والفكر في نازلة صنصال ، ذلك أن متابعة هذا المؤرخ والكاتب ( بوعلام صنصال ) بتهم خطيرة بدرجة جنايات يفيد حصول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أمام مرأى ومسمع من المنتظم الدولي ومن هذه المنظمات الحقوقية الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان دون تحيز أو محاباة .
وهذه هي المتابعة التي سطر القضاء الجزائري ضد مؤرخ وكاتب لم يرتكب أي اعتداء على النظام العام ، اللهم في دولة تعتبر حرية التعبير والفكر جرائم تمس أمن الدولة وعلى رؤوس الأشهاد من رجالات منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس واتش .
توبع بوعلام صنصال من قبل القضاء الجزائري ب :
– 1 ) المساس بسلامة وحدة الوطن .
– 2 ) إهانة هيأة نظامية .
– 3 ) القيام بممارسات من شأنها الإضرار بالإقتصاد الوطني .
– 4 ) حيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والإستقرار الوطني .
هذا ؛ ولقد أصدرت المحكمة الإبتدائية بالجزائر حكما يقضي بالحبس خمس سنوات في حق بوعلام صنصال ، وهو نفسه المقرر الذي أصدرته محكمة الإستئناف التي أيدت الحكم الإبتدائي ؛ رغم أن المحكوم يبلغ من العمر ثمانين عاما ، ورغم أنه لك يرتكب أي فعل جرمي ؛ وهو الكاتب المشهور والجامعي والمؤرخ الأكاديمي .
وختاما : أين حياد وموضوعية المنظمات الحقوقية الدولية التي تنتفض ضد دول بعينها ، ثم تبتلع لسانها أمام خروقات وانتهاكات جسيمة تطال حرية التعبير والفكر في تجارب أخرى كما يحصل مع وضعية بوعلام صنصال الذي يقضي عقوبة سجنية في غياب تام لأدنى شروط المحاكمة العادلة بالشروط المتعارف عليها دوليا ؟! فهل إلى هذه الدرجة حصل اختراق أهم المنظمات الحقوقية الدولية من لدن نظام البيترو – دينار العسكري !! أم فقط صدفة عابرة من طرف هذه المنظمات الحقوقية الدولية ، وإن كانت الصدفة لا تحكم ٱليات اشتغالها وفق ما يُرصد في وضعيات مختلفة ضمن التحليل الدولي المقارَن بما يكشف التحامل هنا والمحاباة و الصمت هناك ؛ وهذه لعمري أكبر سقطة يمكن أن تنسف حياد وموضوعية الرصد الحقوقي الدولي .
اترك تعليقاً